تحولت جمهورية انغوشيتيا المجاورة للشيشان ساحة حرب شاملة، اذ شن زهاء 200 مقاتل هجوماً مفاجئاً اربك الروس، سيطروا خلاله على الجمهورية لساعات ليل الاثنين-الثلثاء. ودارت مواجهات دامية اسفرت عن مقتل اكثر من خمسين شخصاً، غالبيتهم من عناصر الشرطة والاجهزة الامنية، ووجهت موسكو اصابع الاتهام الى المقاتلين الشيشان، فيما لم تستبعد مصادر ان يكون متمردون محليون نفذوا الهجوم، في تطور قد يسفر عن اتساع نطاق المواجهات العسكرية لتشمل شمال القوقاز بكامله. في هجوم هو الاوسع من نوعه منذ اندلاع الحرب الشيشانية الثانية عام 1999، تمكنت مجموعات من المقاتلين قدر عدد افرادها بنحو 200 شخص، من اختراق التدابير الامنية وحواجز حرس الحدود والوصول الى قلب الجمهورية الانغوشية حيث فرضوا سيطرتهم على مدينة نزران كبرى مدن الجمهورية، اضافة الى عدد من البلدات المحيطة بها. وذكرت مصادر عسكرية ان المهاجمين تفرقوا الى مجموعات صغيرة شنت هجمات مفاجئة، اسفرت عن السيطرة على الطرق الرئيسية الواصلة بين المدن الانغوشية. ووصفت مصادر انغوشية الوضع عند منتصف الليل، بان المهاجمين "نجحوا في احتلال انغوشيتيا". وخاضت قوات الشرطة معارك شوارع عنيفة مع المتمردين. وقال مصدر في رئاسة الجمهورية القوقازية ان قوات الامن احبطت محاولة المهاجمين الوصول الى العاصمة ماغاس حيث تتركز غالبية المجمعات والمرافق الحكومية. وتركز القتال الذي استمر الى ساعات الصباح، حول العاصمة بعدما تمكن المهاجمون من السيطرة على مبنى وزارة الداخلية في نزران، اضافة الى عدد من المنشآت الحكومية الاخرى، قبل ان ينسحبوا مخلفين وراءهم دماراً في محطة السكك الحديد ومباني الداخلية وهيئة الامن والنيابة العامة الانغوشية. ولفت الانظار ان المقاتلين استخدموا اسلحة آلية وصواريخ محمولة مضادة للمدرعات. وقال شهود ان غزارة النيران اثارت رعباً في المناطق السكنية الانغوشية التي شهدت في السابق عمليات تفجير مختلفة لكنها لم تتعرض لهجوم شامل من هذا النوع. وبحسب حصيلة اولىة نشرتها الاجهزة الروسية، فان 53 شخصاً على الاقل لقوا مصرعهم في الهجوم جميعهم من العاملين في وزارة الداخلية والاجهزة الامنية المختلفة. وقالت مصادر الديوان الرئاسي ان بين القتلى وزير الداخلية الانغوشي ابوكار كوستويف ومسؤولين رفيعين في اجهزة التحقيق والنيابة العامة. وقال ممثل الرئيس الروسي في الدائرة الفيديرالية الجنوبية فلاديمير ياكوفليف انه لم يتم بعد حصر اعداد القتلى بين المدنيين، ما يرجح ان يرتفع العدد الاجمالي لضحايا الهجوم في شكل كبير. واضاف ان "الوحشية التي اظهرها المهاجمون ليست مسبوقة"، مشيراً الى انهم تعمدوا قتل كل من وجدوه من العاملين في وزارة الداخلية والاجهزة الامنية. واتهم ياكوفليف زعيم الانفصاليين الشيشان اصلان مسخادوف بالتخطيط للهجوم. وذكرت المصادر الروسية ان مقاتلين اثنين فقط قتلا خلال المعارك العنيفة. وذكر الرئيس الانغوشي مراد زيازيكوف ان المقاتلين استولوا قبل انسحابهم على كميات كبيرة من الاسلحة والمعدات القتالية من مستودعات وزارة الداخلية ثم اضرموا النيران فيها. وقالت مصادر محلية ان المقاتلين تفرقوا الى مجموعات صغيرة انسحبت من منطقة المواجهات نحو قرى في محيط العاصمة ماغاس بينها قرية غالاشكي حيث ترك المقاتلون سياراتهم. وعثرت الشرطة على جثث 7 شرطيين تركت في داخل السيارات التي تم تفخيخها. وفرضت القوات الفيديرالية طوقاً مشدداً في محيط المنطقة امس، واعلنت بدء عملية تمشيط واسعة النطاق، فيما قررت الجهات العسكرية نقل جزء من الضباط العاملين في الشيشان الى انغوشيتيا موقتاً. بوتين يتعهد القضاء على المهاجمين الى ذلك، تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اول تعليق له على الحادث ب"العثور على المهاجمين والقضاء عليهم وتقديم من يعتقل حياً الى القضاء". وكان عسكريون روس وجهوا فور الاعلان عن الهجوم اصابع الاتهام الى المقاتلين الشيشان. وقال الناطق باسم القوات الروسية في القوقاز ايليا شابالكين ان المقاتلين سعوا الى زعزعة الاوضاع في القوقاز وتوسيع نطاق المواجهات بعدما ضيقت القوات الروسية عليهم في الشيشان. واعتبر ان الهجوم هدف الى "الاعلان عن ان المقاتلين ما زالوا يملكون القدرة على شن هجمات واسعة النطاق في اجل تسهيل حصولهم على دعم مالي خارجي". واللافت ان ناطقاً باسم حرس الحدود قال ان المناطق الحدودية مع الشيشان لم تشهد تحركات للمقاتلين اخيراً، فيما اعرب نائب وزير الداخلية الشيشاني احمد داكايف عن صدمته في حال ثبت ان مقاتلين شيشان يقفون وراء الهجوم. لكن موقعاً الكترونياً في انغوشيتيا نقل شهادة شرطي نجا من الهجوم، وقال ان المقاتلين كانوا يتحدثون بالانغوشية وانهم حددوا اهدافهم ب"قتل عناصر الداخلية والنيابة العامة الموالين للروس". ورجح برلمانيون روس ان تشهد انغوشيتيا في حال ثبت ان مدبري الهجوم مقاتلون محليون موجة عنف واسعة النطاق.