التميز غاية يسعى اليها كثير من البشر.. والباحثون عن التميز فيما يعشقون مذاهب شتى.. منهم من يبحث عن التميز عبر الانجاز والنبوغ الدراسي.. ومنهم من يبحث عنه عبر الاختراع والابتكار ونفع المجتمع.. ولكنْ هناك آخرون ممن يملؤون الدنيا صخبا وضجيجا .. ينطبق عليهم المثل القائل: “أسمع جعجعة ولا أرى طحنا”.. وهؤلاء هم الباحثون عن التميز عبر الصور والأشكال لا الجواهر والأعمال. من تلك الفئة التي تبحث عن التميز عبر الصور والاشكال ذلك الشاب الذي يبدي استعداده ليدفع (شقى عمره أو قلْ عمره كله) مقابل لوحة سيارة برقم مميز.. فإن لم يجد عدل لوحة السيارة من حيث اللون والوضع لمجرد الظن أن هذا يميزه ويلفت النظر اليه.ما السبب في هذه الظاهرة التي تزدحم بها شوارعنا يا ترى: هل هو الفراغ؟.. هل هو الترف الزائد؟.. هل هو غياب الوعي؟.. أم غياب الهدف والقضية؟ لقد فتحت ادارة المرور فرصة ذهبية للباحثين عن التميز من أصحاب المركبات، من خلال إلغاء الأصفار على يسار لوحة السيارة.. حيث لاقت هوى في نفس بعض الشباب، الذين استغنوا عن العبث بلوحات مركباتهم وتلوينها وتغيير مظهرها، معتقدين أنهم وصلوا بهذا قمة التميز، خصوصا عندما تحمل اللوحة رقما واحدا.بينما آخرون فضلوا عدم المساس بها. والبعض الآخر ممن لا يحملون هذه الأصفار بمركباتهم، فضل التميز بطريقته الخاصة، وعبث بلوحة السيارة الأصلية.. ما يعد مخالفة لأنظمة وقوانين المرور. تلاعب وتزييف يقول فواز الشاطري (موظف بالقطاع الخاص): “أصادف أحيانا وأنا في طريقي لعملي بعض السيارات التي عبث أصحابها بأرقام لوحاتها فغيروا لوحتها الأصلية إلى لوحة من البلاستيك أو من الزجاج الشفاف، ليعطي السيارة مظهرا لافتا”. ويضيف: “ولا نعرف هل أرقام السيارة صحيحة فعلا، أم أنه تم التلاعب ببعض أرقامها خوفا من المخالفات المرورية أو غيرها”. ويوضح: “أرى أن تلتفت ادارة المرور إلى مثل هذا التلاعب الواضح في أرقام السيارات، والحد من هذا الاستهتار باللوحات الأصلية للسيارات، وأيضا لكي لا يقع بعض المواطنين ضحية بعض المزيفين والمتلاعبين في أرقام اللوحات”. مخالفة واضحة ويستغرب عيد ناصر (موظف حكومي) وجود بعض السيارات التي قام أصحابها بصبغ لوحاتها بألوان مثل لون السيارة أو التشبه بلوحات السيارات الأمريكية والأوروبية من اجل لفت الانتباه “ مع أن بعض الألوان قاتمة ولا ترى الأرقام منها بسهولة”. ويوضح ان “هذا الأمر مخالفة واضحة لأنظمة وتعليمات المرور”. ويتمنى أن “تختفي هذه العادة الدخيلة علينا، التي أتوقع أنها جاءت من باب التقليد لا أكثر”. ويضيف: “نحن لا نريد ان ينساق شبابنا خلف هذا التقليد المزيف”. سبك لوحات وعن اماكن سبك تلك اللوحات يذكر ابوظافر أن “هناك بعض العمالة التي تقوم بسبك لوحات السيارات بمواد مختلفة من البلاستيك والزجاج الشفاف وبعض المعادن، بحسب ذائقة العميل، وكذلك باختيار نوع الخط الذي يرغبه العميل”. ويوضح ان “هذه الأماكن كالخطاطين ومحال الزينة، حيث تقوم بها العمالة الوافدة، دون أدنى مسؤولية”. ويتساءل: “ما دور المرور في التصدي لهذه المحال”. اللوحة الأصلية ويقول نجا سلطان: “ألجأ أحيانا الى وضع تغبيرة الشطرنج على لوحة السيارة، لتعطي بروازا رائعا، بحيث لا تضر بلونها الاصلي، دون صبغ أو تعديل أو تغيير”. ويضيف: “وضعت قبل عدة أشهر لوحة بلاستيك سوداء بأرقام ذهبية، لكن أصدقائي نصحوني بإرجاع اللوحات الأصلية لعدم مواجهة مشاكل مع المرور”. ويقول: “لقد اشتريت اللوحة المعدلة في ذلك الوقت بقرابة (400) ريال، وفعلا أرجعت اللوحات الأصلية، والتخلص من هذه اللوحات بتكسيرها؛ كي لا تقع بيد أحد اللصوص”. وعن سبب وضع هذه اللوحات يجيب أن تكون “من باب التميز ولفت الانتباه لا أكثر، ولم اكن أقصد بذلك التمويه على اللوحة أو شيئا من هذا القبيل”. متخلفون عقليا وتقول دانة محمد: “لا أعلم الفائدة من تغيير شكل لوحة سيارات الشباب، حيث نلاحظهم في بعض الأحيان بشارع التحلية بألوان وأشكال مختلفة، وهم في الحقيقة يعتقدون أنهم متميزون، وأنهم يلفتون أنظار البنات، ونحن نعتقد أن هؤلاء متخلفون عقليا، ولا يحترمون قوانين المرور التي تنص على عدم العبث بأرقام وحروف المركبة، أو شكلها الخارجي”. وتؤكد أن “التميز الحقيقي للانسان يكون بشخصه، وحب الناس له وليس بلوحة سيارته”. ويذكر عبدالله (صاحب محل زينة سيارات) أن “هذه اللوحات ممنوع تصنيعها أو بيعها” ونحن لا نتعامل مع هذه اللوحات أبدا”. وعن أسعارها يقول: “كانت تباع قديما في المحال من 100 ريال الى 500 ريال، بحسب التصميم والقطعة”. ويضيف ان “الملاحظ في الفترة الأخيرة هو قلة السيارات التي بها هذه اللوحات، بحيث أصبح من النادر رؤية سيارة تحمل لوحة غير لوحتها الاصلية”. ويؤكد: “في الحالتين نحن ضد هذه اللوحات، ولا نسعى أبدا الى مخالفة أنظمة المرور”.