يعقد مجلس النواب اللبناني اليوم جلسة الاستجواب النيابية في ملف الهاتف الخلوي الذي يعتبر من أكثر الملفات تجاذباً بين فريق مقرب من رئيس الجمهورية إميل لحود يمثله وزير الاتصالات جان لوي قرداحي وفريق مقرب من رئيس الحكومة رفيق الحريري. ووصل الملف الى المجلس النيابي بعد أن حدد رئيسه نبيه بري موعداً اليوم الثلثاء وغداً الأربعاء لاستجواب الحكومة في ادارة هذا القطاع بناء لطلب نواب الجبهة الوطنية للإصلاح ممثلة برئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني ورئيس مجلس الوزراء السابق عمر كرامي والنائبين بطرس حرب ونايلة معوض. وشهد ملف الخلوي خلال الأشهر القليلة الماضية تجاذبات سياسية ومالية وتقلبات عدة، أبرزها ارساء تلزيم إدارة الخلوي على الشركتين اللتين تديرانه اليوم وهما "ليبانسيل" "سيليس"، ولصهر رئيس الحكومة رفيق الحريري ولوزير النقل نجيب ميقاتي مصالح مالية فيهما، ومن ثم إلغاء مجلس الوزراء هذه المزايدة والمناقصة وتكليف لجنة وزارية برئاسة نائب رئيس الوزراء عصام فارس هذا الملف ومن ثم سحبه منها واعطاؤه الى وزير الاتصالات الذي وضع دفتر شروط جديداً لمناقصة ادارة القطاع وافق عليه مجلس الوزراء وبدأت عملية المناقصة. وخلال هذه الفترة قرر رئيس المجلس النيابي تحديد موعد جلسة الاستجواب اليوم وغداً والتي يمكن ان ينسفها عدم اكتمال النصاب لأسباب وحسابات سياسية، أو بسبب ما سيدور في الجلسة من مناقشات يمكن أن تدفع بالشركات الأجنبية والعربية للإحجام عن المشاركة في المناقصة، والتداعيات السلبية التي ستترتب على صدقية الحكومة وعلى خزينة الدولة. ماذا حصل عشية عقد جلسة الاستجواب النيابية؟ وما هو موقف الحكومة وموقف وزير الاتصالات؟ وهل سيتم طرح الثقة بالحكومة ام انها ستكون متضامنة في الرد على النواب لتخرج بأقل ضرر ممكن على تماسكها؟ تقول مصادر نيابية ان النقطة الأولى في جلسة اليوم هي تأكّد المجلس النيابي أن وزارة الاتصالات تقيدت بدفتر الشروط الذي وضعته أخيراً لادارة القطاع بالقوانين المرعية الاجراء والتي طلب النواب احترامها، وهي تبدأ بقانون الاثراء غير المشروع الى ما هنالك من قوانين تؤمن الشفافية وتحفظ مصلحة الخزينة. أما الشق الثاني من الاستجواب فهو المحاسبة السياسية لكيفية ادارة الحكومة هذا الملف منذ 1994 حتى الآن. ويبدو، وبناء على التصريحات التي أدلى بها عدد من النواب الذين تقدموا بالاستجواب ومنهم النائب بطرس حرب والرئيس حسين الحسيني، أن هؤلاء ليست لديهم تحفظات عن اداء وزارة الاتصالات حالياً، انما ينصب تركيزهم على ما حصل في هذا القطاع منذ 1994. وتقول مصادر نيابية ان رئيس الوزراء رفيق الحريري سيكون امام خيارين أولهما السعي الى توجيه الاستجواب نحو ارقام القطاع من عام 1994 الى الآن، ودفع الحوار في الجلسة الاستجوابية نحو صحة هذه الأرقام أو عدم صحتها، مستنداً الى وزير المال فؤاد السنيورة المقرب منه، وهذا بحسب المصادر نفسها سيثير رد فعل من وزير الاتصالات جان لوي قرداحي تظهر الحكومة معه منقسمة على نفسها أمام المجلس النيابي، ما سيؤثر سلباً فييها مع كل التداعيات التي يمكن أن تنتج عن موقف كهذا، وهو ما لا يوصي به رئيس المجلس النيابي نبيه بري كما أفاد عدد من النواب الذين التقوه أمس. أما الخيار الثاني أمام رئيس الحكومة فهو أن يسعى الى التعاون مع وزير الاتصالات للرد على تساؤلات النواب ولو اصابته بعض سهامها شخصياً لأنه كان في الماضي رئيساً لأربع حكومات قبل هذه الحكومة، وتسلم وزارة الاتصالات هو شخصياً في احداها، اضافة الى اسناد هذه الوزارة في أول حكومتين شكّلهما، الى مقربين منه. ويتناول الاستجواب كافة فترة ادارة قطاع الخليوي منذ عام 1994 حتى الآن، وهي فترة تقول مصادر قرداحي أنه سيرد عليها من باب استمرار السلطة وليس من باب المسؤولية، مؤكدة استعداده للرد وبالأرقام والمستندات على أي انتقادات أو أي هجوم يمكن أن يقوم به نواب محسوبون على رئيس الحكومة، مشيرة الى أن الوزير قرداحي أكد لرئيس المجلس لدى اجتماعه به ظهر أمس حرصه على التضامن الحكومي واستعداده لتحمل مسؤولية الفترة التي تسلم خلالها وزارة الاتصالات، وأن على رئيس الحكومة توضيح ما حصل في الفترات التي سبقت تولي قرداحي هذه الوزارة.