لم يكن إحراز أرسنال لقبه الثالث عشر في تاريخ بطولة الدوري الإنكليزي لكرة القدم والثالث في سبع سنوات تحت قيادة مدربه "البروفيسور" أرسين فينغر مجرد انتصار عادي لأنه أعطى اللعبة نكهة جديدة بأسلوب فريد ورفع التحدي إلى مستوى جديد. ولم يعكس الرقم القياسي بعدم الخسارة في 34 مباراة متتالية هذا الموسم والمرشح للبقاء حتى نهايته سوى روح الجماعة التي زرعها فينغر في لاعبيه. فلا نجم يتلألأ من دون آخر. وتلقائياً انسحب بساط "مركز القوة" من "أولد ترافورد" إلى "هايبري"، وبات أرسنال مركز أنظار محبي اللعبة الجميلة، فنقاط القوى كثيرة، أبرزها أسلوب اللعب الذي يعتمد على السرعة الكبيرة في الهجمات المرتدة بعد كسر هجمات الخصم. والطريف أن الفريق اللندني يكون في قمة خطورته عندما ينال الفريق الخصم ركلة ركنية، لأنه بمجرد كسرها ينقض "الصقور" بسرعة مذهلة، فيطير تييري هنري وروبير بيريس وفريدي ليونغبيرغ بتمريرات سريعة ومتتالية حتى تنتهي في شباك الخصم المذهول. فلا مكان في الفريق لبطيئي الحركة. وطيلة الموسم لم يخيب أرسنال الآمال سوى في ثلاث مباريات: الخسارة صفر-3 على أرضه أمام إنتر ميلان، وصفر-1 أمام مانشستر يونايتد وأمام تشلسي 1-2. والخسارتان الأخيرتان كلفتاه كأسي الاتحاد ودوري الأبطال. ولكن فينغر لم يرض سوى باعتبار فريقه الأفضل في إنكلترا "لأن الفريق الأقوى هو الذي يأتي على قمة الفرق العشرين في الدوري بعد صراع 8 أشهر وليس في ليلة واحدة في مباراة كأس". وعلى رغم اعتبار أرسنال أقوى المرشحين لإحراز دوري أبطال أوروبا هذا الموسم قبل إقصائه. إلا أن عزاء فينغر يكمن بخروج أبرز المرشحين للقب هذه المسابقة" فبايرن ميونيخ خرج من الدور الأول، ولحقه في الدور الثاني كل من يوفنتوس ومانشستر يونايتد، ومعه خرج من الدور ربع النهائي كل من ميلان وريال مدريد. ومن ميزات الفريق هذا الموسم أن لاعبيه انسجموا بصورة كبيرة بعد قضاء سنوات معاً" ما انعكس إيجاباً على أداء الفريق في أرض الملعب، على عكس منافسيه مانشستر يونايتد وتشلسي اللذين أضافا لاعبين جدداً في مراكز حساسة وضحت حاجتهم إلى وقت قبل اكتمال دمجهم وتجانسهم في الأجواء الجديدة، عدا عن لمسات فينغر السحرية في استخراج مكامن القوة في لاعبيه وتوظيف مواهبهم في المكان الصحيح. فهنري كان جناحاً فاشلاً مع يوفنتوس قبل سنوات قليلة قبل أن يصبح أخطر مهاجم في العالم. متصدراً هدافي الدوري حتى الآن ب29 هدفاً. فيما كان فييرا مراهقاً في مقاعد احتياطي ميلان ينتظر فرصته قبل أن ينشله فينغر ويصنع منه نجماً ومن الأفضل في العالم في مركز الارتكاز. ومن سمع عن بيريس قبل انتقاله إلى أرسنال، أو عن العاجي كولي توري الذي جلبه فينغر من حارات ضواحي أبيدجان قبل أقل من 3 سنوات، وأصبح صمام الأمان إلى جانب سول كامبل في دفاع الفريق، وغطى الثغرة التي عانى منها الفريق الموسم الماضي بفضل سرعته وجرأته وصلابته، عدا عن إمكان توظيفه في أكثر من مركز في خطي الوسط والدفاع. وكان فينغر ترك علامات استفهام عدة بموافقته على إعارة جيوفاني فإن برونكهورست إلى برشلونة وجيرماين بينانت إلى ليدز وتخليه عن المدافع الأيمن الواعد موريس فولتس لفولهام، تاركاً الباب مفتوحاً للمشاكل في حال تعرض نجومه لإصابات وعقوبات الإيقاف. لكن بطل العجب عندما برزت مواهب صاعدة من فريق الشباب كالمدافع الأيسر غايل كليتشي ولاعب الوسط فرانسيس فابريغاز والمدافع فيليب سيندروس والمهاجمين ديفيد بينتلي وجيريمي الياديير. عدا عن الإسباني الواعد خوسيه رييس الذي كلف خزانة النادي 17 مليون جنيه في مطلع العام الجاري. هذا لا يمنع أن الموسم خلا من نقاط ضعف في خطوط الفريق، إذ كان أبرزها في مركز حراسة المرمى حيث خلف الألماني ينز ليمان المخضرم ديفيد سيمان، وبدا مهتزاً في بعض الأحيان وغلبت عليه العصبية والارتباك ما كلف الفريق بعض النقاط. وتحديداً يلام على هدف تشلسي في دوري الأبطال. كما يبرز اختلال توازن الفريق على الجهة اليمني. فالمدافع الأيمن لورين أصلاً لاعب وسط يبرز في قيادة الهجمات ولكنه يخيب في صد هجمات الخصوم. فيما يبدو أن راي بارلور عفا عليه الزمن في الجهة اليمنى من وسط الملعب. وكذلك تذبذب مستوى السويدي ليونغبيرغ. وبتخطي أرسنال العقبة الأخطر في مشواره نحو احتكار الكرة الإنكليزية والمتمثل بتأمين تمويل بناء استاده الجديد "آشبيرتون غروف" الذي تنتهي عمليات بنائه عام 2006 فإن المستقبل يبدو واعداً وزاهياً خصوصاً مع صعود جيل موهوب من الشباب في النادي، والذي كله يتعلق ببقاء رجل واحد في مقعد القيادة هو ارسين فينغر.