تتضح معالم مستقبل المرأة السعودية في مجال التعليم يوماً بعد يوم بحكم الدعم الذي تتلقاه في الفترة الأخيرة من الحكومة السعودية. وازدادت رغبة الفتاة السعودية في تسلق السلم التعليمي والوظيفي واحتلال مناصب عالية في شتى المجالات. الدكتورة مها عبدالله اركوبي، سعودية، احتلت منصب عميدة كلية الجامعة المفتوحة في جدة ما اعتبر في حينه مفخرة لكل امرأة سعودية إذ كانت الأولى التي تشغل منصباً عالياً في مجال التعليم. وتستعد اليوم جامعة سعودية للبنات في الرياض قيد الإنشاء، لفتح أبواب التعليم العالي للجميع، وتخريج جيل جديد من البنات حاملات الشهادات الجامعية، وهو ما يعتبر قفزة عملاقة في مجال تعليم البنات. تحولت كليات البنات في الرياض إلى جامعة تسمى "جامعة الرياض للبنات" لاستيعاب كل تلك الكليات التابعة لوزارة التعليم وعددها 202، منها 16 تمنح شهادة الماجستير والدكتوراه، وذلك تحت رعاية ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز. ويعتبر المشروع نقلة مهمة لجهة زيادة فرص البنات في التعليم العالي. ويشار في هذا السياق الى أن أكثر من 55 في المئة من الجامعيين السعوديين بنات، ما يبرر الحاجة لصرح تعليمي كبير يستوعب العدد المتزايد من الطالبات. ويوضح وكيل وزارة التربية والتعليم للمباني والتجهيزات المدرسية المهندس عبدالرحمن الأحمد "أن ولي العهد وضع حجر الأساس للمرحلة الأولى من المشروع، التي تتمثل في إنشاء مبنى كلية الآداب للبنات وسكن الطالبات، إضافة إلى مشروع كلية التربية للأقسام العلمية ومشروع كلية التربية للأقسام الأدبية ومشروع مبنى الجهاز الإداري لوكالة الوزارة لكليات البنات ومشروع مبنى أعضاء هيئة التدريس لكلية الآداب وقاعة المحاضرات الكبرى. ويبلغ إجمالي تكلفة المرحلة 300 مليون ريال". ويشير الأحمد إلى أن المرحلة الثانية "تشمل إنشاء ثلاث كليات للبنات في المدينة الجامعية وهي كلية الاقتصاد المنزلي والتربية الفنية وكلية التربية لإعداد المعلمات وكلية الخدمة الاجتماعية ورصد لها مبلغ 150 مليون ريال". ويلفت وكيل وزارة التعليم الى أن مشاريع كليات البنات منتشرة في جميع مناطق المملكة، إضافة إلى أن مشاريع المدن الأكاديمية تشمل جدة والدمام وقد تم تنفيذ بعض مراحل الإنشاء ولا تزال اخرى في طور التحضير". وتقول عضو هيئة التدريس في قسم الأدب الإنكليزي في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة، "إن انضمام الكليات تحت مظلة جامعة واحدة تعتبر خطوة إيجابية من ناحية توفير التخصصات المختلفة وإفادة الطالبات من إدارة منظمة معتمدة على نظام موحد، فالكثير من الكليات يعاني من عدم التنظيم الإداري وتشتت الطالبات. وجمعهن في مدينة أكاديمية واحدة يساعد على توفير التعليم العالي الفرص للبنات لنيل شهادة البكالوريوس من دون عواقب أو خلل في النظام". واضافت: "أنا شخصياً أشجع الكليات المستقلة التي تشمل تخصصات تختلف عن المتوافرة في الجامعة ولديها فرصة للتوسع مع الوقت لتصبح جامعة مستقلة أيضاً. وأنصح بتوحيد المناهج العلمية للبنات والذكور لكي ينال الجنسان درجة التعليم نفسها. فهناك شابات يرغبن في التخصصات الهندسية والإعلام وهي غير متوافرة لهن". وتعتبر سيدة الأعمال السعودية غادة عاصم مشروع الجامعة "خطوة واسعة الأفق في مجال تعليم البنات. فالكليات كانت ذات مستوى تعليمي منخفض وتخرج مدرّسات فقط. وهذا الحرم الجامعي الكبير يرقى بالبنات الى مستوى تعليمي رفيع ذي تخصصات عدة ويفتح المجال أمامهن لإبراز مواهبهن وطاقاتهن العلمية". وترى إحدى الموجهات التربويات في وزارة التربية والتعليم، ان المشروع "خطوة جيدة في نهج تعليم البنات ليكون أرقى وأقوى أكاديمياً"، مشيرة الى "عجز الكليات عن توفير دراسة اللغات"، معتبرة ان "الجامعة العتيدة ستضع هذا الأمر في الاعتبار". وتشير المشرفة الاجتماعية في مدرسة الأيام السعيدة الخاصة في جدة سميرة هندي، إلى "تفاوت ردود أفعال الناس لتحويل كليات البنات إلى جامعة فمنهم من رحب ومنهم من عارض ولكن الغالبية كانت مع هذا القرار واستبشرت به خيراً لأنه في مصلحة البنات إذ لا يوجد في الرياض إلا جامعة واحدة للصبيان والبنات". وتضيف هندي: "أعتقد أنه سيكون هناك تغيير في المنهج التعليمي إذ ستضاف كليات أخرى تختص باهتمامات البنات لأن الفرق كبير في الدراسة الآن بين الصبيان والبنات". وتتمنى هندي أن يرتفع عدد الجامعات والاختصاصات". وتقول المحاضرة في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة، سحر مفتي: "كانت خطوة تحويل كليات البنات في الرياض إلى جامعة ممتازة جداً. فقد آن الأوان لأن تستقل المرأة بتعليمها. وقد تقدمت المرأة السعودية الى درجة تستحق فيها أن تكون لها استقلاليتها في التعليم". وتضيف: "إنها خطوة إيجابية جداً تحفز المرأة السعودية على التقدم في التعليم"، متمنية أن تكون "دافعاً لتغيير مناهج تعليم البنات لئلا تكون مناهج للحفظ والاختبار والحصول على درجات تكفي للنجاح، بل تكون مناهج تربي الطالبات الفتيات للوصول الى أعلى مراحل التعليم والحصول على مناصب قيادية مستقبلاً في الدولة". ويوضح وكيل وزارة التعليم العالي، أن "فكرة مشروع التعليم عن بعد الذي سيتم تطبيقه مع بداية الفصل الدراسي الأول للعام الجامعي سيكون عبارة عن مركز رئيسي في الرياض يتم من خلاله بث المحاضرات حية إلى جميع كليات البنات في المملكة السعودية عبر الأقمار الصناعية، إضافة إلى تصميم ونشر المقررات الدراسية من خلال موقع خاص على "الإنترنت". وتقول المدرسة نور العمودي عن المشروع: "الدراسة بالمراسلة فكرة رائعة لتنوير العقول التي أصبحت بلا هدف في وقتنا الحالي وخصوصاً الفئة التي تستعصي عليها ظروفها الالتحاق بجامعة". وتضيف العمودي: "الدراسة وفقاً لهذه الطريقة لا تقف عند حد معين، إذ انها توسع آفاق الشخص وتقوي مداركه وترغبه في إكمال دراسته، خصوصاً إذا منعته الظروف من إكمال دراسته الجامعية بالطريقة المعهودة. فقد يرغب مثلاً في إكمال دراسته من دون أن يؤثر ذلك على حياته العملية".