هل يصمد الكوخ في وجه العواصف والأمطار المنهمرة؟ انتابه شعور بالقلق، فقرر عدم المبيت في الكوخ. فالليلة عاصفة ومن باب الحيطة، قال نذهب نبيت عند الجيران بيتهم من حجر وباطون وعمارته جديدة. ولف مع زوجته وأولاده الى عند أبو عامر الذي استقبله مع عائلته بالترحاب. وطفق مسعود وأبو عامر يتسامران على وقع هطول المطر الذي ينصب بلا انقطاع، والرياح التي تزمجر، الى حين أشار عقرب الساعة الى العاشرة. استأذن مسعود جاره لينام. أفاق باكراً، نظر من النافذة الى كوخه فوجده كومة، من صفيح وخشب وحجارة خفان. أيقظ زوجته سنية. انهضي! ألم أقل لك يحسن بنا ألا نبيت الليلة في الكوخ؟ قلبي حدثني يا سنية خفت من غضب الطبيعة. ليلة لن أنساها ما حييت. ألقت نظرة وأدمعت. فللمأوى ذكريات حلوة ومرة. مكث مسعود عند جاره وقتاً. ثم حدّث سنية. طال قعودنا عند أبو عامر، لنذهب الى بيروت عند ابن عمي، وقد أجد عملاً في غسل الصحون في مطعم، فما أكثر المطاعم في بيروت. ودّع جاره، وفي أقل من ساعة كان في بيروت، وذهب الى بيت ابن عمه. آخر لقاء بينهما كان منذ سنة. وصل البناية، وسأل البواب عن ابن عمه. أجابه: سافر مع أسرته منذ ستة اشهر الى دبي. يا للمفاجأة أين أذهب الآن مع زوجتي وأولادي؟ مشى مع سنية وولديه الى ان وصلوا الى ساحة النجمة. خاطب زوجته: هنا نستطيع ان نستريح، إنه البرلمان. جلس على العتبة، وفتح الصرّة التي تحوي ألزاد. وما ان باشروا الأكل حتى تقدم نحوهم بعض رجال الأمن. آمر المجموعة: ماذا تفعلون هنا؟ نأكل. ألم تجدوا مكاناً غير هذا لتجلسوا وتأكلوا؟ رد مسعود: انه بيتنا! ظن قائد الشرطة ان الرجل مخبول يهذي. أنتم جالسون على عتبة البرلمان. رد مسعود: نعم أعرف ذلك. أليس هو بيت الأمة؟ أخذ الحوار طابع الجد. قائد الشرطة محتداً: احملوا طعامكم واذهبوا قبل ان آمر الشرطة بحملكم في شاحنة للتحقيق. وحين أراد مسعود افهام الضابط انه فقد كوخه، ولا مأوى له، كان الضابط أشار الى مجموعته ان أجلوهم عن المكان. حين تقدموا من مسعود يريدون أسره، حمل ما تبقى من طعام ومشى هائماً مشرداً، يخاطب سنية: غادرت بيتي مكرهاً مرتين! طرابلس - محمد زهري حجازي عضو اتحاد الكتّاب اللبنانيين