اعتبر مسؤولون غربيون وعراقيون أن الفوضى التي أثارها الاحتلال في العراق، وتراجع السيطرة الأميركية هناك، يجعلان إيران في أفضل وضع لها منذ عقود، للتأثير في مستقبل ذلك البلد. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن أولئك المسؤولين أن طهران تواصل مساعيها المتكتمة لدعم موقعها في العراق، عن طريق تمويل عدد من الأحزاب والحركات الشيعية هناك، إضافة الى "اغراق" البلد بعناصر استخباراتية. وحذروا من أنها قد تصبح اللاعب الرئيسي في هذه المرحلة المؤدية الى انتخابات كانون الثاني يناير في العراق، وأنها تريد عراقاً تحت سلطة سياسيين شيعة يدينون بالولاء للمؤسسة الدينية في ايرانوالعراق. وقال مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى للصحيفة: "ايران هي القوة الاقليمية الرئيسية، وتحاول ترتيب الوضع بما يسمح للشيعة بتسلم السلطة". وأفادت الصحيفة ان أكثر ما يقلق الأميركيين العلاقات الوثيقة بين إيران والقيادات الشيعية الرئيسية، خصوصاً المرجع الديني آية الله علي السيستاني، ومقتدى الصدر الذي قاد مواجهات ضارية مع الأميركيين. ويعتقد المسؤولون الأميركيون ان طهران مولت حركة الصدر جزئياً. وقال ديبلوماسي غربي إن الايرانيين منذ غزو أفغانستانوالعراق يشعرون بأنهم "محاطون بالأميركيين أو بأصدقائهم"، و"يريدون الفشل لأميركا في العراق، لكنهم يأملون بوضع مستقر بما يكفي لعدم زعزعة الوضع في إيران". وزاد ان "الوضع المثالي بالنسبة إليهم يتلخص بعراق مستقر، ذي حكومة شيعية صديقة معارضة للاحتلال". ويثير احتمال تقارب وثيق بين العراقوايران أعمق المخاوف لدى الأميركيين، وأشارت الصحيفة إلى أن ذلك كان بين أسباب عدم دعم واشنطن انتفاضة 1991 الشيعية في جنوبالعراق، بعد حرب تحرير الكويت. في المقابل، يأمل البيت الأبيض اليوم بأن تؤدي اقامة نظام في بغداد تقوده شخصيات شيعية علمانية، مثل رئيس الحكومة اياد علاوي، الى نظام ديموقراطي في العراق، يؤدي إلى تغييرات في ايران. وتعاملت طهران مع الحكومة العراقية الانتقالية بقيادة علاوي بمزيج من العداء والقبول المتحفظ، ما يعكس، بحسب الصحيفة، "الانقسام" في القيادة الايرانية بين المتشددين بقيادة مرشد الجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي، والمعتدلين الذين يقودهم الرئيس محمد خاتمي. ويرى كثيرون في العراق أن طهران تمارس منذ زمن نفوذاً واسعاً على أهم التنظيمات الشيعية، مثل "حزب الدعوة" و"المجلس الأعلى للثورة الاسلامية". وإذ تؤكد هذه التنظيمات استقلاليتها تجاه طهران، تشير في الوقت ذاته الى ان إيران كانت البلد الوحيد الذي وافق على استضافتها أثناء حكم صدام حسين. ويؤكد "حزب الدعوة" و"والمجلس الأعلى" أن ليست لهما الآن أي علاقات مباشرة بإيران، رغم هذا التاريخ من الدعم والتمويل، فيما يؤكد المسؤولون الأميركيون العكس. مسؤول عسكري أميركي بارز أبلغ "نيويورك تايمز" في رسالة الكترونية ان الجيش الأميركي "راقب دفعات مالية كبيرة بالدولار قدمتها إيران" الى "المجلس الأعلى" الذي يتزعمه عبدالعزيز الحكيم. لكن همام باقر حمودي، القيادي في المجلس قال إن التنظيم يتسلم التبرعات من مصادر كثيرة في الشرق الأوسط، وبينها ايران، مشدداً على أن كل ذلك أموال خاصة، وان هذه المبالغ تأتي نقداً عبر ايران الآن بسبب انهيار النظام المصرفي في العراق. أما مقتدى الصدر فلا يخفي ولاءه للخميني، وقال أحد مساعديه في خطبة في جامع الكوفة ان الصدر "يعاهد الله والمسلمين على الاستمرار على خط الخميني". ومعروف ان المرجع الروحي للصدر وحركته هو آية الله كاظم الحائري المقيم في قم، والذي أعلن في بيان أواسط نيسان ابريل عدم موافقته على نداءات الصدر لاطلاق المقاومة المسلحة ضد قوات الاحتلال.