الأخ العزيز العربي الأبي، الحسن بن طلال، لقد كان لي الشرف أن أقرأ رسالتكم الغيورة النابعة من حس وطني وقومي مرتبط بمواقف نبيلة أبية، والموجهة الى هذه الأمة العظيمة تحت عنوان "نحو حركة شعبية وسيطة عقلانية راشدة" "الحياة" في 22/12/2003. إن هذه الأمة التي كانت خير أمة أخرجت للناس، ووصل صيتها الى كل أنحاء المعمورة، أصبحت اليوم فتاتاً لا وجود له. وقد أكل الزمان منها وشرب. ان هذه الأمة اليوم ترزح تحت وطأة العذابين بين مطرقة وسندان، بين عذاب خارجي من مستعمر محتل لأرضها، طامع في خيراتها، تدفعه القوة لاستعباد أبنائها، وبين عذاب داخلي يمارس أشد أنواع القمع على شعوبها من بعض الأنظمة التي لم ترحم، ولم تراعِ الله فيها، ولم تعرف معنى العدل. ان هذه الأمة، يا سيدي، تحتاج الآن الى معجزة كبرى تعيد اليها ما فقدت من كبريائها وعزتها وكرامتها. أبناؤها متخبطون، لا يعرفون الصديق من العدو، ولا يفرقون بين غازٍ ومحتل، وبين ديموقراطية وديكتاتورية. فكل الأمور أصبحت عندهم سيان، فقدوا كل شيء حتى أصبحوا غير قادرين على التمييز بين حمامة السلام والرصاصة التي تحرق أجسادهم. فقدوا الأمل في أنفسهم، وفي قادتهم، وأصبحوا جميعاً حكاماً ومحكومين، أمة مهزومة. حتى جامعتهم العربية أصبحت أثراً بعد عين، وكان الهدف من انشائها ان تكون البيت العربي الذي يجمع شمل هذه الأمة، ويناقش هموم أبنائها وطموحاتهم، من المحيط الى الخليج، ليرتقي بهم الى مصاف الإنسانية. سيدي العزيز، ان الوسطية التي تدعون لها ليست بجديدة على هذه الأمة. فقد كانت الوسطية، منذ ألف وأربعمئه وعشرين عاماً، وحياً إلهياً الى رسولنا الأعظم. قال تعالى في محكم تنزيله العزيز: "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً" صدق الله العظيم. وقال عليه الصلاة والسلام في حديثه الشريف: "خير الأمور أوسطها" صدق رسول الله. لذلك فإن الوسطية والاعتدال في أمور الدنيا فطرة إلهية لهذه الأمة، إذا أرادت أن تعيش في سلام وأمان. ولكن هذه الوسطية لا بد من أن تكون نابعة من مبادئ وايمان صادق، وفكر وطني وقومي يضع مصلحة الأمة فوق كل اعتبار لأي مصالح خاصة، وأن تكون بادرة من الأنظمة الى الشعوب، لأن الشعوب لا تملك من الأمر شيئاً، فهي تقاد من أنظمتها كما تجر النعاج الى المرعى. ان الوصول الى الوسطية لا بد من أن يبدأ من خطوات لا بد منها إذا أريد لهذه الأمة التقدم والاستقرار أهمها: 1 - العدل. قال تعالى: "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل". فالعدل أساس الحكم. 2 - التواضع. فإن من تواضع لله رفعه، وأن من تكبر على رعيته فقد تكبر على الله، ومن تكبر على الله وضعه. وهذا هو حال الأمة اليوم. 3 - الغاء العنصرية والطبقية والتمييز، ليكون الناس متساوين في الحقوق والواجبات. 4 - الغاء حال التهميش التي يعانيها الشعب العربي، واستبدالها بالمشاركة السياسية، فيكون المواطن العربي قادراً على تحمل مسؤولية القرار مهما كانت نتائجه. 5 - ضمان حرية الصحافة ووسائل الإعلام المرئية والمقروءة. 6 - ضمان حرية الفكر، وتقبل النقد البناء الذي يخدم مصالح الأمة. 7 - اشتراكية الاقتصاد، بحيث يستفيد جميع أبناء الوطن من ثرواته ضمن تقسيم عادل وشرعي. 8 - الغاء النخبة السياسية واستبدالها بالنخبة المفكرة البارزة من أجل الاسهام في بناء أمة واعية مثقفة. 9 - لا للعنف! لا للإرهاب! لا لاستخدام السلاح في الوطن العربي! 10 - ايجاد دساتير عربية قادرة على حفظ حق المواطن وواجباته. 11 - تفعيل دور المؤسسات المدنية في المجتمع. .... 17 - الاهتمام المباشر بالإنسان من حيث توفير السكن والمأكل والخدمات الصحية والاجتماعية المناسبة. مسقط - يحيى بن يعقوب البوسعيدي