بدأ العد العكسي لانضمام عشر دول جديدة الى الاتحاد الاوروبي في مطلع ايار مايو المقبل. واختلطت اجواء الاحتفالات في الدول المنضمة بمشاعر الحذر في الدول الكبرى في القارة التي اعتبر وزير الخارجية الاميركي كولن باول العام الماضي، انها تشكل "اوروبا القديمة". وينبع الحذر من مخاوف ان تتحول الدول العشر بعد انضمامها الى الاتحاد كتلة ذات وزن في اتخاذ القرارات والمساومة عليها. وفي وقت اعطت المفوضية الاوروبية الضوء الاخضر الى كرواتيا لبدء محادثات الانضمام، رأت باريس ان انضمام تركيا قد يستغرق 15 عاماً. تحتفل غالبية دول اوروبا الشرقية سابقاً بانضمامها الى غرب القارة في اطار الاتحاد الاوروبي، لتبادل مصالح مشتركة بين الجانبين. وعلى رغم ان الاعضاء الجدد يريدون حلفاً اطلسياً قوياً، لكنهم في غالبية الملفات يؤيدون الأوروبيين اكثر من الاميركيين، علماً انهم بدوا اكثر ميلاً الى الموقف الاميركي خلال الخلافات على العراق العام الماضي. وخلافاً لبريطانيا والدنمارك، يوافق الاعضاء الجدد على كل المعايير الاوروبية. هذه الدول مستعدة لاعتماد اليورو في اقرب وقت ممكن وتريد ان تنضم سريعاً الى اتفاقية شينغن للحدود المفتوحة. ولا تنتهج غالبية الدول العشر سياسة خارجية معينة باستثناء اتباع مصالحها، الامر الذي سيعالج بعد انضمامها الى الاتحاد الاوروبي. ومن اهم تلك المصالح تنظيم علاقاتها مع جيرانها التي لا تزال غير مستقرة في البلقان ومع الاتحاد السوفياتي السابق، الامر الذي سيعالج بطريقة افضل في بروكسيل وفي الاطار الاوروبي. وستأخذ السياسة الخارجية لهذه الدول طابعاً اوروبياً اكثر. ولن تكون مجرد مراقبة بل ستشارك في صنع القرارات الاوروبية. وأوجد ذلك مخاوف في الدول القديمة العضوية في الاتحاد الاوروبي، من ان تحاول الدول الجديدة فرض مصالحها والبحث عن حلفاء جدد داخل الاتحاد للتحول الى قوة قادرة على المساومة في السياسات. وفي هذا الشأن، يتوقع ان تتغير تحالفات تلك الدول بحسب الملفات. فأستونيا مثلاً التي لها نظام ضريبي غير صارم ضمت صوتها الى صوت بريطانيا وايرلندا لرفض توحيد اكبر للضرائب داخل الاتحاد الاوروبي. وتشكل بولندا وهي دولة زراعية كبيرة جبهة مع فرنسا في مواجهة محاولات دول اخرى إقرار خفوضات كبيرة في الدعم الاوروبي للزراعة. ولن تشكل الدول الجديدة "كتلة شرقية" من خلال تصويتها معاً في شكل مشترك على السياسات الاوروبية، ومع ان غالبية هذه الدول صغيرة قد ترجح كفة الميزان لمصلحة تحالف او آخر وفقاً لمصالحها. وحصل ذلك خلال القمة الاوروبية في بروكسيل في كانون الاول ديسمبر الماضي، خلال المفاوضات الصعبة على مشروع الدستور، اذ وقفت هنغاريا حليفة بولندا خلال مفاوضات الانضمام، الى جانب فرنسا وألمانيا ضد المطالب البولندية. ضوء أخضر لكرواتيا وفي غضون ذلك، رحب الكرواتيون بالفرصة العظيمة لبلادهم بعدمان أعطت المفوضية الاوروبية الضوء الاخضر لهم لبدء محادثات في شأن الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي، مشيرة الى ان زغرب "بذلت جهوداً كبيرة للوفاء بمعايير الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي وتتعاون مع المحكمة الدولية لجرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة". وقال رئيس الوزراء الكرواتي ايفو سانادير: "هذا يوم عظيم لكرواتيا. فمن خلال هذه الوثيقة اعترف الاتحاد الاوروبي بأن كرواتيا بلد ديموقراطي ناضج". كما أعرب الرئيس الكرواتي ستيبي ميسيتش عن رضاه، قائلاً إن كرواتيا نفذت كل ما طلبه منها الاتحاد الاوروبي. قبرصوتركيا على صعيد آخر، قال المفوض الاوروبي لشؤون توسيع الاتحاد غونتر فيرهويغن في ستراسبورغ امس، انه يشعر بأنه "خدع من الحكومة القبرصية - اليونانية" التي تدعو الى رفض خطة اعادة توحيد الجزيرة خلال الاستفتاء الذي سيجرى السبت المقبل. وقال فيرهويغن امام البرلمان الاوروبي: "اشعر ان الحكومة القبرصية خدعتني. بذلت قصارى جهدي لتوفير الشروط التي تسمح للقبارصة اليونانيين بقبول خطة الاممالمتحدة، لكن يبدو ان ذلك كان عديم الجدوى". ودان "الموقف غير المتوقع" للحكومة القبرصية اليونانية، مشيراً الى انه "لا يحدوه امل كبير" في حصول نتيجة ايجابية في الاستفتاء. وفي الوقت نفسه، قال وزير الخارجية الفرنسي ميشيل بارنييه ان أي مفاوضات في شأن انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي قد تستغرق 15 عاماً. وأضاف انه لم يتم بعد اتخاذ قرار في ما اذا كان زعماء الاتحاد الاوروبي سيدعون تركيا في وقت لاحق من هذا العام الى بدء محادثات للعضوية وأن انضمام انقرة الى الاتحاد هو احتمال بعيد في كل الاحوال. وقال بارنييه في مقابلة مع القناة الثالثة في التلفزيون الفرنسي: "ليس وارداً على الاطلاق انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي اليوم او غداً". لكنه اضاف ان فرنسا تنتظر تقريراً للمفوضية الاوروبية في تشرين الاول اكتوبر المقبل، قبل ان تقرر مع دول الاتحاد الاوروبي ما اذا كانت ستبدأ محادثات العضوية مع تركيا.