في الحقيقة، لستُ أفهم سبب نشر "الحياة" مقالات لا تخدم هذه الأمة ولا شعوبها، وإنما تصبُّ في النهاية في مصلحة أعدائها، وتقوّي من مواقفهم، وتؤيد مخططاتهم الرامية الى السيطرة على مقدرات هذه الأمة وإخضاعها وتركيعها. فهل هذا كلّه من باب حرّية الرأي؟ إذا كان نشركم لمثل هذه المقالات من باب حرّية التعبير وحرّية الرأي، فلِمَ لم تنشروا لي رسائل كثيرة سابقاً وحتى هذه اللحظة؟ أم لأن رسائلي لا تتوافق ولا تتواءم مع سياسة الصحيفة؟ فعلى سبيل المثال، لا الحصر، نشرت صحيفتكم، في 31 آذار مارس، "آفاق"، مقالة تحت عنوان: "يوميات حرب 2003: 25 عاماً وأنا أنتظر" لكاتبها خالد المعالي الذي يقول عن نفسه انه "عراقي". فهذا الشخص سعيد غاية السعادة باحتلال الأميركيين والبريطانيين لبلاده، فقط لبغضه الشديد ومعارضته لحكم صدام حسين. وأنا أقول له: لو أنني كنتُ من بلدٍ يحكمه أسوأ طاغية وديكتاتور في العالم، فَلَنْ أقبل أبداً أن يُحتلَّ بلدي ويُهان، حتى لو كان هذا الاحتلال ليُزيل هذا الحاكم الطاغية أو الديكتاتور. ولن أسعد أبداً أن أرى بلدي تحت وطأة الاحتلال الصليبي. فالكاتب الذي يصف نفسه بأنه عراقي، قال واصفاً احتلال بلاده، والسعادة التي غمرته جرّاء ذلك: "لكن ألم تكن هذه هي اللحظة التي انتظرناها لثلاثين عاماً وها نحن لا نصدّقها". فهو كان ينتظر احتلال بلاده منذ ثلاثين عاماً. وهناك فقرات في مقالته تقول الشيء نفسه، فلا داعي للإعادة. أقول: كلامه هذا لا يمكن أن يصدر عن عراقي أصيل وشريف. هو قد يحمل الجنسية العراقية، ولكن حمل الجنسية العراقية وحده لا يعني الانتماء والولاء لبلاده ووطنه. كثير من العراقيين هم من أصول ايرانية فارسية هاجروا في القرن الماضي، أو الذي قبله، واستوطنوا ضفاف نهري دجلة والفرات لخصوبة الأرض ولوجود الماء. وبعضهم استوطن مدناً مثل النجف وكربلاء لأسباب دينية. وإنني أتساءل: هل يسعد الكاتب "العراقي" ما حدث في كثير من مدن العراق، وعلى رأسها العاصمة بغداد من نهب وسلب؟ وهل يسعده انعدام الأمن والأمان في كثير من مدن ومناطق العراق الى درجة ان الواحد لا يأمن على نفسه وعياله بعد الساعة السابعة أو الثامنة مساء؟ هل تسعده أعمال الاجرام من خطف للناس، والمطالبة بفدية لقاء إطلاقهم؟ وهل يُسعده ما يراه على شاشات التلفاز من قيام الجنود الأميركيين بتفتيش بيوت الناس في ساعات متأخرة من الليل، وبطريقة بربرية متوحشة، وإثارة الرعب في قلوب النساء والأطفال، فضلاً عن أعمال التخريب المتعمد لأثاث البيوت وإهانة الرجال والنساء، وسرقة حليّ النساء ومدّخرات الناس؟ هل يسعده ان يرى بلاده مفتوحة أمام الاسرائىليين وعملاء "الموساد"، واغتيال العلماء العراقيين قُتلَ أكثر من مئة عالم عراقي في شتى المجالات حتى الآن وتصفيتهم، ودفع الآخرين للهجرة من العراق، في الوقت الذي تزعم قوات الاحتلال أنها تعمل على إعادة اعمار العراق؟ هل يسُرُّك الانتشار الشديد والكبير للمخدرات في العراق؟ وهل يسُرُّك انتشار الرذيلة والدعارة في بلادك أفلام ومجلات خليعة ومخلّة والمومسات... الخ، والتي أتى بها ويُروِّج لها المحتلون الأمريكان؟ وهل يسعدك ارتفاع نسبة الإشعاعات التلوث الإشعاعي الى مستويات خطيرة جداً، في كثير من مناطق ومدن العراق، جرَّاء استخدام القوات الأمريكية القذائف التي تحتوي على اليورانيوم المستنفد أثناء غزوها لبلادك، والى يومنا هذا؟ وهذا ينذر بارتفاع نسبة الولادات المشوّهة الى حد كبير، فضلاً عن الأمراض والعلل الصحية التي يعاني، وسيعاني منها كثير جداً من العراقيين، ويستعصي علاجها حتى في مستشفيات الدول المتقدمة. كولورادو - محمد أمين سلامة سجين "إيه دي إكس" الفيديرالي الانفرادي - المحرر - نشرت الصفحة للمرسل عشرات الرسائل، ولم توفّه حقه.