الخلود يتغلّب على الفتح بثنائية في دوري روشن للمحترفين    الوحدة يتغلّب على الرائد بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    الأمة الوسط    تصرف كريم بنزيمة مع جماهير الاتحاد بعد لقاء القادسية    بلان يعترف بتراجع الاتحاد    "الأرصاد" ينبه من هطول أمطار غزيرة على الرياض    انقسام أميركي حاد حول سياسات ترمب وأثرها على الحكومة    انطلاق منافسات بطولة الاتحاد السعودي للرياضة الجامعية للكرة الطائرة    رئيس محكمة استئناف جازان وقائد حرس الحدود بالمنطقة يزوران أسرة الخرد    تقارير.. عرض كبير من دوري روشن لضم ابراهيم دياز    مسؤول فلبيني يشيد بجهود المملكة في إرساء التعايش السلمي بين شعوب العالم    «الغذاء والدواء» : فوائد الكمّون لا تُغني عن الاستشارة الطبية    زيلينسكي: سأزور السعودية الاثنين المقبل للقاء ولي العهد    وزير الخارجية يتلقى اتصالًا هاتفيًا من رئيس جمهورية زامبيا    رئيس غرفة تبوك يدشن فعاليات ديوانية الغرفة    أمير تبوك يتسلم التقرير السنوي لاعمال فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة    مسجد الرحمة بجدة.. أول مسجد في العالم يُبنى على سطح البحر    «الأخضر الشاب» ينضم لقائمة «إنجازات الفئات السنية»    العبدالقادر للرابعة عشر    النعاس أثناء القيادة.. مشكلة شائعة ومضاعفاتها خطيرة    تقنيات متطورة لخدمة ضيوف الرحمن    «القطاع غير الربحي» يخترق سقف ال100 مليار ريال في المساهمة الاقتصادية    الإبل.. سيدة الصحراء ونموذج للصبر    محافظ أبو عريش يدشن مبادرة "صم بصحة" لتعزيز الوعي الصحي في رمضان    تعليم جازان يطلق جائزة الأداء التعليمي والإداري المتميز "متوهجون" في دورتها الثانية    استشهاد فلسطيني في غزة واعتقال 30 بالضفة    هطول أمطار في 8 مناطق والقصيم الأعلى كمية    الذهب ينخفض مع تعافي الدولار من أدني مستوى وارتفاع عائدات سندات الخزانة    أبرز ثلاثة علماء رياضيات عرب لا يزال العلم الحديث يذكرهم حتى اليوم    هجوم إسرائيلي على فيلم وثائقي فاز بجائزة الأوسكار صنعه فلسطينيون و اسرائيليين    انطلاق مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية في نسخته الثانية تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين    وزارة التعليم و"موهبة".. تعلنان عن اكتشاف 29 ألف موهوب في المملكة    سمو أمير منطقة تبوك يستقبل عضو مجلس الشورى احمد الحجيلي    ابنها الحقيقي ظهر بمسلسل رمضاني.. فنانة تفاجئ جمهورها    تفاصيل مهرجان أفلام السعودية ب"غبقة الإعلاميين"    أفراح البراهيم والعايش بزفاف محمد    حرم فؤاد الطويل في ذمة الله    الأسمري ينال الدكتوراه    نائب أمير منطقة مكة يشارك الجهات و رجال الامن طعام الإفطار ‏في المسجد الحرام    تحفيز المستثمرين وفرص العمل والابتكار..الفالح: «تسويق الاستثمار» سيعزز الاستدامة والازدهار    السياحة ترصد 6 آلاف مخالفة في مراكز الضيافة بمكة والمدينة    تحذيرات أممية من شح الغذاء في القطاع.. وجنوب إفريقيا: إسرائيل تستخدم التجويع سلاحاً للإبادة الجماعية    الاحتلال يقضم أراضي الضفة.. وفلسطين تطالب بتدخل دولي    طبيبة تستخرج هاتفًا من معدة سجين    أمين الجامعة العربية: السلام خيار العرب الإستراتيجي    14 تقنية مبتكرة في البيئات الصناعية بالسعودية    مشروع "ورث مصحفًا" يستهدف ضيوف الرحمن بمكة بثمان وعشرين لغة    أمير حائل يشهد حفل تكريم الفائزين بمسابقة جزاع بن محمد الرضيمان    ترمب وكارتلات المخدرات المكسيكية في معركة طويلة الأمد    لغة الفن السعودي تجسد روحانية رمضان    الصين تصعّد سباق التسلح لمواجهة التفوق الأمريكي في آسيا    محافظ جدة يُشارك أبناءَه الأيتام مأدبة الإفطار    40 جولة لتعطير وتطييب المسجد النبوي    محافظ الخرج يشارك رجال الأمن الإفطار في الميدان    وزير الدفاع ونظيره السلوفاكي يناقشان المستجدات الدولية    أمير جازان يستقبل منسوبي الأمارة المهنئين بشهر رمضان    التسامح.. سمة سعودية !    وزير الدفاع يبحث مع نظيره السلوفاكي المستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مور بدا صحافياً يبحث عن فضائح لغلاف مجلة رخيصة والعراقيون "تحصيل حاصل". تنهد الفرنسيون خلال مشاهدة "فهرنهايت 9/11"... كأنهم يتعرفون على بوش للمرة الاولى !
