لندن، بيروت - "الحياة"، ا ف ب - يقلد اللبنانيون "الصرعات الغربية" بشكل اعمى حتى ولو كلفهم الامر دفع مبالغ خيالية. ولا تساوي قيادة سيارة فخمة في بيروت شيئا اذا ما لم ترافقها لوحة تسجيل ملائمة او مميزة. ويصل الامر ببعض السائقين اللبنانيين من "اثرياء الحرب" الى دفع نحو 30 الف دولار لشراء لوحة تسجيل من ثلاثة ارقام في حين تدفع اطراف بريطانية ما يصل الى 100 الف استرليني لتملك لوحة من الحرفين RR لوضعها على سيارة "رولز رويس" مثلاً. تجارة ارقام السيارات ولمعظم السيارات في لبنان لوحات تسجيل من سبعة ارقام مدونة مع كلمة لبنان باللغتين الفرنسية والعربية. وفي بريطانيا تتغير لوحات السيارات مرة واحدة سنويا وتبدأ بأحرف الابجدية وفق طريقة معقدة ما جعل قيمة التجارة السنوية لارقام السيارات القديمة تصل الى حدود 150 مليون استرليني. وفي حين تحدد السوق قيمة اللوحات في بريطانيا ادى الانشغال الدائم لبعض اللبنانيين بالتميز عن الآخرين، وهو جنون شمل ايضا الهواتف الخليوية، في الاعوام الاخيرة الى التهافت على الارقام "التي لا يملكها احد" مما انعش تجارة السوق السوداء التي تشارك فيها "مافيات مصلحة تسجيل السيارات" على حد تعبير الصحافة. وتساوي لوحة السيارة المؤلفة من اربعة او خمسة ارقام آلاف الدولارات لمجرد كونها مميزة قليلا اي انها تحمل رقما ينتهي بعدد من الاصفار 25000 مثلاً او ارقاما مكررة 22 او 33 او ارقاما متتالية. لكن "آخر صرعة" هي في امتلاك اللوحة النادرة المؤلفة من ثلاثة ارقام مدونة على نحو نافر فوق لوحة سوداء لامعة. ويصل سعر هذه اللوحة الى مستويات خيالية تراوح بين 15 الف دولار كحد ادنى و 30 الف دولار كحد اقصى. وقال علي، وهو رجل ملتح ضخم البنية، تخصص في هذه التجارة منذ اعوام : "هناك ما بين 700 و800 لوحة تسجيل بثلاثة ارقام. الاغلى ثمنا هي التي تحمل الارقام 200 و300 و400 أو 222 و333". وهناك اللوحات السياسية ، اي التي تبدأ بالرقم 5 وتشير الى ان مالك السيارة على علاقة طيبة مع وزارة الداخلية. وهناك ايضا بعض اللوحات المؤلفة من 3 او 4 ارقام وتحافظ عليها الاسرة بكل عناية مثل الرقم 1000 المميز الذي يتباهى به اليوم احد السياسيين بعد ان ورثه عن والده الذي كان رئيسا للجمهورية. وتبدأ لوحات الافراد من الرقم 150، إذ ان الارقام السابقة مخصصة للشخصيات الرسمية والنواب. وقال علي :"هذا جنون، ان نسبة 80 في المئة من الذين يتوجهون الى دائرة تسجيل السيارات تطلب رقما جميلا". و"الرقم الجميل" مثلا هو رقم سيارة وزير سابق دفع 30 الف دولار ليحصل على الرقم 535 لسيارته من نوع "بي. ام. دبليو. 535" والامر نفسه بالنسبة الى احد المصرفيين الذي يقود سيارة "مرسيدس 600" واصر على تملك الرقم 600. وقال احد تجار السيارات :"لدي بي. ام. دبليو. بيضاء؟ انها من صنع 1987 وتساوي خمسة الاف دولار لكن بسبب رقمها المميز ارتفع سعرها الى سبعة الآف، وهذه "المرسيدس" المستعملة يصل سعرها الى 30 الف دولار، لكن مع لوحة تسجيل من ثلاثة ارقام يرتفع سعرها الى الضعف تقريبا". صفقة وحتى اليوم، يتمتع اصحاب لوحات التسجيل الخاصة بحق بيعها في دائرة تسجيل السيارات وشراء رقم عادي وبهذه الطريقة اشترى احد "تجار لوحات التسجيل" 45 لوحة من 5 ارقام عام 1996 مقابل 200 دولار اميركي للوحة الواحدة، ثم باعها للافراد مع فارق واضح. وقال علي: "طلب مني احد الزبائن ان ابحث له عن الرقم 5258 وهو تاريخ مولده ومولد زوجته، وعثرت عليه وحصلت على 3000 دولار"!. وعادة ما تكون المهمة الاصعب عندما يصادف احد الاشخاص سيارة تحمل رقما يعجبه ويصر على تملكه. وتبدأ مهمة "صائد السيارات" بالبحث عن اسم المالك وعنوانه حتى يجده ويقنعه بقبول 6500 دولار لكنه يبيعها في مقابل 7000 دولار لزبونه. لكن هذه التجارة الصغيرة قد تعرف نهاية سريعة... لأن السيارات ستحمل بعد فترة قصيرة لوحات ذات ستة ارقام مع حرف لكل محافظة، في حين انه في بريطانيا ستتغير طبيعة ارقام السيارات سنة 2002 من ان يفقد من دفع ثمنا باهظاً لرقمه قيمة اللوحة التي اشتراها سابقا او ورثها عن والده او تلقاها هدية في عيد ميلاده! وبعد استبدال اللوحات في لبنان لن يعود ممكنا بيع الارقام من دون السيارة، وحتى يظل بامكان المواطنين التباهي بلوحاتهم العزيزة، عليهم الحصول على استثناءات من الرسميين مما يفتح المجال لتجارة جديدة!.