برزت الشقوق في حائط الفريق اللندني العملاق ارسنال بعد سلسلة من الاحداث في الاسابيع الاخيرة تتعلق بوضعه المالي الصعب ونتائجه "الاوروبية" المخيبة وسجله "التأديبي" المزري، وكلها أمور قادت الى الاعتقاد ان مصير النادي بات مهدداً وانه يقف على مفترق طرق يقود احدها الى اللحاق بركب العملاق مانشستر يونايتد وآخر الى متاهات وأودية سحيقة تشبه ما غاص فيه ليدز. بدأ الحديث عن صعوبات يواجهها النادي خلال الصيف حين انشغل الجميع ب"أعياد" تشلسي وثروته الروسية، وبانتقال المدلل ديفيد بيكهام من مانشستر يونايتد الى ريال مدريد... ولم يلتفت احد الى الهدوء النسبي في سوق الانتقالات الذي انتاب ارسنال على غير العادة، وعلى العكس فهو بحث عن مخرج لعدد من نجومه لتخفيف عبء الرواتب المالية العالية عن كاهله. فمنذ اعلان النادي مخططه لبناء ملعبه الجديد "آشبيرتون غروف" الذي سيصبح جاهزاً في عام 2006 بحسب التقديرات الحالية، والذي تبلغ سعته نحو 22 ألف متفرج عن سعة ملعبه الحالي "هايبري" الذي يتسع لنحو 38 الفاً. لكن المشكلة ان تكاليف انشاء الملعب الجديد تصل الى اكثر من 400 مليون جنيه استرليني، كونه يحوي فندقاً سكنياً ومركزاً ترفيهياً وتجارياً... ولذا بدأت حال التقشف تجتاح النادي، لأنه صرف 95 مليون جنيه على شراء الارض ومقدم عقود شركات المقاولات. ويسعى النادي حالياً الى اقتراض 260 مليون جنيه من البنوك والمؤسسات الاستثمارية المحلية، فيما يعتمد على مصادره الخاصة من مكافآت وجوائز مالية وبيع لاعبين لجمع بقية المبلغ المطلوب. ومع بدء المخطط الانشائي، بدأت معه آثاره السلبية... فحُرم المدرب الفرنسي آرسين فينغر من ضم نجوم جدد لدعم صفوف الفريق وتشكيل عمق لإراحة النجوم الحاليين وتعويضهم في حالي الاصابة والايقاف، خصوصاً في خطه الدفاعي سعياً وراء تعويض اخفاق الموسم الماضي في البطولة المحلية ودوري ابطال اوروبا. وعلى العكس تخلى ارسنال عن لاعبين بإعارتهم وإزاحة عبء رواتبهم امثال الهولندي جوفاني فان برونكهورست الذي انتقل الى برشلونة الاسباني، وجيرماين بينانت ليدز، وفرانسيس جيفرز ايفرتون وغيرهم... فيما عرض على المهاجم النيجيري نواكو كانو مبلغ مليون جنيه لترك النادي، لكنه رفض. وعدا عن الحارس الالماني ينز ليمان الذي حل محل ديفيد سيمان، فإن فينغر لم يدعم صفوفه الا بشباب صاعدين غير معروفين اعتماداً على موهبته في تفجير مواهب لاعبيه الخفية... فحول لاعب الوسط العاجي كولو توري من الوسط المهاجم الى قلب الدفاع مع لاعب الوسط الكاميروني لورين الذي يلعب على الجهة اليمنى... وهنا تبرز أسئلة مهمة: هل في سبيل الوصول الى القمة يتوجب الرجوع الى القاع؟ وهل في سبيل بناء ملعب ضخم يسمح بمقارعة الكبار، يتوجب إضعاف الفريق وتقليل عدده وعقد الآمال بتفادي الاصابات والايقافات؟ حال ارسنال الآن صارت لافتة، فهو اقل الفرق عدداً لجهة اللاعبين في الدرجة الممتازة... وعدد افراده الرسمي هو 31 لاعباً من بينهم 6 اعيروا الى اندية اخرى، و4 حراس مرمى، و5 لاعبين دون سن العشرين... ومن بين اللاعبين ال16 الآخرين، لاعبون مغمورون او فقدوا بريقهم او تقدموا في العمر امثال المدافع مارتن كيون وكانو والفرنسي باسكال سيغان والهولندي دينس بيرغكامب... بمعنى أن على فينغر أن يعتمد على 12 لاعباً متمنياً الا يتعرضوا للاصابات أو عقوبات ايقاف. ويبرز على قمة هؤلاء الثلاثي الفرنسي تييري هنري وروبير بيريس وباتريك فييرا. ولعل اول التداعيات السلبية ظهرت الاسبوع الماضي من خلال تعرض الفريق لاقسى هزيمة على ارضه في تاريخ مشاركاته في المسابقات الاوروبية صفر -3 امام انتر ميلان، ما يشير الى ان حلم الفوز بدوري الابطال وحتى ترك بصمة في مراحله النهائية ليسا في سبيلهما الى التحقق... فبدلاً من سد ثغرات اخفاق الموسم الماضي من نقص في العمق والبدلاء الجاهزين، فإن الفريق على هيئته الحالية سيكون محظوظاً في التأهل الى الدور الثاني. ولفت للمرة الاولى ايضاً عندما لعب امام مانشستر يونايتد الاحد الماضي، أن ارسنال دخل المباراة بعقلية دفاعية غير معهودة... وربما بعقلية "حربية" لخوض "معركة" شاهدها الملايين... والدليل عدم مشاركة صاحب الفكر الهجومي والمهارات الفردية روبير بيريس، وتفضيل خط وسط مكون من "المقاتلين" فييرا وجيلبرتو وراي بارلر عكس نية ارسنال ومراده من اللقاء وهو الخروج بتعادل "خشن" عرض فييرا لبطاقة حمراء أصبح بها اللاعب الرقم 52 في ارسنال الذي يطرد خلال سبع سنوات تحت اشراف فينغر... وحرمت عقوبات الايقاف ارسنال من لاعبيه في 148 مباراة خلال هذه الفترة، وكلفت لاعبيه الموقوفين 150 الف جنيه غرامات على عقوباتهم... وبحصوله على البطاقة الحمراء الثامنة في مسيرته، اعتلى فييرا لائحة عدد حالات الطرد منذ تأسيس الدرجة الممتازة في عام 1992، وتلاه غريمه في مانشستر يونايتد روي كين بسبع بطاقات. والاكيد ان الفريق يعاني فقدان الثقة بصورة واضحة، فالمتألق عادة هنري بدا بعيداً عن مستواه المعهود... فيما كثرت اخطاء صمام الامان سول كامبل في خط الدفاع، عدا تذبذب اداء اصحاب الخبرة مثل بيرغكامب... فكان لا بد من انعاش الفريق بدماء جديدة ولامعة وليس فقط بشباب صاعد ووعود بملعب خيالي فسيح.