عندما خسر مانشستر يونايتد على ملعبه في الدور الخامس من كأس انكلترا امام ارسنال في منتصف شباط فبراير، هدد مدربه أليكس فيرغسون باجراء تعديلات جوهرية في طاقم اللاعبين اذا انتهى الموسم من دون ألقاب... وحذر الفريق اللندني من ان الدوري لن يكون هدفاً سهل المنال. بدا هذا التعليق وكأنه احدى الوسائل السيكولوجية التي برع بها فيرغسون في هبط عزيمة منافسيه وشبهه البعض ب"الغريق الذي يتخبط في الماء"، ولكنه لم يكن متأكداً ان بعد اقل من ثلاثة اشهر سيحرز بطولة الدوري الثامنة في 11 عاماً. وفي الفترة ذاتها، كان الفرنسي آرسين فينغر يتحدث عن احراز الثلاثية المكونة من بطولة الدوري والكأس المحلية ودوري ابطال اوروبا... خصوصاً ان ارسنال قدم في الشهور الاولى من الموسم بعض اجمل العروض التي شهدتها الكرة الانكليزية في الفترة الحديثة، حتى انه صرح في احدى المناسبات انه يتوقع ان يخوض الفريق الموسم من دون اي هزيمة. ولم يشكك كثيرون بهذا التفاؤل ولم يجرؤ احد على نعته بالمغرور... ولكن كيف خسر ارسنال لقباً كان بين قبضتيه؟ بسهولة... يقول فينغر ان الخروج من الدور الثاني من دوري الابطال كان السبب الرئيسي وراء تقهقر معنويات اللاعبين والنتائج. وفعلاً، فان عدداً من النقاد رشح الفريق لاحراز كأس الابطال في احدى الفترات لعروضه القوية خصوصاً بفوزه على روما خارج ارضه 3-1 في بداية الدور الثاني. لكن أربعة تعادلات متتالية وهزيمة في المباراة الحاسمة الاخيرة امام فالنسيا حطمت معنويات اللاعبين وشكلت لهم صدمة وزعزعت ثقتهم وبدأ التقهقر. ففي حين كان يتقدم على مانشستر بثماني نقاط في منتصف اذار مارس، خسر من بلاكبيرن صفر-2، وتعادل مع استون فيلا 1-1 ومع بولتون 2-2، واخيراً جاءت "القشة القاسمة" بالخسارة امام ليدز 2-3. وفي الفترة ذاتها، وبعد اسوأ بداية له للموسم منذ 7 سنوات، فاز مانشستر على ليفربول 4-صفر ونيوكاسل 6-2 في مباراتين كان فينغر يعول عليهما في وقف زحف قطار "الشياطين الحمر". وعلى صعيد اللاعبين، فان امتلاك 11 لاعباً متألقاً لا يكفي للمنافسة في اكثر من مسابقة لأن متطلبات العصر الكروي الحديث تحتم امتلاك ما لا يقل عن عشرين لاعباً ذي موهبة وقدرة. ومشاكل ارسنال على هذا الصعيد كثيرة، بدءاً من الحارس الدولي العجوز ديفيد سيمان 39 عاماً الذي على رغم استمرار عطائه المتألق فان اصاباته الدائمة حرمت فريقه منه في عدد من المباريات المهمة. فيما نائبه السويدي المصري الاصل ختم موسمه مبكراً باصابة في تشرين الاول اكتوبر ابعدته بقية الموسم، ولم يرق الحارسين ستيوارت تايلر وفابيان وورمز الى مستوى الاولين. وفي الدفاع، فان الاصابات المتلاحقة حرمت العملاقين الصلبين سول كامبل ومارتن كيون من حماية منطقة جزاء الفريق. فيما كان البديل الفرنسي باسكال سيغان كثير الاخطاء، ويلام على عدد من الاهداف الحاسمة، كما لم يعوض فينغر غياب المدافع الايمن المعتزل لي ديكسون ولعب في هذا المركز الكاميروني لورين على رغم انه لاعب وسط اصلاً. وفي الهجوم، وعلى رغم اختيار الفرنسي تييري هنري افضل لاعب هذا الموسم من قبل "اتحاد الكتاب الرياضيين" و"اتحاد اللاعبين المحترفين" الا انه لم يستطع وحده نشل الفريق في الاوقات العصيبة، خصوصاً مع تقهقر اداء دينس بيرغكامب ونواكو كانو وسيلفان ويلتورد ومعهم "ثعلب منطقة الجزاء" المفترض فرانسيس جيفرز الذي يندم مسؤولو ارسنال على صرف نحو 16 مليون دولار على ضمه من ايفرتون قبل نحو عامين. الشروخ في ارسنال ظهرت حتى قبل الخسارة امام ليدز وعملياً خسارة الدوري، فقضية تجديد عقد قائد الفريق باتريك فييرا واحتمال رحيله لم تساعد على رفع معنويات الفريق. ثم جاء تصريح الفرنسي روبير بيريس بانه اذا فشلت ادارة النادي بالاستثمار في لاعبين جدد، فان فرص الفريق بمواكبة عمالقة الاندية الاوروبية ستكون هزيلة. وهذا التصريح جاء على خلفية تعثر خطط بناء استاد "اشبيرتون غروف" الذي سيكلف نحو 650 مليون دولار وسيتسع لأكثر من 60 ألف متفرج ويضاعف من السعة الحالية بنحو مرتين ويقترب من المدخول الذي يحظى به مانشستر يونايتد أولد ترافورد يتسع ل38 ألف متفرج في كل موسم والمقدر ب67 مليون دولار مقارنة مع نحو 20 مليوناً يدره ملعب "هايبري" بسعته الحالية التي تصل الى 38 ألفاً، ما جعل فينغر ايضاً يعرب عن سخطه واستيائه "حُلمي ان اجعل ارسنال احد اكبر خمسة اندية في العالم، وهذا لن يحصل الا ببناء الاستاد الجديد". ولن يبقى امام ارسنال سوى كأس انكلترا الذي يقف ساوثهامبتون عقبة في طريق جعل هذا الموسم للفريق اللندني من الأسوأ... الى السيئ.