التعميم ليس طريق صحيحة، في "حلول المفكرين الاسلاميين الجدد" دلال البزري "الحياة" في 21/3 وظاهرتهم كما في اغلب المواضيع. فهو لا يأتي في مكانه الصحيح. فظاهرة المفكرين الاسلاميين الجدد، ان صحت التسمية، ليست مجرد غطاء مزركش لمقولات قديمة ترفض الحداثة، كما تقرر الكاتبة، وان كان كثير مما يكتبه الاسلاميون، تقليديوهم والجدد منهم، ينطبق عليه مثل هذا الوصف. فجزء كبير من هذه الظاهرة يعبر عن ازمة فكرة "الحل الاسلامي". وهو انما يحاول الجمع بين هذه الفكرة وبين اقصى ما يعتقد انه لا يتناقض معها من عناصر الحداثة. هذا الجمع قد يأتي توفيقياً او غير منسجم على المستوى المعرفي. ولكنه، في النهاية، تعبير عن ازمة، وهذا ما تفرزه الازمة. وجزء من هذه الظاهرة ينتمي الى الحداثة كما ينتمي الى الاسلام، ولا يحاول طرح الاسلام كمنظومة فكرية متكاملة، او "نظام شامل للحياة"، كما يقول اغلب الاسلاميين، بل يرى ان هناك مساحات واسعة من الحياة لا يوجد فيها اي تناسق بين الحداثة، بمعناها الغربي، وبين الانتماء للاسلام. بل ان الامر كله لا يعدو ان يكون سوء فهم للاسلام ناشئاً عن استرداد الصورة الموروثة عنه، لا الصورة الاصلية له. وسوء فهم للغرب ناشئ عن رد فعل غير واعٍ تجاه تحدي الحداثة، وما تطرحه من اشكاليات لم يستطع العقل التقليدي فهمها او مواجهتها. ومن جانب آخر، يصعب ان نوافق الكاتبة على ان هناك تصوراً لدى اغلب الاسلاميين يصور الماضي على انه الفردوس المفقود. ربما كان هذا صحيحاً في اربعينات القرن الماضي حتى سبعيناته. ولكن الخطاب الاسلامي، وخصوصاً خطاب المفكرين الجدد كما تسميهم، لا يحتوي على هذه الصورة التقديسية للماضي، بل يعترف بأن الانحدار في الحياة الاسلامية لم ينشأ نتيجة عوامل خارجية، بالضرورة، بل يمتد الى ما يقرب من ألف سنة في حياة الأمة. وهنا يجدر التفريق بين الكتابات الفكرية الاسلامية، وبين الخطاب العام الذي يستخدمه الاسلاميون ويحتوي على عنصر تقديس الماضي في الغالب، ويخلو من النقد التاريخي او النقد الذاتي. ونجد انفسنا امام خليط متنوع من الكتاب الذين يجمعهم وصف "اسلاميين" من دون ناظم فكري محدد، سوى ادعاء الانتماء للاسلام كفكر، بينما لا يوجد لدى الغالب الاعظم منهم تصور حول ماهية المشروع الذي يتطلعون اليه. وخروج بعضهم ببعض التوفيقات، هنا وهناك، لا يخلو من عنصر الرد الوقتي غير المنهجي، ولا المدروس، وهو طابع وان غلب على هذه الكتابات، لا ينبغي ان يمنعنا من رؤية الكتابات الجادة، ووضعها في مكانها المناسب. فسواء شئنا أم أبينا، سيظل سؤال الاسلام والحداثة هو السؤال الاول الذي ينبغي الاجابة عنه في اي مشروع نهضوي، وإلا فإننا نمارس قفزاً غير مجدٍ على حواجز عالية جداً. عبدالسلام الحايك [email protected]