لم يقف مع الواقفون، تركهم يعدون خطواتهم البطيئة، لف جسده عنهم ودخل من الباب الخلفي، أعطى أوراقه للموظف المختص، الذي وقف حين شاهده، وبابتسامة غائبة منذ توليه هذه الوظيفة، أنهى له أوراقه في غضون ثواني، وحين غادره، دس الموظف ظرفاً في جيبه.. انتهت العملية وخرج وهو يمدح الإجراءات السهلة والسرعة في التنفيذ، وحين وصل لسيارته، وجد بعض الأوراق الأساسية لإكمال الملف نسي أن يضمها للملف الذي أعطاه الموظف...! -2 - قال للمحاسب القانوني الذي يشرف على منشئته: = أريدك أن تدقق جيداً في إخراج ميزانية هذا العالم، وبعد شهر من الآن تسلمني إياها.. ابتسم المحاسب القانوني له وهو يفرك أصابعه، وقبل أن يخرج قال له صاحب المنشئة.. = لا تنس في غضون يومين تخرج لنا ميزانية أخرى لنقدمها لمصلحة الزكاة.. - 3 - كان يطرق باب عمه بهدوء حين وقفت سيارة فارهة أمام دار عمه، نزل منها ابن عمه، وكأنه قد سقط في زجاجة عطر، تراجع للوراء وسلم على ابن عمه الذي بادره بالسؤال: = لماذا أنت هنا؟!.. = أريد من عمي أن يعطينا أنا وإخوتي شيئاً من أرث أبينا.. نظر إليه ابن عمه وقال بغضب: = أبي ليس هنا.. غادره مكسور الخاطر، ودخل ابن عمه إلى داره ليقبل رأس أبيه!.. - 4 - كان يسابقهم إلى المسجد، وكل أهل القرية يثقون فيه، كان هو صاحب المتجر الوحيد في القرية، وكان تحت كفة الميزان حجر يزيد وزن الموزون!.. - 5 - قبل أن يدخل للقاضي، أستلم نقوده، ونطق بما لا يعلم..!.. - 6 - كل نهاية شهر كان يذهب إلى المؤسسة العامة للتقاعد، يستلم راتبه التقاعدي، وحين يعود إلى داره، يستلم راتب ابنته، ويتركها معلقة!.. - 7 - خارج المسجد كانت الحياة صاخبة، ممتلئة، مزدحمة بالأجساد، وكان داخل المسجد، قليل من أجساد متعبة من رحلة السنين الطويلة!.. - 8- خرج من دار أمه، ونسى أن أمه قد طلبت منه رغيفاً للعشاء.. وخرج مع زوجته إلى مطعم فخم، لتناول العشاء!.. - 9 - ألح عليه بقبول دعوته لتناول طعام العشاء، فاستجاب لطلبه، وعندما دخل داره كان هناك ضيف لم يره من قبل، قال له مضيفه: = لا أحتاج أن أعرفك به، فلا بد أنك تعرفه جيداً.. صمت ضيفه وأدرك أنه لم يعرفه فقال: = أنه جارك، تتقاسمان معا الجدار الفاصل بينكما!... - 10- رجع إلى بيته متأخراً، فوجد زوجته تنتظره عند الباب حاملة ابنه الرضيع، وحين سألها عن سبب وقوفها قالت له: = ابننا حرارته مرتفعة جداً، وقد اتصلت عليك أكثر من مرة وكان هاتفك المحمول مغلقا، هيا بنا نذهب به إلى المستشفى، تردد كثيراً، وحين أصرت على الذهاب، وافق على مضض، وفي الطريق للمستشفى وصلته رسالة على هاتفه المحمول «كانت ليلة ممتعة يا حبيبي!». - 11 - اضطر للسفر لأمر هام، فأوصى أخيه على أهله وماله، وحين عاد بعد غيبة طويلة، وجد أهله ولم يجد ماله!...