أعلنت الحكومة السودانية امس ترحيباً مشروطاً بزيارة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان ووزير الخارجية الاميركي كولن باول للخرطوم ودارفور نهاية الاسبوع. وقللت من تهديد واشنطن بفرض عقوبات على مسؤولين وقيادات ميليشيا "الجنجاويد" الذين تحملهم مسؤولية الانتهاكات في الاقليم، فيما تبنت قمة الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة اعلاناً مشتركاً يطالب الخرطوم بحماية المدنيين ووضع حد لأعمال العنف في دارفور. وقال وزير الخارجية السوداني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل امس ان "دارفور ليست رواندا"، وأعرب عن أمله في ان تسهم زيارة أنان وباول في معالجة الأوضاع في دارفور. وأضاف: "ان الزيارة إذا كانت تستهدف تأليب المجتمع الدولي أو تأكيد رأي مسبق، فإنها لن تخدم قضية دارفور ولن تؤدي الى تطبيع العلاقات بين الخرطوموواشنطن". وأعرب الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة امس عن "القلق الشديد" إزاء النزاع في دارفور وطلبا من السلطات السودانية التصدي للميليشيات، في اعلان مشترك تبنته قمة الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة المنعقد في ايرلندا. وأكد الاعلان المشترك: "سنجدد دعوتنا الى حكومة السودان لوضع حد لأعمال العنف التي تنفذها ميليشيا الجنجاويد، وضمان حماية وأمن المدنيين وعناصر المنظمات الانسانية في دارفور". واضاف: "اننا نستنكر بشدة انتهاكات حقوق الانسان التي ترتكب في دارفور على أيدي الميليشيات". وقال مسؤولون أميركيون إن باول سيهدد بفرض عقوبات دولية على السودان، خلال زيارته الخرطوم، في إطار حثها على وضع حد لأزمة دارفور. وقال أحد هؤلاء إن الوزير الأميركي "سينظر في عيونهم السودانيين ويقول ستواجهون مصاعب ما لم تعطونا ما نطلبه فوراً"، لكنه أضاف ان باول يأمر باجراءات سودانية تجنبه توجيه تهديدات مباشرة. وكشف مسؤولون اميركيون امام الكونغرس قائمة تضم سبعة اشخاص قالوا إنهم من ميليشيا "الجنجاويد" المتورطين في أحداث العنف وهم موسى هلال منسق الميليشيات وعبدالله أبو شنبات زعيم المورني وحامد هاواي زعيم تيربيا - بايدا وعمر بابوش قيادي في خور برتعا وهييلا، العمدة سيف معادي من ميجسرتي وأحمد دخيري قيادي في مورني وأحمد أبو كماشا. وقال نائب الناطق باسم الخارجية الأميركية آدم ايرلي ان واشنطن تدرس نسبة مشاركة قيادات الميليشيات في الجرم لتطبيق عقوبات تتناسب مع جرمهم. وعن انزال عقوبات على رسميين سودانيين رد ايرلي: "الآن ننظر في هذا الأمر"، لكنه أكد ان الولاياتالمتحدة ستفرض عقوبات على المتورطين من زعماء "الجنجاويد" بصرف النظر عن التقويم القانوني الذي تقوم به واشنطن. لكن المتهم الأول في قائمة السبعة موسى هلال نفى ان يكون زعيماً ل"الجنجاويد". واعترف بأنه قاد عمليات في مواجهة "متمردي دارفور" وليس المدنيين، مؤكداً ان ما قام به مع مقاتليه كان بأمر من قيادة الجيش الحكومي واشرافها. وأوضح هلال انه استجاب، مع الآلاف من أنصاره، نداء الحكومة من أجل القضاء على المتمردين. وقال إن الميليشيا التي يقودها انخرطت في قوات "الدفاع الشعبي" والشرطة الشعبية التي تساند الجيش في العمليات. وأكد انه لم يرتكب جرماً يعاقب عليه واتهم المتمردين باستخدام المدنيين دروعاً بشرية مما أوقع عدداً كبيراً من الضحايا في صفوفهم خلال هجوم الجيش و"الجنجاويد" لضرب التمرد. وأوضح ديبلوماسي سوداني تحدث الى "الحياة" امس ان هناك خلافات بين الخارجية الاميركية والكونغرس في شأن فرض عقوبات على قيادات "الجنجاويد"، إذ يرى اعضاء في مجلس النواب ان العقوبات المقترحة بحظر أرصدة الاشخاص ومنع زيارتهم للولايات المتحدة غير مؤثرة لأن المتهمين ليست لديهم أرصدة وليست لديهم الرغبة في زيارة اميركا. ومن المنتظر ان يكون وصل الخرطوم مساء امس وفد من الكونغرس في طريقه الى دارفور للوقوف على حقيقة الأوضاع في الاقليم. في باريس رويترز، اعتبر محمد يوسف عبدالله وزير الشؤون الانسانية السوداني، في مؤتمر صحافي في باريس ان "الموقف في دارفور، وفقاً للمؤشرات الدولية، لا ينم عن كارثة مثلما يشير اليه بعضهم". في اشارة إلى تصريحات باول في هذا المعنى. وقال عبدالله الموجود في العاصمة الفرنسية لحضور محادثات سلام مع المتمردين في دارفور، انه "وفقاً للمؤشرات الدولية الوضع تحت السيطرة". وكان باول صرح بأن "الوضع رهيب حتى اننا لو استطعنا ان نفعل كل ما نريد فعله غداً ستظل هناك خسارة كبيرة في الأرواح بسبب الحرمان الذي يعانيه الناس... هذه كارثة". وقالت منظمة "أطباء من أجل حقوق الانسان" في الأسبوع الماضي، إنها تعتقد بأن "عملية ابادة جماعية" تتكشف في دارفور. وحدد عبدالله الخطوط العريضة لخطط الحكومة لنزع سلاح "الجنجاويد". وقال إنه يجري ارسال الشرطة أولاً الى المنطقة وسيقوم الجيش بجمع الأسلحة على الحدود. وأضاف ان الجهود ستبدأ بعد ذلك لنزع سلاح كل القوى في آن واحد باستثناء الشرطة والجيش.