نطلب العذر من الناقد الهندي الكبير هومي بهابها Bhabha في استعارة بعض من افكاره النقدية الرائعة حول تشكل الهوية الثقافية والسياسية للبلاد التي كانت في السابق مستعمرات أوروبية. فمناقشة بهابها للطريقة التي تتشكل فيها الهوية الثقافية للأمم المستعمرة سابقاً يمكن ان تلقي الضوء على ما يجري من تقليد غير عقلاني للثقافة الفرنكوفونية في بعض البلاد العربية. بهابها حلل في شكل رائع كيف دربت القوى الاستعمارية بعضاً من مواطني مستعمراتها السابقة، لكي يصبحوا شبيهين كل الشبه بالمستعمر. ولكن ما أفشل هذا المشروع الذي أريد منه استمرار السيطرة الثقافية على الأقل للقوة المستعمرة بعد مغادرتها البلد، هو ان الهوية التي تشكلت لاحقاً أُنتجت مشوهة، وغير قادرة على الاستمرار. أي ان الخيار الآخر لدى هؤلاء المتدربين الرازحين تحت الاستعمار سابقاً، المقلدين لثقافته حالياً هو العيش في بلادهم تحت ظروف جزئية وموقتة لا تسهم في تقوية جذور الانتماء الوطني والثقافي لديهم. فلا هم استطاعوا تقليد ثقافة المستعمر في شكل "كامل"، ولا هم نجحوا في الحصول على هوية وطنية "محددة"، تميزهم كمواطنين في بلدهم. هؤلاء المتدربون أو التوائم السيامية، يمكن الاستدلال عليهم في شكل دقيق. فإلى تقليدهم العقيم للثقافة الفرنكوفونية، يتميز هؤلاء الأفراد بالازدواجية، والتأرجح، والتضارب، من ناحية ميولهم الثقافية. ويقود هذا "التأرجح" الثقافي الى النرجسية المضحكة والفارغة معنوياً، ويغلب عليها التشبه النرجسي بالثقافة الفرنكوفونية، أو شبيهاتها، في شكل مشوه يقود الى وجود "مرقش"، وغير كامل، لا يدل الا على عدم وجود الاعتزاز بالهوية الوطنية. ويوضح هذا التشبه النرجسي بثقافة المستعمر مصدر الشرعية الثقافية الاستمرار غير المفهوم في البحث عن تلك "الوصلة المفقودة" التي ذهب الاستعمار ولم يتركها في المستعمرة السابقة: الانتماء الثقافي. الكويت - خالد عايد الجنفاوي [email protected]