} بدا التوتر واضحاً على وجه رئىس الوزراء الهندي اتال بيهاري فاجبايي. وتلاشت نشوة الشعور بالنصر التي رافقت الايام الاولى من حملته الانتخابية في اعقاب المعارك في كشمير. وجاء ذلك بعدما اظهرت الاستطلاعات الاولية لنتائج الانتخابات ان الفارق بين حزبه الحاكم وحزب المؤتمر بزعامة صونيا غاندي، تقلص الى حد لم يكن يتوقعه، فيما اجمع المحللون على عدم توفر غالبية مريحة لفاجبايي يضمن من خلالها اكمال ولايته المقبلة من دون مشاكل. اصبح رئيس الوزراء الهندي اتال بيهاري فاجبايي، الذي يتزعم حزب "جاناتا بارتي" الهندوسي المتطرف اكثر قلقاً في شأن مستقبله في الحكم في اكبر ديموقراطية في العالم. واشار مراقبون سياسيون في نيودلهي الى ان "جاناتا بارتي" الذي كان حتى الامس يأمل في تشكيل حكومة تتمتع بغالبية كبيرة، وجد نفسه فجأة في وضع مقلق، بعدما اظهرت استطلاعات الرأي للناخبين خارج مراكز الاقتراع في اليوم الاخير للانتخابات اول من امس، ان الفجوة بين الحزب الحاكم وحزب المؤتمر بزعامة صونيا غاندي تقلصت الى حد كبير. وعلى رغم ان التوقعات اشارت الى ان "جاناتا بارتي" حزب الشعب سيكون اكبر حزب في البرلمان ورجحت فوزة ب185 مقعداً من أصل 545 فان التوقعات نفسها رجحت ان يليه "المؤتمر" مباشرة ويحصل على 146 مقعداً. ويعني ذلك ان "جاناتا بارتي" سيُضطر، كما كانت الحال في السابق، الى الاعتماد على حلفاء غير موثوقين لتشكيل حكومة وضمان بقائها. كما سيكون معرضاً لتكرار ما حدث في نيسان ابريل 1999، عندما لحقت بالحزب هزيمة نكراء وفشل في امتحان الثقة في البرلمان. وسيتعين على "جاناتا بارتي" ان يستعين هذه المرة بعدد اكبر من الحلفاء اكثر من عشرين كي يبقى فى الحكم تحت رحمة العديد من الشركاء المعاندين الذين يروجون لبرامج خاصة بهم تتعارض مع برامج الحزب. وعلق ديبلوماسي رفيع المستوى على ذلك قائلا: "ستكون امامهم سنتان اخريان قبل اجراء انتخابات جديدة". وسيحظى الائتلاف الهندوسي المتطرف الحاكم حالياً بزعامة "جاناتا بارتي" على 41 فى المئة من الاصوات و 287 مقعداً، اي بزيادة 14 مقعداً عن الغالبية المطلقة البالغ عددها 273 مقعداً. وفي المقابل سيحصل "المؤتمر" وحلفاؤه على 174 مقعداً او 34 فى المئة من الاصوات. ورأى محللون في نيودلهي ان "الحكومة المقبلة قد تحظى ببعض الاستقرار لبضعة اشهر، لكنها ستكون حكومة هشة تسقط لدى تخلي حليف واحد عنها". عامل صونيا وفي وقت اعتبر محللون ان السبب الاكثر حسماً وراء هذا التحول يكمن في تأثير "عامل صونيا" فإن هناك اسباباً اخرى بينها تلاشي الشعبية الكبيرة التي كان "جاناتا بارتي" كسبها اثر طرد المقاتلين الكشميريين من كارغيل.. ويلاحظ ان تأثير هذه الحمى الوطنية كان محصوراً في جيوب في المدن وبعض الولايات، بينما بقيت المناطق الريفية بسكانها غير المتعلمين في منأى عنه. كما حدّت من هذا التأثير قضايا محلية. وقال كابيل سيبال الناطق باسم حزب المؤتمر: "لا يزال الفقراء يشعرون بقلق لعدم توفر مياه الشرب التي كان "جاناتا بارتي" وعد بها في حملته الانتخابية العام الماضي واخفق في توفيرها. فلماذا ينبغي ان تشغلهم حرب عن ذلك؟". اضافة الى ذلك، اتاحت عملية الاقتراع التي استغرقت وقتاً طويلاً، الفرصة للمعارضة كي تطرح قضايا مثيرة للجدل وتحشر حكومة "جاناتا بارتي" في زاوية وتحد من التفوق الذي بدا ان الوجود في السلطة يمنحه لفاجبايي. ولا شك ان الناخبين تأثروا بالحملة النشيطة التي شنتها صونيا غاندي واتهمت فيها رئيس الوزراء بخيانة الامة لتقصيره في حماية حدودها ثم إشعال حرب مكلفة. ما هي الحصيلة اذاً؟ انها انتصار لصونيا الايطالية المولد التي لا يُتوقع ان تتولى منصب رئيس الوزراء هذا الشهر، الاّ انها لم تنجح في تعزيز موقعها في الخريطة السياسية للبلاد فحسب، بل وهبت حزب المؤتمر الذي كان يحتضر روحاً جديدة ايضاً. وقال ديليب بادغونكار رئىس تحرير صحيفة "تايمز اوف إنديا" الواسعة النفوذ ان "جاناتا بارتي" سيعود الى الحكم "بمساعدة شركاء في ائتلاف هش، وسيمهد هذا الطريق لصونيا وحزب المؤتمر خلال سنتين". الزمن وحده كفيل بالتأكد من صحة هذا التنبؤ السياسي، لكن الدلائل تزداد قوة فعلاً.