يبدو أن إقتياد البنتاغون معتقلي غوانتانامو إلى المحاكمات العسكرية التي بدأت بتوجيه التهم إلى معتقلين يمني وسوداني، سيزيد وضعهم صعوبة بدلاً من تسهيله، في وقت تتضارب الاجتهادات في شأن حقوقهم وشرعية احتجازهم ومحاكمتهم. أكّدت مصادر في وزارة الدفاع الأميركية أنه في حال قرّر القضاء العسكري تبرئة معتقل ما، يحق لواشنطن إبطال القرار وإبقاؤه قيد الاعتقال، إذا رأت أنه يشكل خطراً على الأمن القومي، بغض النظر عن الحكم الصادر في حقه. ويحتجز المعتقلون على اعتبار أنهم "مقاتلون أعداء" في حرب لا تزال دائرة. ويمكن اتهام بعضهم بارتكاب جرائم حرب أو غيرها من المخالفات، فيما تؤكد السلطات الأميركية أن ثمة توجّهاً إلى عدم إطلاق سراحهم طالما الحرب على الإرهاب لا تزال مستمرة، نظراً الى خطر قيامهم بهجمات جديدة ضد مصالح أميركية. واعاد خبراء التذكير بأن الولاياتالمتحدة اختارت ارسال 660 معتقلاً ينتمون إلى 42 بلداً الى غوانتانامو بعد اعتقالهم في أفغانستان عام 2001، ذلك ان وجود المعتقل خارج الأراضي الأميركية يقلص فرص المحتجزين في الافادة من القانون الاميركي، خصوصاً وان واشنطن تصرّ على انهم ليسوا أسرى حرب ولا يتمتعون بالحقوق المفروضة بموجب اتفاقية جنيف. ويذكر ان عبارة "مقاتلون غير قانونيين" التي اطلقتها واشنطن على هؤلاء، استخدمت للمرة الأولى خلال الحرب العالمية الثانية عندما اعتقلت السلطات الأميركية مخرّبين ألماناً بملابس مدنية. وترتب على ذلك فقدان المعتقلين الحق في الحصول على الحماية التي توفرها اتفاقية جنيف، خصوصاً لجهة شروط استجوابهم بطريقة انسانية. مواقف قضائية متضاربة وحتى فترة قريبة، لم تعارض المحاكم الأميركية قرار إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش. ورفضت محكمة الاستئناف الأميركية مطالبة عدد من السجناء بكتابة إشعار قضائي، وهو حق قديم مدرج في القانون الإنكليزي والدستور الأميركي يسمح للسجين بتقديم التماس للحصول على محاكمة، كما يسمح بتفحص شرعية سجنه. وجاء رفض المحكمة على اعتبار أنها ليست متخصّصة بمحاكمة السجناء الأجانب وبوضعهم على الأرض الأميركية. وبرزت الثغرات القضائية الأميركية بعدما قضت محكمة الاستئناف الدورية التاسعة في سان فرانسيسكو بوجوب حصول معتقلي غوانتانامو على محامين يمثلونهم وبحقهم في محاكمات في الولاياتالمتحدة. وقالت أنهّ حتى في حال الطوارئ الوطنية، تلزم السلطة القضائية بضمان حفظ القيم الدستورية المقدسة. واحيل الجدل الى المحكمة الأميركية العليا أعلى سلطة قضائية التي ينتظر ان تصدر حكمها اواسط العام المقبل، أي بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية. نظام قضائي بائد وفي أول محاكمات عسكرية أميركية منذ الحرب العالمية الثانية، عيّن البنتاغون محامين عسكريين للدفاع عن المعتقلين من بينهم الليوتنانت كوماندر في سلاح البحرية فيليب سونديل والميجور في الجيش مارك بريدجز. وسيتولى الاثنان الدفاع عن اليمني علي حمزة احمد سليمان البهلول. وقال المحامون العسكريون أن نظام المحاكمات هذا، ظالم وبائد وميؤوس منه. وأبدى سونديل قلقاً حول المحاكمة العسكرية بجميع جوانبها والآثار التي ستترتب على فرص موكليهم في الحصول على محاكمة عادلة. وقال بريدجز أنه يخطط وزميله لدفاع، لا يطعن في الأدلة التي قدمت ضد البهلول فحسب، بل يهاجم ايضاً أساس المحاكمة العسكرية. ولم يمنح المحاميان حتى اليوم فرصة الاجتماع بموكليهما ولا الاطلاع على أدلة الادعاء، كما لا يعرفان ما إذا كان جرى إبلاغ البهلول بالتهم الموجهة إليه. وفي حال دانتهم المحكمة العسكرية بارتكاب جرائم، لا يمكن للمعتقلين أن يستأنفوا الحكم إلا في حال وافق وزير الدفاع على ذلك، وهو امر يبدو صعب المنال.