ارتكبت اسرائيل جريمتها البشعة باغتيال الشيخ ياسين، وظنت ان إسالة الدماء ستطفئ المقاومة الفلسطينية للأبد، وتحقق السلام للاسرائيليين. ولكن سيخيب ظنها. فهذه الدماء الطاهرة ستزيد المقاومة الفلسطينية اشتعالاً، وتحرق الفاشيين الجدد، وكل يوم يؤكد لنا السفاح شارون انه منظومة متكاملة من الشر، جمعت شرور كل الانظمة الغاشمة من نازية وفاشية، وليست جرائم النازية والفاشية ببعيدة. فعندما استولى الفاشيون على الحكم في ايطاليا عام 1922، اراد الديكتاتور بينتو موسوليني أن يدعم مركز ايطاليا، ويرفع مكانتها بين الدول الاستعمارية. فغزا ليبيا، وأغلق مدارسها، وجعل اللغة الايطالية اللغة الرسمية لها. عندئذ اشتدت المقاومة الليبية، وفي عام 1923، تولى عمر المختار من شرق الجبل الاخضر، حركة المقاومة الليبية ضد الاستعمار الايطالي الفاشي. وكان من ابرز قادة الجهاد في برقة، وصمد امام المستعمرين عشرين سنة، وخاض 55 معركة حربية، ومئتي اشتباك ضد قوى البغي الايطالية. وأراد الفاشيون القضاء على المقاومة الليبية، فحولوا قائدها الى محاكمة صورية، حكم عليه في نهايتها بالاعدام، وتم تنفيذ الحكم شنقاً في صباح يوم 16 أيلول سبتبمر 1931 بمدينة سلوق، من اقليم بنغازي. وكان عمر المختار حوالى 73 عاماً. وقال عنه السفاح غراتسياني: "هذا الرجل اسطورة الزمان، نجا آلاف المرات من الموت ومن الاسر، واشتهر بين جنوده بالقداسة والاحترام لأنه الرأس المفكر، والقلب النابض للثورة العربية ببرقة، كذلك كان المنظم للقتال بصبر ومهارة فريدة، لا مثيل لها سنين طويلة...". مثلما نفذ السفاح شارون جريمته البشعة فلم يرحم شيخوخة الشيخ ياسين او عجزه، او اصابته بالشلل التام، واعتبره هدفاً حربياً خطيراً، فأرسل اليه ثلاث طائرات حربية صناعة اميركية، لتقطيعه ارباً ارباً. وعلى رغم الجرائم التي ارتكبتها الفاشية الايطالية، نالت ليبيا استقلالها عام 1951، بعد هزيمة موسوليني في الحرب العالمية الثانية. وكما ذهب الديكتاتور الايطالي الى الجحيم، سيلاقي الفاشي الجديد المصير نفسه، وستقوم دولة للفلسطينيين إن شاء الله. وأوجه الشبه كثيرة بين الشيخين الكبيرين: فكلاهما عمل معلماً للاجيال، وكلاهما ظل يقاوم الاعداء على رغم الشيخوخة، وكلاهما استشهد في اشرف معركة، معركة الدفاع عن الوطن. وليس أبلغ من أمير الشعراء أحمد شوقي، في رثاء عمر المختار لأرثي به الشيخ ياسين: "ركزوا رفاتك في الرمال لواء يستنهض الوادي صباح مساء يا ويحهم نصبوا مناراً من دم يوحي الى جيل الغد البغضاء ما ضر لو جعلوا العلاقة في غد بين الشعوب مودة وإخاء". القاهرة - د. نوال علي محمد كلية رياض الاطفال - جامعة القاهرة