اطلع وزير الخارجية الاميركي كولن باول بنفسه على حقيقة الاوضاع في اقليم دارفور في غرب السودان والذي زاره امس. واطلق مرافقوه من مدينة الفاشر عاصمة الاقليم تحذيراً صريحاً للحكومة السودانية من انه بصدد نقل القضية الى مجلس الامن، ما يعكس عدم رضاه عن نتائج المفاوضات التي اجراها في الخرطوم التي وصل اليها اول من امس. وتلقى باول وعوداً من الحكومة السودانية باستجابة مطالبه الثلاثة: السيطرة على الميليشيات الموالية للحكومة وازالة العراقيل امام الاغاثة، وبدء مفاوضات سلام مع متمردي دارفور، الا ان مساعديه اتهموا الخرطوم بانها في "حالة انكار وتهرّب من مسؤولياتها وتحاول تجنب التبعات". وبدأ الامين العام للامم المتحدة كوفي انان بعد ظهر امس زيارة مماثلة للسودان ينتقل بعدها الى تشاد، ثم يعود ثانية الى الخرطوم لاستكمال محادثاته مع المسؤولين فيها بعد ان يطلع على اوضاع اللاجئين من دارفور وحاجاتهم. هدد وزير الخارجية الاميركي كولن باول والامين العام للامم المتحدة كوفي انان بنقل قضية دارفور الى مجلس الامن ما لم تتخذ الحكومة السودانية ثلاث خطوات ملموسة بالسيطرة على ميليشيا "الجنجاويد" وازالة العراقيل امام المساعدات الانسانية وبدء مفاوضات مع متمردي دارفور واختلف الجانبان السوداني والاميركي على تقويم الوضع في الاقليم. واجرى وزير الخارجة الاميركي محادثات مع الرئيس عمر البشير ونظيره السوداني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل في مقر اقامة البشير ركزت على الاوضاع في دارفور وعملية السلام في جنوب البلاد. واكد باول اهتمام الرئيس جورج بوش بمسألة دارفور. ووضع باول ثلاثة شروط للحكومة تشمل السيطرة على ميليشيات "الجنجاويد" ونزع اسلحتها، والسماح للمنظمات الانسانية بالعمل في الاقليم بحرية، وبدء مفاوضات مع المعارضة المسلحة في دارفور. وقال باول في مؤتمر صحافي: "ما لم نرَ قريباً تقدماً في هذه المحاور فان المجتمع الدولي قد يضطر الى النظر في مبادرات اخرى من بينها اللجوء الى مجلس الامن". لكن البشير تعهد الغاء كل العقبات التي تعرقل وصول المساعدات الانسانية الى دارفور ومضاعفة الجهد لتحقيق الامن حتى تصل الاغاثة الى الاقليم قبل حلول موسم الامطار منتصف الشهر الجاري. واعلن اسماعيل ان الجانبين السوداني والاميركي اختلفا على تقويم الوضع في دارفور. اذ ترى الادارة الاميركية ان الاقليم "يشهد اوضاعاً امنية وانسانية بالغة السوء، وان الخرطوم لم تتخذ خطوات عملية لاحتواء الازمة، بينما تعتقد الحكومة السودانية خلاف ذلك". لكنهما اتفقا على تشكيل لجنة لتقويم الوضع. وعقدت اللجنة اجتماعاً بعد ظهر امس في مقر وزارة الخارجية ورأس الجانب السوداني فيها وزير الدولة في الرئاسة يحيى حسين والجانب الاميركي مسؤول السودان في وزارة الخارجية مايكل راينبرغر. وعلم ان الجانب السوداني اقر بوجود مشكلة في دارفور لكنه رأى ان تصويرها بأنها مأساة انسانية مبالغ فيه وتعهد بأخذ المطالب الاميركية في الاعتبار. وانتقل باول يرافقه اسماعيل منتصف نهار امس الى الفاشر وعقد لقاء مع المنظمات الانسانية وزار مخيم ابو شوك للنازحين واستمع الى بعضهم واستفسر عن اوضاعهم ونشاط "الجنجاويد" وطبيعة الانتهاكات التي تعرضوا لها. وتحدث مسؤول اميركي رفيع المستوى الى وسائل الاعلام في الفاشر، متهماً الخرطوم ب"انكار ما يحدث في دارفور وتستخدم بيانات تم اختيارها بشكل انتقائي من اجل الدفاع عن موقفها، لكن باول لم يقتنع بذلك". واضاف: "نحن نعرف ما يحدث في دارفور"، واضاف ان المسؤولين السودانيين "في حالة تهرب من مسؤولياتهم ويحاولون التغطية على الحقائق وتجنب التبعات". واوضح ان الولاياتالمتحدة ستجري مشاورات غير رسمية في نيويورك في شأن مشروع قرار لمجلس الامن يدين الحكومة السودانية لموقفها في دارفور. واستقبلت الخرطوم نهار امس كوفي انان بحفاوة. ودخل فور وصوله في لقاء مغلق مع وكالات الاممالمتحدة وسط اجراءات امنية مشدة. وطالب انان الخرطوم بخطوات ملموسة ووعد بالنظر في شكوى الحكومة ضد متمردي دارفور بانتهاك الهدنة ومهاجمة قوافل الاغاثة. ومن المقرر ان يكون انان التقى ليلاً النائب الاول للرئيس علي عثمان محمد طه ويزور الفاشر كبرى مدن دارفور اليوم ويتفقد مخيمات النازحين ثم ينتقل الى تشاد لاجراء محادثات مع الرئيس ادريس ديبي ويتفقد معسكرات اللاجئين السودانيين قبل ان يعود الى الخرطوم غداً للقاء الرئيس عمر البشير ثم يغادر الى اسمرا.