صبّت العملية التفجيرية في مدينة تل أبيب أمس الزيت على نار الهجوم الذي شنه رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون على المحكمة الدولية في لاهاي، لأنها اعتبرت جدار الفصل في الضفة الغربية غير شرعي. واتهمها ب"رعاية قتل الاسرائيليين". واستهل شارون جلسة الحكومة الاسرائيلية الاسبوعية التي انعقدت بعد ساعة من العملية التفجيرية في تل ابيب ليشن هجوماً شديداً على محكمة العدل معتبراً أنها "عملية القتل الأولى التي تقع برعاية الرأي الاستشاري للمحكمة الدولية". وقال ان "الحق المقدس لمحاربة الارهاب" تلقى الجمعة الماضي صفعة من المحكمة الدولية التي رأت ان "جدار الأمن لمنع الارهاب... عمل غير قانوني ينبغي على اسرائيل تفكيكه". وأضاف ان اسرائيل "ترفض رفضاً قاطعاً هذا الرأي الأحادي الجانب والمنحاز الذي صدر لاعتبارات سياسية، ويتجاهل تماماً دافع بناء جدار الأمن وهو الارهاب الفلسطيني القاتل". وقال شارون ان رأي المحكمة "يبث رسالة قاتلة لتشجيع الارهاب من جهة وللتضييق على الدول التي تدافع عن نفسها أمام الارهاب من جهة أخرى". وخلص الى دعوة "كل من يقلقه انتشار الارهاب الى الوقوف الى جانب اسرائيل في مطلب الغاء الرأي غير الأخلاقي والخطير وذي المغزى الخطير". ولاحقاً عقد شارون جلسة تشاورية مع وزيري الخارجية والعدل سيلفان شالوم ويوسف لبيد لدرس انعكاسات قرار المحكمة والسبل الكفيلة بتقليص الاضرار الناجمة عنه. وعقد المستشار القانوني للحكومة ميني مزوز اجتماعاً مع كبار مسؤولي الأجهزة الأمنية للبحث في الابعاد القانونية للقرار. وطبقاً لمصادر صحافية، ستنصب الجهود على تنسيق الخطوات مع الولاياتالمتحدة "لاحباط اتخاذ الأممالمتحدة ومجلس الأمن اجراءات مناهضة لاسرائيل". كما ستشمل حشد أكبر عدد من دول الاتحاد الأوروبي لاقناعها بالامتناع عن التصويت المتوقع في الأممالمتحدة، الخميس، على توصية محكمة لاهاي. واستبعدت محافل سياسية استجابة الدول الاسكندنافية لمثل هذا الطلب، نظراً الى التزامها القوانين الدولية، لكنها توقعت ان تمارس الولاياتالمتحدة ضغوطاً على دول أوروبية لتفادي وضع تكون فيه واشنطن الوحيدة التي تقف الى جانب اسرائيل. وتحدثت الصحف العبرية عن أجواء صدمة وارتباك وغضب لدى صناع القرار في اسرائيل "الذين لم يتوقع حتى أكثرهم تشاؤماً ما جاء في قرار المحكمة". ونقلت "يديعوت احرونوت"، على لسان أوساط قضائية في تل ابيب، انها المرة الأولى التي تمنح فيها هيئة قضائية دولية مرموقة شرعية "لعمليات ارهابية ضد الاحتلال وتقرر ان الاستيطان وسيطرة اسرائيل على القدسالشرقية غير شرعيين وأعربت عن مخاوفها من أن يشكل القرار أساساً لدعاوى لتعويضات ضد اسرائيليين". وتحدثت عناوين الصحف عن غضب اسرائيلي على "قرار خطير للغاية" و"ظالم" و"متحيز" و"سخيف" وعن فشل الحملة الدعائية الاستباقية، لتقر ان "اسرائيل تلقت ضربة موجعة لصورتها في العالم". وكتب كبير المعلقين في "يديعوت احرونوت" ناحوم بزيناع ان القاضي الصيني الذي قرأ قرار المحكمة وزملاءه لا يملكون، من الناحية الاخلاقية حق التنديد باسرائيل، اذ ان "جميعهم منافقون لأن ما يطالبون اسرائيل به لن يطلبوه ذات يوم من الولاياتالمتحدة والصين وروسيا وعشرات الدول الأخرى التي تنتهك القانون". وقال ان مسار الجدار كان ينبغي ان يكون محاذياً ل"الخط الأخضر من دون الانحراف أو التذاكي والألاعيب، لكن رئيس الحكومة ومرؤوسيه آثروا التلاعب، وبدلاً من التركيز على الأمن تلاعبوا بالسياسة". واضاف بارنياع ان قرار لاهاي يوفر الشرعية الدولية للمساس بالجدار، مقراً ب"النجاح الفلسطيني الباهر، وربما الأكبر لهم منذ قرار الأممالمتحدة الذي اعتبر الصهيونية عنصرية". وزاد: "انه بعد 37 عاماً على الاحتلال غدت اسرائيل في عيون العالم بمعظمه دولة مبروصة لم تصل بعد الى مستوى جنوب افريقيا ابان الابارتهايد، لكنها بالتأكيد من العائلة ذاتها". واتهم دان مرغليت في "معاريف" الحكومة الاسرائيلية بارتكاب "كل الاخطاء" الممكنة في قضية الجدار بسياستها الملتوية التي كلفت اسرائيل ثمناً باهظاً، وفي نهاية المطاف سيكون مسار الجدار منطقياً اكثر وأقل توغلاً، سواء بفعل قرار محكمة لاهاي أو بفضل المحكمة العليا في اسرائيل.