نشر في الحياة يوم 13 - 07 - 2004

انتظر الفرنسيون يوم الأربعاء الماضي، منذ مهرجان "كان" الأخير حين حاز فيلم مايكل مور "فهرنهايت 9/11" على جائزة السعفة الذهبية.
ففي فرنسا يبدأ عرض الأفلام الجديدة في الصالات كل يوم أربعاء ويقف مئات الفرنسيين في صفوف طويلة تصل الى الرصيف.
أنا اخترت ألاَّ أقف في الصف وانتظرت جالساً في مقهى السينما. دخل الجميع ثمّ دخلت. ثمن جلوسي في المقهى دفعته فور دخولي الى الصالة بحيث لم أجد مقعداً إلا في الصف الأمامي الأول شبه الملاصق للشاشة. وحدها امرأة في الثلاثين من عمرها وصلت بعدي وجلست قربي، ثم بدأ الفيلم.
هو فيلم وثائق لا سينما فيه. على رغم محاولات مور أن يخلق من توليف صور الأرشيف فيلماً تكون له قيمة فنية وبعد سياسي. وهو فشل حتى في ذلك. فالفيلم هو عبارة عن سلسلة فضائح الرئيس الاميركي جورج بوش وادارته. كلام لا شيء جديداً فيه، يبدأ بكيفية إعلان بوش الحرب على العراق بحجة اختلقها، وكيف قضى معظم وقته في عطلة في بيته الصيفي بينما الشعب الأميركي كان بحاجة اليه في البيت الأبيض.
مور ليس سينمائياً إذاً حين يبيع فيلماً كهذا، وهو ليس فناناً ولا كاتباً. يحاول أن يلعب لعبة سياسية لكنه بعيد كل البعد عن السياسة. هو أقرب الى كونه صحافياً يبحث عن أخبار وفضائح السياسيين لتتصدر غلاف مجلة رخيصة، ثم يكتبها بلا أسلوب وبلا تحليل فعليّ معمّق.
الفيلم ممل فيه صور سياسيين يتكلمون ثم يعيدون ما قالوه ثم ينكرون كل شيء... صور من التلفزيون ومن كواليس التلفزيون. نرى وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد يبصق على يده ليمشط شعره، أو جورج بوش أمام الكاميرا قبل أن يبدأ الارسال. الفيلم كأنه نتيجة خلاف شخصي بين بوش ومور، لا موضوعية فيه.
وهناك صوت مور الذي يعلّق على كل مشاهد الفيلم. كأنه يشدّد على كونه عدو الرئيس الأميركي، هو شخصياً، بصوته وصورته. فهو يظهر في الفيلم، بثيابه التي لا غنى عنها، بصندله المعهود و"الشورت" والكاسكيت. ثياب كأنها موقف سياسي بحدّ ذاتها. هي ثياب البساطة وعامة الشعب الاميركي بينما الحقيقة هي أن مور من أغنى أغنياء هوليوود.
