استأنفت لجنة العلماء اليمنية المكلفة الحوار مع الإسلاميين المتشددين نشاطها الأسبوع الماضي برئاسة القاضي حمود الهتار عضو المحكمة العليا، بعقد جلسات حوار مع مجموعات من أتباع حسين بدر الدين الحوثي الذي يقود تمرداً منذ نحو أسبوعين في محافظة صعدة شمال البلاد. وكانت لجنة العلماء نجحت العام الماضي في الحوار مع العشرات من الشباب الذين انتموا إلى تنظيم "القاعدة" في اليمن وتعهدوا التخلي عن الأفكار المتطرفة والعنف والإرهاب والتزام النظام والقانون والمفاهيم الإسلامية المعتدلة. وأكدت مصادر في لجنة الحوار ل"الحياة" أن العلماء بدأوا فعلاً جلسات الحوار منذ نحو 10 أيام مع عشرات من "الحوثيين" المعتقلين في سجون الأمن السياسي الاستخبارات. وقالت إن أكثريتهم تراوح أعمارهم بين 15 و19 عاماً، وهم يؤكدون انتماءهم للمذهب الزيدي "على دأب حسين بدر الدين الحوثي الذي يعتبر نفسه مجدداً للفكر الزيدي" على رغم اعتراض علماء المذهب على أفكاره وأقواله الزيدية منها. وفي هذا السياق، قالت صحيفة "26 سبتمبر" الحكومية إن الحوار الفكري الذي بدأه العلماء مع نحو 220 شخصاً من أتباع الحوثي جاء تنفيذاً لتوجيهات الرئيس علي عبدالله صالح، وان اللجنة عقدت جلستين تمهيديتين واستمعت إلى الآراء والمفاهيم لدى هؤلاء الشباب. وتم الاتفاق على مرجعية ثابتة يمكن الرجوع إليها عند الخلاف تتمثل في كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، بالإضافة إلى الخطوات والقضايا التي سيتناولها الحوار بهدف إعادة هؤلاء الشباب إلى جادة الصواب على غرار ما تم مع الشباب العائدين من أفغانستان. إلى ذلك، طالب عدد من اتباع المذهب الزيدي في اليمن الرئيس علي صالح بوقف العمليات العسكرية ضد "الحوثي" وارسال وسطاء جدد إلى منطقة مران لانهاء المواجهات بين أتباع الحوثي والقوات الحكومية حقناً للدماء.وأجمع هؤلاء في اتصالات هاتفية تلقتها "الحياة" في صنعاء على توقع نتائج ايجابية لهذا الحوار بغية انهاء الأحداث وتخفيف التوتر في صعدة. من جهة أخرى، أكد النائب يحيى بدر الدين الحوثي، شقيق زعيم التمرد وأحد أعضاء لجنة الوساطة التي بعثها الرئيس صالح لاقناع الحوثي بإنهاء تمرده، في تصريحات نشرتها صحيفة "الأيام" المستقلة أمس، أن شقيقه المطلوب "ليس لديه مخطط للتخريب أو إثارة الفتنة، وإنما يرفع شعار الموت لأميركا وإسرائيل". وقال: "شقيقي سيأتي إلى صنعاء إذا توقفت القوات الحكومية عن عملياتها ضده واتباعه وراهنت على حكمة الرئيس صالح وسعة صدره التي تجعله قادراً على احتواء الموقف باعتباره أباً للجميع، والاخ حسين سيأتي اليه في أي وقت عندما تهدأ الأمور وتطمئن النفوس". واتهم شقيق الحوثي محافظ محافظة صعده ومسؤولين في المديريات بأن "لهم الضلع الاكبر" في اثارة هذه "الحرب" وان لجنة الحريات والشكاوى في مجلس النواب لديها الكثير من الشكاوى من المواطنين في مناطق الاحداث. كما اتهم النائب الحوثي بعض مرافقي لجنة الوساطة بأنهم كانوا مزعجين وعكّروا جو المحادثات مع اتباع الحوثي "بمشاغبات وتصرفات غير لائقة". إلى ذلك، أكدت مصادر متطابقة في صعده ل"الحياة" ان التحقيقات التي تجريها اجهزة الامن مع عشرات الحوثيين المعتقلين لدى القوات الحكومية التي تحاصر منطقتي جبال مران وحيدان ادلوا بمعلومات خطيرة ومهمة. وقالت هذه المصادر ان اتباع الحوثي كشفوا للمحققين عدداً من "الشبكات الداخلية" التي تتعاون مع التمرد وتروّج لأفكاره وتحرض على التطرف واثارة الفتنة المذهبية والطائفية. واوضحت ان من بين المتعاونين خطباء مساجد واشخاصاً ينتمون الى جهاز الدولة والجهاز القضائي، وأشارت الى ان للتمرد مصادر للتمويل والتسليح والتزود بالمقاتلين. وقالت المصادر ان القوات الحكومية تمكنت من الاستيلاء على معظم مواقع المتمردين، وانها قتلت وجرحت واعتقلت العشرات من انصار الحوثي في جبال مران والقرى المجاورة، التي شهدت امس اعنف الاشتباكات بين "المتمردين" والقوات الحكومية منذ بدء العمليات العسكرية في صعده مؤكدة وجود خسائر في صفوف القوات الحكومية، غير انها لم تكشف احصائية لهذه الخسائر وقالت انها اقل بكثير مما تنشره وسائل الاعلام. ووصلت في الايام الاخيرة عشرات العائلات النازحة من مناطق الاشتباكات الى مديريتي الظاهر والملاحيط غرب جبال مران، وان مشايخ واعيان المناطق التي وصل اليها النازحون قدموا اليهم المساعدات والاغذية واستضافوهم في منازلهم بالتعاون مع القوات الحكومية التي كانت وفّرت لهم الحماية على الطرق التي سلكوها لمغادرة قراهم.