الى أصدقائي البعيدين في شتاء غريب وصقيع جغرافيتها القاسية - 1 - تزورني غيوم الشعر في الشتاء تنحني على جبيني المحموم في وعدٍ بأن تعودَ في صباحٍ فاتنٍ حاملةً شمساً من الكلام البكر، روضةً من الحروف المورقات غابةً من المعاني الدافئة. - 2 - ديسمبرُ المبتلّ بالعتمة، قشرةٌ من الصقيع جسدٌ مرتعشٌ عباءةٌ مثقوبةٌ يا أيها الغامضُ صمتُكَ العاري يهزّني، يوجعني، يحملني في غيمةٍ من الأحزان. - 3 - لم يكن الشتاءُ قاسياً وشاحباً وثرثار اليدين مثلما أطل من مرايا هذه السنهْ. كان قد انتقى أثوابَهُ من داكن الألوانْ لم تحمل رياحُهُ شيئاً من الحكمةِ أو بعضاً من الحكايات التي تظلُّ خارجَ المألوف في ارتجافات الليالي الداكنهْ. تسألني ذاكرة تفتت بين بقايا الشمس والظلال هل ينامُ البحرُ في الشتاء مثلما تنامُ القبراتُ والعناكبُ البيضاءُ والسوداء؟ هل تزيد لسعةُ البرد وصحوةُ الأشواق صوت فيروز اللذيد شجناً حين يجيء عبرَ الشارع المهجور؟ إنني هنا وحدي... أولُ العام وصوتُ فيروز اللذيذ! والكتاب. - 5 - تسألني الشجيرات وقد تعرَّت من ثيابها: هل الشتاءُ حطابٌ يداعبُ الجذوعَ والأوراق؟ أين تذهب العصافير إذا دنا الشتاء أين تخفي الشجن الساخن من نشيدها الأخضر كانتِ الأغصان تشربُ الضوءَ وترتوي من ماء أغنياتها من شجنٍ يورقُ في ضلوع الناس والشجرْ؟ - 6 - ينكسر الصقيعُ، هذه رياحهُ هاربةٌ لتفتح الطريق للعصافير وللورد لوابلٍ من اخضرار الوقت مهلاً يا طفولةَ الربيع ما زال الشتاءُ عند بابِ الشمس واقفاً يقتحم الأجسادَ يستبيح الوقت والمكان! - 7 - في معبدِ القلبِ أقيمُ للوردِ احتفالاً باهراً وللربيع صوتٌ ساطعٌ يشعُّ من بياضِ الكلمات وهي تحتفي بالشمس في حدائق الليل تقيم معراجاً ومعبراً للصبح والنجوم. - 8 - للورد موسيقى وللصباح موسيقى وللندى والظل من أي المقامات تسلل الإيقاع للضحى، فانتعش الضوء حنوناً دافئاً على نوافذ الياقوت في حوائط المنازل القديمة. - 9 - ويبسط الدفءَ لمن يشاءُ سبحان الذي أضاءَ وجهَ الأرضِ زيَّن استواءَها بالحبِ تارةً وبالأشعار، بالأغاني الشاردات في فضاءٍ وارفِ الخضرة، بالماءِ الذي يوحِّدُ اشتياقَ الروح بالحصى وبالأعشاب!