في أحد مشاهد الفيلم التي يظهر فيها، ينتظر خروج اعضاء مجلس الشيوخ من اجتماع ويخاطب بعضهم قائلاً: "جئت أكلمكم عن طرق الالتحاق بالجيش من أجل أولادكم لأنني أرى أن أولادكم يجب أن يلتحقوا بالحرب قبل أولاد الشعب". استفزاز أمام الكاميرا لا يخلو من السخف والتطرّف! كأن مشكلة بوش وحكومته هي في أولاد الشيوخ الذين لم يذهبوا الى الحرب. وحين أقرأ أن ابنته في مدرسة خاصة في شارع مانهاتن في نيويورك لأنه رأى أن جو المدرسة العامة لا يناسبها، أتعجب من جرأته! هو لم يعد من الشعب إذاً كما يقول. وهو ما عاد يعيش في ميشيغان بل في أحد افخم أحياء نيويورك. هو إذاً يتكلم باسم الشعب من منصّة النجوم والأغنياء. وهو يقدر على محاربة بوش لأنه أقرب اليه منه الى الشعب، وينتمي الى فئته الاجتماعية.
والفيلم يتهم بوش وحكومته بنشر أكاذيب عدّة وخلق جوّ من التوتر والخوف المتعمّد في المجتمع الاميركي، بهدف أن يبقى هو المسيطر. نوع من غسيل الأدمغة الجماعي.
مور يفعل الشيء نفسه لأنه يفرض آراءه السياسية على شعوب كاملة، وهدفه الوحيد أن ينال من بوش وينزعه من منصبه. تماماً كما ان هدف بوش الوحيد هو أن يبقى في منصبه. وبدل الموضوعية التي لم يقدر مور أن يتحكم بها لشدة كرهه للرئيس الأميركي وتعصبه لمعتقداته السياسية، لجأ الى الكذب هو أيضاً بنبرة الصدق والحقيقة المطلقة. فقد كتبت صحف ومجلات أميركية عدة أن في الفيلم معلومات عديدة غير صحيحة. كقصة السعوديين الذين تركوا الأراضي الأميركية مباشرة بعد 11 أيلول سبتمبر، ومعهم عائلة بن لادن، والحقيقة أن طائرة لم تقلع في الأيام الأولى للحادثة.
لجأ مور الى تحوير الحقيقة واستعمال الصور والموسيقى والكلمات ليؤثّر في المشاهدين. استعمال الفنّ لأهداف سياسية أو شخصية من يدري.
انه فيلم "بروباغاندا" إذاً، أو "بروباغندا معاكسة". صور يريدها أن تكون قوية، أن تصدم الجمهور وتؤثر عليه. كصورة بوش يلعب الغولف ويهزأ من العمل، أو صورة الأم الأميركية التي فقدت ابنها الذي كتب لها في رسالته الأخيرة أنه يكره بوش وأن الرئيس افتعل حرباً من لا شيء.
وهناك مشهد الأولاد العراقيين يلعبون بطائرة من ورق ويضحكون، مع خلفية من الموسيقى الهادئة. ثم فجأة... دوي انفجار. المشهد هذا يرمز الى بداية الحرب العراقية وهو المشهد الوحيد الرمزي والسينمائي. ولكنه كالسينما الهوليوودية، تتخطى رمزيته الحقيقة فلا تعود تشبهها أو تعبّر عنها، خصوصاً أن العراق والعراقيين يظهرون كموضوع ثانوي في الفيلم. فبوش يكذب على الأميركيين، ويتسبّب في قتل شباب أميركيين ويُحزن أمهات أميركيات... وأكثر من ذلك، يُغضب مخرجاً أميركياً. كأن الأميركيين هم المشكلة وهم الحلّ. والعراقيون "تحصيل حاصل". كأنّ كذب بوش على شعبه فعل أقبح من تسببه بقتل أبرياء عراقيين، أو كأنه لو لم يكذب، لما كان في قتلهم مشكلة.
الفتاة التي وصلت بعدي وجلست قربي لم تتوقف عن التنهّد خلال المشاهدة. كأنها تشهد خروج الحقيقة الى العلن، كأنها حين دخلت الى الصالة كانت لا تعرف عن بوش إلاّ ما يقوله هو عن نفسه، أمّا بعد خروجها فباتت تعرف الحقيقة. ان كان الشعب الأميركي بسيطاً كما هذه الامرأة، ففيلم كهذا ممكن أن يؤثر على مجرى الانتخابات المقبلة، ويكون بذلك المخرج مور هزم الرئيس بوش. ولكن بوش لم يقل بعد كلمته الأخيرة... كذبته الأخيرة في حرب السياسة والصور.
وفي كل الحالات، من الجيد أن يعرف الأميركيون وجه بوش الذي يبقون وحدهم عميان عنه!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.