أفادت تقارير اميركية أمس دراسة السلطات إمكان نقل مئات السجناء الأجانب من معتقل غوانتانامو إلى سجن عسكري داخل الولاياتالمتحدة، تمهيداً لعرضهم أمام محكمة عسكرية واحدة، فيما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون عن تشكيل أول محكمة عسكرية لمحاكمة ثلاثة وجهت إليهم الاتهامات بالانتماء إلى تنظيم "القاعدة". واتخذت الإدارة هذا الإجراء لتفادي أي قرار من المحكمة العليا يطعن بتعاملها مع السجناء. وفي المقابل، حققت واشنطن انتصاراً مهماً بقرار المحكمة العليا منع أي أجنبي من مقاضاة الإدارة الأميركية بسبب تعرضه لانتهاكات اعتقالات أو ما شابه ذلك في أعقاب 11 أيلول سبتمبر. نشرت صحيفة "لوس أنجليس تايمز" أمس، أن قاعدة ليفنوورث العسكرية في كنساس هي أحد الأماكن المحتملة التي قد يُنقل معتقلو غوانتانامو إليها، كذلك قاعدة تشارلستون في كارولينا الجنوبية حيث يحتجز حالياً معتقلون أميركيون. وفي الوقت نفسه، اعترف مسؤولون في الإدارة الأميركية بأنها لم تكن مستعدة لقرار المحكمة العليا الذي رفضت فيه طريقة التعاطي مع المعتقلين في الحرب على الإرهاب "لذا بات عليها، التحرك سريعاً لتطوير استراتيجية تضمن إجراء جلسات استماع للمعتقلين، وتجنّب مواجهة قضايا خاسرة على أرض البلاد، وجرّ السجناء والحكومة إلى المحاكم الفيديرالية". تشكيل محكمة عسكرية وفي محاولة لقطع الطريق على أي تحرك إضافي من جانب المحكمة العليا، اتخذت وزارة الدفاع الأميركية خطوة مهمة نحو البدء في تشكيل أول محكمة عسكرية أميركية منذ الحرب العالمية الثانية، بتحديد أسماء ضباط سيقررون مصير ثلاثة فقط من معتقلي غوانتانامو وجهت إليهم اتهامات رسمية. والمعتقلون الثلاثة هم: اليمني علي حمزة أحمد سليمان البهلول والسوداني إبراهيم أحمد محمود القوسي اتهما بالعمل حارسين شخصيين لأسامة بن لادن والأسترالي ديفيد هيكس الذي اعتنق الإسلام واتهم بالتآمر وارتكاب جرائم والشروع في القتل بمساعدة العدو. ولم يحدد بعد موعد المحاكمة التي ستجرى في معتقل غوانتانامو نفسه. وسيترأس المحكمة العسكرية العقيد بيتر براونباك، وستضم هيئة المحكمة عضوين آخرين برتبة عقيد من قوات مشاة البحرية وضابطين آخرين من القوات الجوية، أحدهما برتبة عقيد والثاني برتبة ملازم. ووعد البنتاغون بمحاكمات "كاملة وعادلة"، وأقرّ بحق المعتقلين في الطعن بوضعهم أمام المحاكم الأميركية. وكان أكد في وقت سابق أنه لن يطالب بإعدام أي منهم. وقال المحامي الرائد جون سميث الناطق باسم اللجان العسكرية في البنتاغون إن تشكيل المحكمة "خطوة مهمة". وقال المحامون العسكريون الذين سيتولون الدفاع عن المتهمين الثلاثة إن حكم المحكمة العليا من شأنه تعزيز الطعون في شرعية المحاكم العسكرية التي كانت تسمى من قبل اللجان العسكرية. وتحدثت إذاعة "صوت أميركا" بدورها عن مفاجأة الإدارة بقرار المحكمة العليا، مشيرة إلى أنها لم تستعد سوى باستراتيجية إعلامية تقوم على أساس فوز إدارة بوش في قضايا المعتقلين الثلاثة. وأشارت إلى "وثيقة داخلية" حددت ملامح استراتيجية إعلامية للبنتاغون ومتحدثين حكوميين آخرين في الرد على قرار المحكمة. منع مقاضاة الحكومة الأميركية وإلى انهماك الإدارة بتعجيل المحاكمات، أصدرت المحكمة العليا قراراً يمنع المعتقلين الأجانب عند طعنهم في اعتقالهم من ملاحقة الدولة الأميركية بتهمة الإساءة إلى حقوق الإنسان وانتهاك القوانين الدولية، الأمر الذي يشكل فوزاً لإدارة بوش التي طالما تذرّعت بالغموض في القانون الأميركي الذي لم يعط الأجانب حق رفع دعاوى أمام المحاكم الأميركية، معتبرةً أن خطوات مماثلة يمكن أن تضعف جهود محاربة الإرهاب. وتركت المحكمة العليا الباب مفتوحاً لملاحقة المؤسسات المتعاقدة مع الدولة والتي اتهمت بإساءة معاملة السجناء في أبو غريب في العراق.