بالنسبة الى عدد كبير من الشباب الجزائري أصبح موسم الصيف لا يعني بالضرورة الراحة والاستجمام، فهم يعتبرونه الفرصة الذهبية لتحصيل القليل من المال من خلال العمل الموسمي الذي يساهم ايضاً في ملء أوقات الفراغ القاتلة التي تفرضها حرارة الصيف، وقلة الإمكانات المادية. وإذا كان بعضهم يختار العمل في المقاهي والمطاعم وقاعات الأفراح أو بدرجة أقل في الإدارات، فان بعضهم الآخر يشق طريقه نحو المدن الساحلية وخصوصاً العاصمة ووهران وعنابة، أملاً في العثور على فرصة عمل موسمية على شاطئ البحر أو في المسابح الخاصة والفنادق. جديد الأعوام الأخيرة، صنعته بعض الفتيات وخصوصاً الطالبات منهن اللواتي اقتحمن كل المجالات واصبحن لا يجدن حرجاً في العمل جنباً إلى جنب مع الرجال في كل المهن. ومثال على ذلك مهنة حراسة المسابح العامة حيث ارتفع عدد الفتيات اللواتي اخترن هذا العمل مقارنة بالسنوات الماضية. واكثر من ذلك، أصبحت غالبية المسابح الصيفية تشتهر ب"حارساتها"، ما جعل المسؤولين عليها يتسارعون إلى توظيف أجملهن شكلاً وطبعاً أكثرهن كفاءة. أمينة 23 عاماً واحدة من الفتيات اللواتي اخترن مسبح "كيفان كلوب" في العاصمة للعمل طوال موسم الصيف كحارسة سباحة. فهي تعتبر أن هذه الوظيفة تتلاءم مع شخصيتها الاجتماعية، فضلاً عن أنها تحب السباحة، وتحب أيضاً حراسة الأطفال على وجه الخصوص، وأضافت: "صحيح أنني أتعرض نوعاً ما لمعاكسات الشباب، لكنني لا أبالي بذلك إطلاقاً، فأنا أؤدي عملي فقط مثل أي شاب آخر، ولا أظن أن هذه المضايقات من شأنها أن تمنعني من أداء واجبي". أما ليندا 24 عاماً فقررت هي وصديقتها ريم أن تبدأ حياتها المهنية في موسم الصيف بعد أن أنهت الدراسة في "جامعة باب الزوار للعلوم والتكنولوجيا". وإذا كانت ليندا لم تجد عملاً يليق بشهادتها الجامعية، فإنها لم تجد حرجاً في العمل كمضيفة في أحد أكبر فنادق العاصمة. وقالت: "اعترف بأنني أشعر بقليل من الإحباط لأنني أعمل كمضيفة، لكن لا بأس سأعمل فقط في موسم الصيف، ثم سأبحث عن عمل آخر". وهنا قاطعت ريم الحديث لتوضح: "أنا على العكس سعيدة جداً بهذا العمل لأنه يسمح لي بالتعرف الى أناس من مختلف الجنسيات، وأكثر من ذلك أنا أعمل على تحسين مستوى لغتي الإنكليزية من خلال التعامل مع الزبائن الأجانب". وإذا كانت المسابح والفنادق الكبيرة تخطف اهتمام الكثير من الشباب الباحثين عن عمل موسمي، والباحثين أيضاً عن ال"برستيج"، فان الشواطئ تبقى من دون منازع الوجهة الأولى لغالبية اليد العاملة الشابة، ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى الإقبال الكبير الذي تشهده هذه الأخيرة طوال موسم الصيف. على كل حال هذا هو السبب الرئيسي الذي أشار إليه وحيد حموم الطالب في كلية الحقوق عند حديثه عن مهنته كبائع مثلجات في منطقة دواودة البحرية. واعتبر وحيد أن المناطق الساحلية أحسن مكان للعمل الصيفي: "أعمل في هذه المنطقة منذ ثلاثة أعوام. انه عمل بسيط جداً لكنه رائع لأنني أتعامل مباشرة مع الناس وأتعرف إليهم، كما أنني في كل مرة أتعرف إلى شباب مثلي اختاروا العمل في الصيف سواء كبائعي مثلجات أو أعوان إنقاذ أو في المقاهي. وعند العودة الى العام الجامعي تتحول علاقتنا إلى علاقة زمالة". أما مراد بوكعباش 19 عاماً فقد اختار مدينة جيجل الساحلية التي تبعد 300 كيلومتر شرق العاصمة، ليقضي فيها موسم الصيف من أول أيامه حتى نهايته. لكن اللافت في قصة مراد انه فضل العمل الخيري، في إطار جمعية تعمل على مساعدة الشباب على الزواج من خلال تنظيم حفلات زواج جماعية. وقال: "لقد اخترت العمل الخيري، لأنني بصراحة لا أريد أن أدخل إلى عالم الشغل مبكراً، وأتذوق طعم المال. أظن أنني سأجد صعوبة في العودة إلى المقعد الجامعي بعدها، لذلك قررت وبعض أصدقائي الانضمام إلى جمعية خيرية". وأضاف: "هناك عدد كبير من الشباب الذين يفضلون مثلي التبرع بجهودهم وأوقاتهم لمصلحة الأعمال الخيرية، فهناك من ينضم إلى الكشافة وهناك من يختار العمل في إطار الهلال الأحمر الجزائري". هذا الاقبال المتزايد على الاعمال الموسمية في الجزائر يعكس بوضوح رغبة الشباب الممتلئة في اثبات ذاتهم في مهن مهما كان مستواها اجتماعياً. فالبطالة التي تطاول شريحة كبيرة من الشباب ونسبتهم تفوق 75 في المئة من المجتمع لم تترك لهم الخيار في عالم العمل ما جعل خريج كلية الطب يعمل بائعاً في محل تجاري، وخريج كلية الهندسة لا يجد حرجاً في العمل سائق سيارة أجرة.