عاد الهدوء الى المناطق التي شهدت مواجهات دامية بين القوات الحكومية اليمنية والمتمردين اتباع حسين بدر الدين الحوثي في محافظة صعدة شمال، بعدما تمكنت القوات الحكومية من السيطرة الكاملة على مواقع وتحصينات "الحوثيين" في جبال مران والقرى والمرتفعات المحيطة بها في منطقة حيدان بعد اسبوعين من المواجهات راح ضحيتها 120 قتيلاً معظمهم من اتباع الحوثي وجرح العشرات من الجانبين. ولا يزال الحصار مفروضاً على قريتين يعتقد ان الحوثي يختبئ في احداهما. وكان الرئيس اليمني علي عبدالله صالح التقى اول من امس جمعاً من العلماء والفقهاء معظمهم ينتمي الى المذهب الزيدي في اليمن، للبحث في تطورات تمرد الحوثي وما ألحقه من أضرار جسيمة بأمن المواطنين في محافظة صعده. ولوحظ ان الرئيس صالح كان حاسماً في حديثه، اذ عرض ما ارتكبه الحوثي وشرح كيف ان الدولة تعتبره "انتهاكاً صارخاً للدستور والقانون والثوابت الوطنية ويعكس مخططاً لإثارة الفتنة الطائفية والمذهبية"، بما في ذلك قيام الحوثي واتباعه المتطرفين بإنزال علم الجمهورية اليمنية ورفع علم أحد الاحزاب في دولة شقيقة في اشارة الى علم حزب الله اللبناني و"هذا اؤكده أنا لكم، وبعد ايام سيتم كشف الحقائق كاملة ولعنة الله على الكاذبين". وقال صالح: "كنت ادعم الحوثي اعتقاداً مني بأنه يدرس العلم ويكرس الاعتدال والوسطية ويناهض الغلو واذا به عكس ذلك تماماً". وطالب علماء الزيدية بإقناع الحوثي بإنهاء تمرده فوراً وتسليم نفسه "وانا اضمن له محاكمة عادلة ولكم الحق في اختيار محامين للدفاع عنه"، مؤكداً انه "لا توجد هناك سياسة ضد المذهب الزيدي او ضد الهاشميين" وانما هو الحوثي "اساء اليكم والى ادوار الهاشميين الوطنية التي لا ينكرها احد وأثار سخط ابناء الشعب اليمني وغضبه لا لأنه تمرد على القانون وارتكب الجرائم فحسب وانما لأنه اعتدى على علم الوطن الذي سقط لأجله الآلاف من الشهداء وقدّم شعبنا الجماجم والدماء فداء للثورة والجمهورية". وخاطب الرئيس صالح العلماء قائلاً ان "مسؤوليتكم التزام الصدق لأن هذا واجبكم وعليكم ان تسكتوا سفهاءكم فإن للديموقراطية وللحرية ضوابط واخلاق"، مؤكداً: "لن نقبل بمثيري الفتن او بمن يحاول جرّنا الى الماضي او ينال من مكاسب الشعب والوطن والوحدة الوطنية وعلينا جميعاً ان نلتزم القانون والدستور ومحاربة كل متمرد وكل متطرّف حفاظاً على امن الوطن وسيادته ومكاسبه". ومن جانبهم اشاد العلماء بمواقف الرئيس صالح وصدقه وصراحته وحكمته وأكدوا تأييدهم للاجراءات القانونية ضد الحوثي وأعوانه وبراءة المذهب الزيدي من افكاره المتطرفة وعدم الدفاع عنه. الى ذلك، أكدت مصادر متطابقة في محافظة صعدة ل"الحياة" بأن العشرات من "الحوثيين" سلّموا انفسهم طوعاً تحت ضغط القوات الحكومية التي تحكم سيطرتها على مناطق الاحداث في محافظة صعده. وقالت أن مشايخ القبائل واهم المتعاونين مع حسين بدر الدين الحوثي في منطقة حيدان وآل الصيفي ونشور ومران اعلنوا تخليهم عن الحوثي، وان القوات الحكومية منحتهم الامان بناءً على توجيهات كان علي صالح اصدرها قبل ايام. واضافت المصادر ان القوات الحكومية أحكمت سيطرته على مناطق الاحداث ونفّذت عملية انتشار امني محكم بمشاركة قوات الامن وقامت بتمشيط المواقع والتحصينات التي كان "الحوثيون" يتمركزون فيها بحثاً عن جيوب للمتمردين بالاضافة الى ملاحقة الحوثي ومن تبقى معه من اتباعه. وتوقعت هذه المصلدر ان يكون الحوثي مختبئاً في قرية خميس مران أو قرية الحميمة اللتين تحاصرهما القوات الحكومية، فيما يسود هذه القوات اعتقاد بأن الحوثي لقي مصرعه خلال المعارك الاخيرة. وقالت هذه المصادر أن القوات الحكومية تفضل محاصرة القريتين على اقتحامهما تجنباً لاسقاط ضحايا بين المواطنين الذين يعانون من تهديدات "الحوثيين" وخشية استخدامهم كدروع بشرية. غير ان هذه المصادر أكدت ان حسم هذه المسألة اصبح على وشك الحدوث خلال الساعات المقبلة.