تحرص الجامعات السعودية كل عام على تخريج كوادر مؤهلة في جميع المجالات، إلا أن عملية النسبة والتناسب، ومستوى استيعاب الكليات للأعداد المتزايدة من خريجات الثانوية العامة، تطرح تساؤلا مع نهاية كل عام، نظرا لتوزيع الخريجات بحسب الاحتياج، دون النظر لرغبات الطالبات. وتختلط مشاعر الفرح بالنجاح، مع الحيرة، والقلق لدى كثير من الفتيات حول مواصلة تعليمهن الجامعي، وأي تخصص سيرسم مستقبلهن العملي، بعد أن تم استبعاد رغبات الكثيرات خلال الأعوام الماضية، بعد أن اخترن عدة تخصصات بشكل تراتبي، ولم يحصلن على أي منها، في حين تشهد الجامعات توسعا كبيرا، خصوصا جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن التي بلغ عدد كلياتها 34 كلية. تقول مها عبدالله، إحدى طالبات جامعة الملك سعود، إنها كانت ترغب بالتخصص في التربية الخاصة، وكانت رغبتها الأولى، إلا أنها تدرس الآن اللغة العربية، وتوافقها في الرأي وفاء العتيبي التي قالت إنها وضعت رغباتها جميعا بما يتماشى وفق معدلها، إلا أنها درست ما لم تكن تريده. من جهتها اعتبرت أماني المحمد أنها محظوظة بدراستها في قسم إدارة الأعمال، وهو ما كانت تسعى إليه، وتعمل أماني كمتطوعة في إحدى الجهات ليتيسر لها الحصول على وظيفة فور تخرجها. أما مها القحطاني، خريجة إحدى الجامعات الأهلية، فتقول إنها سعت لدخول هذه الجامعة لتفوقها في دراسة اللغة الإنجليزية، مضيفة أنها تعمل الآن مع واحدة من أكبر الشركات في المملكة بفضل شهادتها الجامعية، وإجادتها اللغة الإنجليزية، داعية الفتيات لاختيار تخصص يفيدهن في حياتهن الوظيفية بعد التخرج. تعدد التخصصات وتشابهت أغلب الروايات من بعض الطالبات في جامعتي نورة والملك سعود ما بين تمكن الطالبة من دراسة تخصصها، أو قبولها في تخصص مختلف، بينما الجامعات الأهلية كان لها الاختيار الأفضل في دراسة الفتاة في تخصصها المطلوب. وأوضحت المحاضرة بالدراسات العليا في جامعة الملك سعود، الدكتورة سعاد المانع، أن الوضع الآن اختلف كثيرا، مضيفة: "منذ السنوات الأربع الماضية كان لتعدد التخصصات وكثرة الجامعات، فضل في أن تختار الطالبات تخصصاتهن المطلوبة، أكثر من ذي قبل، كما أصبحت الطالبات أكثر وعيا بالتخصصات، وما يفيدهن في المستقبل، وما هي الدراسات المطلوبة للتوجه إلى سوق العمل. مشروع مستقبلي أما مديرة العلاقات العامة والإعلام بجمعية النهضة النسائية، هبة الزامل، فأكدت أن الشركات غير الربحية، والتي تتمحور حول الجمعيات أو المؤسسات الخيرية ساهمت كثيرا في الحد من العقبات التي تواجه تمكين المرأة السعودية من قيادة هذه المشروعات، مؤكدة حرص الكثير من هذه الجهات على توضيح مفهوم القيادة للفتيات من خلال المشاريع المطروحة، ومنها مشروع "مستقبلي" الذي يسعى لتوعية طالبات الصفين الثاني والثالث الثانوي بمعرفة ميولهن الدراسية، ومنهجهن العلمي، والتحاقهن بالتخصصات التي يردنها في الجامعة. وأضافت: إن "البرنامج يسعى لتوفير المنح الدراسية بناء على توجهات الطالبة، وعلى الرغم من العقبات المتمثلة في اللغة، والمواصلات، إلا أن البرنامج تفادى ذلك بمساعدة الجامعات الحكومية". وقالت الزامل إن الكثير من الطالبات حين حضرن إلى المركز، كن على وشك إيقاف تعليمهن، أو التوجه إلى مهنة التدريس، مؤكدة أن نائبة وزير التعليم، نورة الفايز، قالت إن هناك 700 ألف وظيفة "معلمة" لم يتم توظيفهن. وأوضحت المسؤولة عن برنامج "قدرة" بجميعة النهضة، سلمى الراشد، أن الفتاة السعودية لديها الكثير من القدرات الكامنة، لكنها لم تجد من يوضحها لها، أو يريها الصورة الصحيحة لذاتها، لذلك سعى البرنامج لتوضيحها للطالبات بشكل مبسط وواضح. بينما أوضحت المسؤولة عن برنامج "شبكة صلة" غادة العريفي، أنها تسعى لتطوير المهارات والقيم المهنية، وخلق فرص التعلم، والنمو المهني، وتبادل الموارد المهنية لإلهام الشابات الواعدات، وخلق الوعي في الجانب المهني للمرأة السعودية. جامعة نورة من جانبها أوضحت مسؤولة العلاقات العامة بجامعة الأميرة نورة النسائية، هدى السهلي، أن الجامعة الوحيدة في الشرق الأوسط، والتي تمت إعادة هيكلة كلياتها حتى بلغ عددها 34 كلية، ونظرا لتزايد عدد الكليات التابعة للجامعة، بالإضافة إلى انتشارها في جميع مراكز ومحافظات منطقة الرياض، فقد تم نقل الإشراف على كليات البنات الواقعة خارج مدينة الرياض وعددها 21 كلية إلى جامعة الملك سعود عام 1430 - 2009، وبعدها أصبحت جامعة الأميرة نورة تضم الكليات الواقعة في مدينة الرياض فقط وعددها 14 كلية وتمت تسميتها من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، باسم "جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن" بعد أن كانت تسمى "جامعة البنات". وأشارت السهلي إلى أن عدد الطالبات ارتفع من 26 ألف طالبة إلى 60 ألفا، مبينة أن حجم المدينة الجامعية يجعلها واحدة من أكبر 10 جامعات في العالم، وأكبر منشأة للتعليم العالي للبنات على مستوى العالم أيضا. كما تعتبر خطوة عملاقة تخطوها المملكة نحو تعليم وتمكين الفتيات من خلال أفضل ما يمكن أن يقدمه قطاع التعليم العالي من بيئة، وسكن ومرافق تعليمية متطورة، لتصل إلى 14 كلية، وعدة مختبرات ومستشفى 700 سرير مجهزة بتقنيات وخبرات متخصصة. كوادر مؤهلة إلى ذلك أوضحت مديرة الإعلام بجامعة الملك سعود، هند الدهمش، أن الجامعة تسعى لتخرج كوادر مؤهلة في كل المجالات، لكن لم يتم أي تجديد للكليات منذ عامين بعد افتتاح قسم الآثار، مؤكدة أن الجامعة حتى الآن لم تعلن عن افتتاح "قسم الإعلام" لدرجة البكالوريوس، بينما بدأت منذ عام في دراسة الماجستير، مشيرة إلى أن إعادة الهيكلة موجودة لدى جميع المؤسسات الحكومية والخاصة. وفي ندوة سابقة لهيكلة الكليات، أكد وكيل الجامعة للشؤون التعليمية والأكاديمية، الدكتور عبدالله السلمان، أن الوقت أصبح ملائما لإعادة النظر في عملية هيكلة كليات الجامعة وأقسامها الأكاديمية.