يتضح ان لدى الإدارة الأميركية ورقتين قد تخرجانها من المأزق الذي وضعت نفسها فيه، فتسيطر على العراق، وبالأحرى على ثروات العراق وأهمها النفط، وتحسن صورة الرئيس بوش في الانتخابات الأميركية المقبلة، وتزيد أسهمه أمام منافسه جون كيري. الورقة الأولى هي تسليم السلطة للعراقيين. ليس المهم متى سلمت، المهم هو تسليمها للعراقيين أنفسهم حتى توضح للعالم بأسره، وللعرب، أن الولاياتالمتحدة الأميركية جاءت فعلاً الى العراق لانقاذ الشعب العراقي، ولنشر الحرية والديموقراطية، وأنها صادقة في كل ما تقوله. لكن كل شيء في وقته أفضل، وكأن لسان حالها هو "أرجوكم تريثوا ولا تستعجلوا في الحكم علي". وإن كان المظهر العام الذي بدا أمام أعيننا هو أن السلطة أصبحت بيد العراقيين فعلاً، وها هو الرئيس الجديد للعراق غازي الياور يتسلم السلطة من بول بريمر، وأياد علاوي يصبح رئيساً للوزراء، لكن، يا ترى، هل هذه الورقة التي وضعت على الطاولة أمام العالم، زادت من ربحها؟ لا أعتقد هذا، ان لم تزد خسارتها. وقد بدأت علامات الخسارة في الظهور. الورقة الثانية التي قدمتها الإدارة وتظن أنها تزيد من صدقيتها، هي تسليم الرئيس العراقي السابق صدام حسين للسلطة، بدعوى أن يحاكم في أرضه وبين العراقيين بعد أن سلمت السلطة لهم. وهل هذا، يا ترى، ورقة رابحة بالنسبة الى الإدارة الأميركية؟ بالطبع لا! لأن ما بني على باطل فهو باطل. فالإدارة تريد ان توصل معلومة الى أذهان كثيرين، هي أنها تسعى الى الحرية والديموقراطية وأن صدام حسين، على رغم قيامه ببعض الجرائم في زمن رئاسته، وكان مصدر ازعاج لها، ليس من حقها أن تحاكم صدام. فهو حق الشعب العراقي وحده. وهل أخذ رأي العراقيين؟ السلطة التي شكلت في ظل الاحتلال الأميركي غير شرعية. وعلى اثرها شكلت المحكمة الجنائية الخاصة، ومقرها القاعدة الأميركية. وعينوا قاضياً لم يتجاوز عمره العقد الثالث ليجلس أمام صدام ويملي عليه التهم التي ارتكبها. في النهاية، ان فشلت الإدارة الأميركية حقيقة بعد تقديم هاتين الورقتين، وإن بدا فشلها واضحاً، فلن يكون هناك أي أوراق أخرى يمكن أن تقدمها لترفعها، ولو قليلاً، من الوحل العراقي الذي غاصت فيه. فمن الواضح أنها لم تضعه في الحسبان. ومن الواضح أيضاً أنها قد "لخبطت" جميع أوراقها. والحرب على العراق لم تنته بعد كما يتصور بوش وكبار معاونيه. ففي الأفق ضباب لم ينقشع بعد. والنهاية غامضة. جدة - خلود الجدعاني طالبة جامعية سعودية