شهدت الهند زلزالاً سياسياً، اعاد حزب المؤتمر الى السلطة، بزعامة صونيا غاندي ارملة رئيس الوزراء الرحل راجيف غاندي، لتكون بذلك اول امرأة اجنبية الاصل تتولى قيادة البلاد، متكئة الى ارث العائلة الذي يجسده ولداها بريانكا وراوول حفيدا انديرا غاندي. وبدأ يطلق على هذا الثلاثي لقب "الغانديين الجدد". ولحقت هزيمة انتخابية لم تكن متوقعة بحزب "بهاراتيا جاناتا" الهندوسي المتشدد بزعامة آتال بيهاري فاجبايي الذي استحوذ على السلطة منذ عام 1996. وفي ضوء الهزيمة، سارع فاجبايي الى تقديم استقالته الى الرئيس ابو الكلام آزاد، فيما اعلن "المؤتمر" ترشيح صونيا لخلافته. وبدا ان الناخبين في الارياف والمناطق النائية صوتوا ضد فاجبايي عقاباً له على اقصائهم عن الإفادة من الانتعاش الاقتصادي الذي شهدته البلاد اخيراً. تمخضت النتائج الاولية للانتخابات الهندية عن هزيمة ساحقة ومفاجئة لحزب "بهاراتيا جاناتا" الذي يقود الائتلاف الحاكم ثمانية اعوام. وأظهر فرز الاصوات لنتائج 535 من اصل 543 مقعداً في البرلمان، أن "بهاراتيا جاناتا" بزعامة رئيس الوزراء آتال بيهاري فاجبايي حصل وشركاؤه في الائتلاف على 189 مقعداً في البرلمان فيما حصل حزب "المؤتمر" المعارض بزعامة صونيا غاندي على 219 مقعداً. وحصل اليساريون على 63 مقعداً في مقابل 64 مقعداً للاحزاب الاقليمية الاخرى. وشكلت الهزيمة صدمة لحزب فاجبايي، خصوصاً انه كان صاحب قرار تقديم موعد الانتخابات التي كانت مقررة اصلاً في تشرين الاول أكتوبر المقبل، وذلك في محاولة للإفادة من النجاحات التي تحققت محلياً ودولياً مثل انتعاش الاقتصاد وإجراء محادثات سلام مع باكستان. وقال رئيس الحزب فينكاياه نايدو: "بما أننا لم نحصل على تفويض من الشعب، قررنا الجلوس في صفوف المعارضة". وقال برامود ماهاغان الامين العام لحزب "بهاراتيا جاناتا" الذي نظم الحملة الانتخابية للحزب إنه "مذهول" بسبب نتائج الانتخابات. وأضاف: "لا شك في ان الخسارة واردة في السياسة، طالما أن الانتخابات لا تتوقف إلا أنه يبدو أن كل شيء كان في غير مساره الصحيح". وطالب حزب المؤتمر بتشكيل حكومة جديدة، معلناً ترشيح زعيمته الايطالية الاصل الى رئاستها، فيما احتفل محازبوه ومؤيدوه بالفوز امام مكاتبه في نيودلهي وماكن أخرى. ويتوقع ان يتولى حزب المؤتمر بقيادة صونيا غاندي وولداها راوول وبريانكا وهم الوجوه الجديدة في سلالة غاندي - نهرو، السلطة بحلول الاسبوع المقبل. وقالت امبيكا سوني الناطقة باسم الحزب للصحافيين "سيؤدي ائتلاف علماني يقوده حزب المؤتمر اليمين خلال الايام القليلة المقبلة". ويرجح ان يضطر الائتلاف الذي يقوده حزب المؤتمر الى الاعتماد على الاحزاب اليسارية التي حققت أفضل اداء لها حتى الآن. انتقام الفقراء والارياف وقال محللون ان على الحكومة الجديدة أن تواصل الاصلاحات المهمة في ثالث أكبر أقتصاد في آسيا، لكن سيكون عليها ضمان وصول المزايا للفقراء وعدم اقتصارها على الطبقات العليا المقيمة في الحضر، وهو الامر الذي سبب هزيمة حزب فاجبايي. وكان فوز حزب المؤتمر مستبعداً قبيل الانتخابات. لكن الحملة القوية التي شنها الغانديون والتي اجتذبت حشوداً ضخمة والاستياء من أن مزايا النمو والاصلاحات الاقتصادية لا تصل الى المواطن العادي أنعشت "المؤتمر". وفقد حزب "بهاراتيا جاناتا" وحلفاؤه أكثر من مئة مقعد في البرلمان الذي يضم 545 مقعداً. وسقط عدد من ابرز وزرائه من بينهم وزير الخارجية ياشوانت سينها في معاقلهم. الغانديون الجدد ومع تفريغ المسؤولين لنحو 370 مليون صوت وضعت على آلات الكترونية على مدى الانتخابات التي استمرت ثلاثة أسابيع، احتشد أعضاء حزب المؤتمر في مقر الحزب في نيودلهي يرقصون في الشوارع ويقرعون الطبول. وعوضت أسواق المال التي هبطت وسط مخاوف من أن يعود فاجبايي لرئاسة ائتلاف غير مستقر، خسائرها المبكرة مع اتضاح فوز حزب المؤتمر. وحقق راوول غاندي 33 عاماً فوزاً ساحقاً في ولاية اوتار براديش الشمالية التي تعد المعقل التقليدي لعائلته. واختطف مقعد منافسته تشاندرا براكاش ماتيري من حزب "باهوغان ساماغ" حزب غالبية المجتمع بفارق 391 الف صوت في دائرة اميثي الانتخابية التي أعادت والده راجيف غاندي الى البرلمان ثلاث مرات حتى اغتياله عام 1991. وقال مسؤولون في اللجنة الانتخابية ان غاندي المستشار المالي السابق الذي يرشح نفسه للبرلمان للمرة الاولى، حصل على 70 في المئة من الاصوات في الدائرة الانتخابية. السلام مع باكستان وأكد حزب المؤتمر التزامه "سلاماً دائماً" مع باكستان المجاورة. وقال الناطق باسمه اناند شارما ان الحزب "ملتزم بالعمل من اجل اقامة سلام دائم في المنطقة". وأضاف: "ساندنا دائماً الحوار بين البلدين ودعونا الحكومة المنتهية ولايتها الى مواصلة عملية التفاوض. بالتالي ليس هناك اي تغيير". وكانت باكستان عبرت عن قلقها من تغيير في هذا الشأن. وقال وزير الاعلام الباكستاني شيخ رشيد ان إسلام آباد "تأمل في الا يؤثر تغيير الحكومة في الهند على عملية السلام بين البلدين". وأضاف الوزير الباكستاني الموجود في ماليزيا للمشاركة في مؤتمر لحركة دول عدم الانحياز ان "هذه العملية غير مرتبطة بشخصيات انها نتيجة رغبة بالسلام لدى شعبي البلدين".