ما يثير الانتباه في تعامل بعض الحكومات العربية مع أزمة القمة هو ما نلاحظه من محاولات مستمرة لإعطاء الرأي الدولي الانطباع بأن النقاش الدائر حول هذا الموضوع يتبع تحليلاً "واقعياً" لمشكلة القمة، ويعتمد على مستوى عال من الديبلوماسية في الطرح والتفاوض بين الأطراف. ولكن مفردات مثل "الأشقاء العرب" و"النقاش العربي الأخوي" و"مصلحة الأمة العربية" و"مواصلة المشاورات وتكثيفها بين الأشقاء"، وما الى ذلك من مصطلحات يرتجى منها تقوية "المشاورات العربية - العربية"، لا تعكس الواقع العربي الحقيقي، ولكنها شطحات خيالية تزيد الأمور تعقيداً. فالدول العربية التابعة للنظام العربي القديم، أو التي لا تزال متبعة الطرح "القومي"، والمسهبة في تفريغ شحناتها العاطفية المكبوتة، تتغافل عن حقيقة ان المصطلحات أو المفردات التي تستخدمها في نقاشها مع الدول العربية الأخرى تتناقض مع الخصوصيات الوطنية للبلاد العربية. مصطلح "الأمة العربية"، على سبيل المثال، يتجاوز، ويغيّب الاختلافات الوطنية بين هذه الدول، ويلغي التميز الثقافي المطلوب لكي تحافظ كل دولة على استقلال هويتها الثقافية. والحكومات العربية الجديدة، أو المتجددة، أو التي لم تقع في شكل كامل في الشرك القومي، تدرك عدم تطابق مبدأ "الأمة العربية" مع وضعها الداخلي، لما فيه من تغييب متعمد للفروقات في الأوضاع الداخلية لتلك الدول. خالد عايد الجنفاوي [email protected]