انتشرت في السعودية أخيراً ظاهرة اقتناء الأرقام المتميزة للسيارات بعدما كانت مقتصرة على أرقام الهاتف الجوال أو الثابت. وإذا كان السبب بالنسبة الى الهاتف يعود الى رغبة صاحبه في أن يكون الرقم سهل الحفظ، لكنه مع السيارات مختلف جداً ... فالمبرر السابق غير موجود لأنه من غير المعقول أن يكون صاحب السيارة يرغب في جعل رقم سيارته سهل الحفظ! فما الفائدة من ذلك؟ وما هو السبب الحقيقي في تدافع البعض لدفع مبالغ تصل الى مئات الألوف في مقابل شيء مجاني في الأصل. فهل هناك بحث عن وجاهة؟! يقول عماد الثبيت: "بعض الناس يبحث عن التميز، فكما ان المجتهد في الدراسة يريد أن يصبح من الأوائل وهكذا فأنا أحب أن تكون لوحة سيارتي متميزة وتعني لي الشيء الكثير من خلال أحرف معينة تدل على اسم معين أو صفة ممتازة أو لقب مثل "اس د" "ب ط ل" "ع س ل" "ا و ل" أو أن تكون أحرف مكررة "111" أو "ب ب ب" او "ررر". الأحرف في نظري أفضل من الأرقام لأن الأحرف تقرأ وهي تدل على قوة الشخص ومكانته الاجتماعية واللوحات تميز الاشخاص المهمين عن غيرهم". واضاف: "في السابق كانت هناك لوحات تحتاج إلى واسطة قوية مثل لوحة "ق م ر". وجرت منافسة شديدة عليها من شخصيات كثيرة وفي النهاية حصلت عليها إحدى الشخصيات المعروفة. واثارت ضجة كبيرة حول كيفية الحصول عليها". ويروي الثبيت انه خالف مرة نظام المرور و"عندما أوقفني الشرطي نظر إلى رقم اللوحة ثم انصرف. والآن أصبح كثير من الشباب يشتري لوحة السيارة قبل أن يفكر باللون او المواصفات". اما طلال عبدالله فيعتبر ان تميز اللوحة ضرورة من ضروريات الحياة وهي تدل الى مكانة الشخص وقيمته ونادراً ما تجد سيارة عادية ولوحتها مميزة فأكثرها سيارات جديدة وفخمة فإما مرسيدس أو لكزس أو بي إم دبليو. ولا بد من لوحة متميزة ما دامت السيارة متميزة وذات قيمة عالية. وأكثر الشباب تجذبهم الأرقام "666" وبعده "999" وهكذا فعندما تنظر إلى لوحة سيارة رقمها "666" فانك تمعن النظر وتحب ان تعرف من يقودها، بعد ذلك تنظرالى نوعها. صالح المسفر يقول ان أكثر الناس يريدون لوحات تعبر عن كلمات عادية من دون معان سيئة وبعض اللوحات يعبر عن كلمات بغيضة لا تتناسب مع المجتمع فتجد أكثر الشباب يحاولون الحصول على احرف وأرقام متميزة. ويقول: "بعضهم يعتبرها شيئاً أساسياً في الحياة وهذا دليل الى النقص فيهم وغالبيتهم من بيئة مترفة. وكثير من الشباب على عكس هؤلاء يعتبرها شيئاً تكميلياً لا أكثر. ولكن في اعتقادي هذه مظاهر كذابة لا معنى لها. ونلاحظ الإعلانات الآن عن اللوحات إذ أصبحت قيمة اللوحات من 100 ريال تصل إلى آلاف الريالات وهناك لوحة متميزة وصلت قيمتها إلى 40 ألف ريال وفي إعلان في إحدى الصحف وصل إحداها إلى مئة ألف ريال!". أما محمد العسيري فيقول أنه عرض عليه مبلغ ثلاثين ألف ريال في لوحة سيارة أأأ 313 مرسيدس وأنه لا يفكر في البيع لأنه سينقلها عن سيارته الجديدة واعتبر لوحته المتميزة مطلباً ضرورياً للبعض لما فيها من تميز عن الاخرين وأفضل اللوحات هي مثل "ط ل و" وأرقام متتاليه أو متكررة وغيرها وأن أفضل الارقام لدى جميع الشباب وأغلى اللوحات هي "666" وأنه لو وجد لوحة 666 بسعر مناسب فإنه سيشتريها. وسبب تميز اللوحات يقول إنه عندما تريد أن تدخل إلى مستشفى أو جامعة أو وزارة من الوزارات فإنك بلوحة السيارة تدخل إلى أي مكان. تفتح امامك البوابات من دون سؤال. ويضيف العسيري "في الجامعة يمكنك ان تركن السيارة التي تحمل لوحة متميزة اينما تشاء، بينما يردون جميع السيارات العادية". فيصل العمري له رأي آخر: "إن أكثر من ينظر إلى هذه اللوحات ويحرص عليها هم مراهقون ويريدون إثبات شخصيتهم من خلال هذه اللوحات وهي في الاساس لا تقدم ولا تؤخر". ويقول ممدوح إن هذه الأرقام أشياء تكميلية وليست ضرورية، فأكثر السيارات الفخمة لوحاتها ذات أرقام عادية جداً ولكن هناك بعض الشباب أرقام سياراتهم متميزة واكثرهم لا تتجاوز أعمارهم العشرين عاماً يهتمون ببروز اللوحات وجعل اللون متميزاً ومختلفاً حتى تجذب الأنظار إليها. واضاف: "يؤدي هؤلاء حركات صبيانية عند الإشارات فتجدهم يعرضون سياراتهم أمام الإشارات كي يشاهد الجميع سيارتهم ورقمها". وبسؤال محمد الزنيدي الاختصاصي الاجتماعي عن هذه الظاهرة المتزايدة في الانتشار في المجتمع الخليجي ذكر أن هذه الظاهرة هي إمتداد لظواهر أخرى سابقة ظهرت في المجتمعات الخليجية مثل أرقام الهواتف النقالة. ويعزو الزنيدي هذه الظاهرة إلى إفتقار بعض الأفراد للوعي ونقص العوامل الشخصية لديهم مما يدفعهم للبحث عن التميز وتعويض هذا النقص بأي شيء يعتقد أنه متميز ويلفت الانتباه. وأكد الزنيدي أن هذه الظاهرة ترتكز الى أسس ضعيفة ولذلك ستتلاشى مع تطور الوعي المجتمعي وادراك الفرد ان التميز الظاهري اقل قدرة على الاستمرار في إقناع من حوله بتميز هذه الشخص أو ذاك.