تعقد غداً جلسة الاستجواب النيابية للحكومة في ملف الهاتف الخلوي في ظل أجواء متوترة داخل السلطة التنفيذية من شأنها أن تشكل مادة دسمة للمعارضة وتحديداً للجبهة الوطنية للاصلاح صاحبة الاستجواب للانقضاض على الحكومة الى حدود احراجها أمام النواب والرأي العام اللبناني من دون الاطاحة بها، نظراً الى ان الظروف المحلية والاقليمية ليست مواتية لطرح الثقة فيها وترحيلها على رغم ان هناك صعوبة في ايجاد "المخرج اللائق" لتبرير عدم طرحها. فجلسة الاستجواب كما هو مخطط لها بعد تعذر صرف النظر عن عقدها بسبب اصرار رئيس المجلس النيابي نبيه بري عليها لقطع الطريق على محاولة اتهامه بالتواطؤ مع الحكومة وبالتالي بتضييع فرصة محاسبتها وتحميلها مسؤولية استمرار البلبلة في مناقصة تشغيل الهاتف الخلوي وادارته، يفترض أن تتيح الفرصة للمعارضة التي تتشكل بالدرجة الأولى من نواب الجبهة الوطنية للاصلاح الرئيسين حسين الحسيني وعمر كرامي والنائبين نايلة معوض وبطرس حرب، للانقضاض على الحكومة، على رغم ان بعض النواب يعتقد بأن الضرب في الميت حرام، في اشارة الى ان الحكومة أصبحت أشبه بجثة لتعذر الوصول في الظرف الراهن الى تفاهم على حكومة بديلة... وفي هذا السياق رأى النواب ان جلسة الاستجواب، قد تشهد منازلة بين أهل البيت الواحد في الحكومة بدلاً من ان تكون جلسة مواجهة بين السلطة التنفيذية والمجلس النيابي، مشيرين الى ان هذا الأمر لن يكون لمصلحة التضامن الوزاري، ما لم تحصل مفاجأة في اللحظة الأخيرة من شأنها ان تدفع بالحكومة الى لملمة أوضاعها، وهذا يستدعي التفاهم بين رئيسها رفيق الحريري ووزير الاتصالات جان لوي قرداحي الذي أعد رداً على استجواب نواب جبهة الاصلاح كان للأول مجموعة من الملاحظات عليه تتمحور حول التباين في أرقام المداخيل المالية. فالحريري يرى بحسب النواب ان قرداحي يبالغ في تقديم الأرقام المالية الخاصة بمداخيل الخزينة منذ تشغيل الخلوي من شركتي "سيليس" و"ليبانسيل" لمصلحة الدولة وانه سيضطر للرد من أجل توضيح موقفه منعاً للالتباس. وأكد النواب ان عدم التوصل الى حل وسط بين الحريري وقرداحي سيدفع بالأول الى عرض وجهة نظره المتناقضة كلياً مع ما يطرحه الأخير، لافتين الى ان هذا البند يشكل بحد ذاته نقطة خلاف تضاف اليها نقاط أخرى كانت مدار جدل في داخل مجلس الوزراء عندما وافق في جلسته السابقة على دفتر الشروط لاجراء مناقصة جديدة لتلزيم ادارة الخلوي وتشغيله. وأوضحوا ان مجلس الوزراء أقر دفتر الشروط لكنه لم يحسم أمره بالنسبة الى النقاط التي أثارها عدد من الوزراء، لجهة اعطاء الحق لمجلس الوزراء في الغاء المناقصة الأولى لتلزيم ادارة الخلوي، لكن خصخصة الإدارة تتطلب وضع قانون جديد وهذا ما بدأ يثيره عدد من النواب في خصوص قانونية التلزيم، ومدى استعداد شركات جديدة للاشتراك في المناقصة. وأشار النواب الى انه سيكون في مقدور البعض أن يتسببوا بإحراج الحكومة وتسجيل مجموعة من النقاط في مرماها، مؤكدين ان ما سيحصل في الجلسة يأتي انسجاماً مع أصول اللعبة البرلمانية، لكن لم يسبق للحكومة ان واجهت النواب بمواقف متباينة ومتوقعين في حال عدم التوصل الى تسوية ان ينسحب الأمر على نواب الموالاة الذين سينقسمون على أنفسهم. ورأوا أن نواب الموالاة سيضطرون الى الانجرار وراء حرب المواقع التي تهدد الحكومة في ظل غياب الانسجام الوزاري وبالتالي سيجدون انفسهم موضع فشة خلق يترتب عليها انكشافهم امام الرأي العام، خصوصاً ان الحكومة لن تحضر الى جلسة الاستجواب وفي جيبها كتاب واحد للرد على تساؤلات النواب واستجواباتهم. ولاحظوا ان تمرير جلسة الاستجواب بأقل حجم من الخسائر التي ستصيب الحكومة لا يعني محاصرة آثارها السلبية في داخل ساحة النجمة وعدم خروجها الى العلن. ان أكثر ما يتخوف منه بعض النواب بحسب قولهم ل"الحياة" يتمثل في أن تنتقل تداعيات جلسة الاستجواب الى داخل الحكومة ويترتب عليها مفاعيل سياسية قد تؤدي الى تهديدها من الداخل وصولاً الى دفع الأمور في اتجاه تعقيد التعايش تحت سقف واحد تمهيداً لاعادة ترتيب الوضع الحكومي من خلال تطيير الحكومة والمجيء بحكومة منسجمة قادرة على مواجهة كل التحديات الداخلية والاقليمية... الا ان نواباً آخرين يرون ان هناك قدرة على استيعاب الهزة التي ستصيب الحكومة في جلسة الاستجواب طالما ان الظروف غير مواتية لفتح ملف التغيير على مصراعيه. وبكلام آخر يعتقد هذا البعض في ظل استبعاد التغيير الحكومي الا اذا كانت هناك تقديرات تتعارض مع التوجه لبقاء الحكومة بأن هناك فرصة لتصحيح الاعطال الحكومية ولو موقتاً ليتاح لها مجدداً العمل من أجل تضميد الجروح السياسية التي ستلحقها بها جلسة الاستجواب. ويبقى القول ان كل هذه التوقعات أو المفاجآت التي قد تحملها جلسة الاستجواب كانت موضع تشاور بين رئيس الجمهورية اميل لحود وبين كبار المعنيين في بيروت، اضافة الى المسؤولين السوريين الذين لم يكن في وسعهم سوى تكرار اسداء النصائح لأهل الحكم بوجوب استمرار التعاون من خلال متابعة الحوار كأساس لتثبيت الاستقرار السياسي. وشدد وزير الاشغال والنقل نجيب ميقاتي على ضرورة انجاز مناقصة شفافة لملف الخلوي تلتزم بها الشركات،، وقال: "بعد الغاء المناقصة الخاصة في الملف لم أتدخل كسياسي لتحديد شروط المناقصة أو لالغائها ولو شئت التدخل ربما لم تكن المناقصة لتعلن". وقال وزير التنمية الادارية كريم بقرادوني انه لا يرى "أكثرية نيابية يمكن ان تطيح الحكومة في الجلسة". وأضاف "إذا كان من حق المجلس النيابي اللجوء الى الاستجواب وطرح الثقة في الحكومة فليس من حق الحكومة أن تذهب الى المجلس برأيين أو رقمين".