إبراهيم "أبو حمد" يطرق باب بيت أخته" منيرة" ويفتحه بخيط معلق إلى الخارج، كان يستخدم بشكل عفوي على كافة المنازل، - يا ولد.. يا ولد - وهو يعدل من شماغه، منيرة وهي متربعة في المصباح - تلقط الرز وتنثره - لتنظيفه من السوس والحبيبات السوداء.: "أدخل يا خوي الله يحييك، انا في ذا". يجلس ابراهيم على بساط مقلّم، ياخذ - المهفه -: "ناويتن تكبين غداكم بدري.!؟ ما بعد جا الضحى"، ينظر حواليه ليسُر لإخته: "يا اختي راعي الحوي ناوي يظهرنا، وشارطَّن علينا أما ندفع الأجار او نشتريه والا نظهر، المشكلة انا الجيران صاروا أهل وربع والعمر كله قضيناه في ذا الحوي، ونجي في آخر العمر نطلع منه "مع الآهو..!". يدخل زوج منيرة مع ابنه دحيم، عليهما: "مسيك بالخير يابو حمد، عسى ما شر سامعن ان راعي البيت شارطن عليك يا تشتري والا تعطيه الاجار"، ابراهيم يتنهّد ويرفع - المهفة - على وجهه: "الشكوى على الله، ما نعرف وش الدبرة"، أم دحيم "منيرة" تاخذ الارّز لمطبخها المتكون من - سحارة يوضع عليها القّز وسحارة أخرى تضّع عليها بعض الأواني - تغلي قهوتها ثم تعود إليهما: "الا ورا ما تروح لسوق الجفرة وتاخذ لك دينه تشتري بها الحوي لين الله يفرجها عليك، وتبيع حيالة الباطن". يتذكر أبو دحيم أن له صديق في سوق الجفرة: "اسمع يا براهيم.. أنت محّتَدَ، خلنا ميَر نتغدى ونروح لابو مسعود، وان شاء الله الحل عنده". أبو مسعود لديه دكان صغير مملوء باكياس الأرز والطحين والأقط في سوق معروف باسم سوق الجفرة، لا يستطيع ان يتربع على الأرض لزيادة وزنة وبروز كرشه، دائماً ما يجلس على كرسي حديد أحمر، يسلم عليه ابو دحيم ويقول: "الا يابو مسعود ودنا باربعة آلاف لا بوحمد"، ابو مسعود يرفع عصاً يمسكها كثيراً عندما يكون أمام دكانه ينادي ابو حمد: "حط يدك على الكيس، وقل شريته ب 14"، يردد ابو حمد تلك الجملة، يعود أبو مسعود، ويضع يده على نفس الكيس: "تراني شريته ب "10" وافقت، يرد ابو حمد أي والله وافقت. يفتح "تجوري ضخم" ويسلمه أربعة آلاف ريال لعلة يعود بها بعد عام ب "5600" كما أخذ وثيقة امتلاك مزرعته لتكون رهّن. ودّع ابو دحيم رفيقه ابو مسعود، ليذهب مع ابو حمد الى صاحب المنزل "الحوي" ويشتري ابو حمد منزله الذي عاش به زمن طويل. أم حمد متربعة في المصباح ممسكتاً راس ابنها - تفليه - تبحث عن"قمّل"، اذ تنهر ابنها: "وش ذا الكشه، يعنبوك عجزت وانا أحّن عليك أحلق راسك"، يدخل في تلك الأثناء أبو حمد: "منير وش ابشرت سبه"، منيرة: "بشارة خير ان شاء"، ابو حمد:"الا والله بشارة خير، تراني شريت البيت باربعة آلاف، وخلصنا من حنة راعية". ترفع يديها إلى السماء شاكرةً الله. بعد عام لم يستطع أبو حمد سداد "العشر باربع تعس" وأبو مسعود لم يمهلمها بل طلب منهم أفراغ - صك - المزرعة له. ياتيه ابو مسعود في بيته، متعكزاً على عصاه، الاي ابو حمد: "يمن انك ما تقدر على الدين، وراك تاخذه، ترا ما عندك الا ترجع فلوسي والا تروح معي للشيخ تفرغها لي". هذه حالتنا منّذ زمن بعيد لم تتغير، انتهى سوق الجفرة ومن حوله بتاريخه وجدرانه ومنه من كسب، وانتقلنا إلى دين المؤسسات والبنوك لشراء العقار.!