شدّد الرئيس اللبناني اميل لحود على أهمية العلاقة التي تربط بين لبنانوالبرازيل على أكثر من صعيد. واعتبر لدى مغادرته بيروت الى برازيليا صباح أمس "ان الأصداء الايجابية التي تركها لبنان في السنوات الأخيرة على صعيد الاستقرار الأمني واستعادة صورته المشرقة في بيئته الاقليمية وفي العالم أجمع وباعتراف الجميع تركت ارتياحاً لدى الجاليات اللبنانية في مختلف الدول وفي البرازيل تحديداً. وأكد لحود ان هدفنا لجهة طمأنة اللبنانيين في الخارج الى صمود بلدهم الأم وقدرته على التصدي لكل أنواع الضغوط وعلى الانطلاق من جديد في تحديد مستقبله كما يراه ولما فيه مصلحة شعبه وذلك بالتعاون والتنسيق التام مع الشقيقة سورية". وأوضح لحود الذي وصل ليلاً الى البرازيل مع وفد وزاري مرافق انه سيثير خلال لقاءاته "سبل تعزيز حقوق اللبنانيين في البرازيل، إضافة الى تسهيل الاجراءات بين البلدين التي تسمح بزيادة عدد الآتين من أحد البلدين الى البلد الآخر". عكست المناقشات التي شهدها مجلس الوزراء اللبناني بعض الاحتقان السياسي الكامن في داخله، أثناء جلسته مساء أول من أمس الأحد التي انتهت الى إقرار دفتر شروط تلزيم شبكتي إدارة الهاتف الخلوي، والتي تخللتها مداخلات عدة اتّسم بعضها بالتوتر الذي بقي تحت سقف الحفاظ على الهدنة بين رئيسي الجمهورية اميل لحود والحكومة رفيق الحريري. وبقي دفتر الشروط على حاله في ما يخص الشرط الذي يؤدي الى استبعاد "ليبانسيل" لأنها لا تدير على الأقل 500 ألف خط خلوي في لبنان والخارج والتي يملكها آل دلول، فيما بقي موضوع مشاركة "انفستكوم" التي يملكها آل ميقاتي خاضعاً لتفسيرات بين من يتوقع استبعادها ومن يتوقع تأهيلها. إلاّ ان محطات المناقشة، والتي أظهرت "الاحتقان المنضبط"، كشفت انقسامات توزعت على فرقاء عدة ولم تقتصر على محوري فريقي لحود والحريري. ويمكن تلخيص بعضها كالآتي: - ان وزير العدل بهيج طبارة من فريق الحريري قدّم مداخلة طويلة قانونية الطابع عن بعض الثغرات في دفتر الشروط، أخذ ببعضها مثل وجوب التحكيم في الخارج في حال نزاع مع الشركات ووجوب الالتزام بالشركات التي تقدّم أقل سعر خلافاً للنص الذي يعطي وزير الاتصالات جان لوي قرداحي حق الاختيار... - حينما بدأ الحريري مداخلته عن رأيه وجوب استبعاد الشركتين بعد ان صمت معظم الوقت قاطعه لحود قائلاً: "هناك اناس تريد عرقلة الموضوع لإعادة إشراك شركات تدير 400 ألف خط". فردّ الحريري: "أنا أدافع عن شركة أو أطلب إعادتها الى المناقصة ولم أكمل رأيي بأنني مع استبعاد الشركتين لتوسيع رقعة مشاركة الشركات الأخرى بحيث لا يؤثر أي استنساب في الشروط على سمعتنا"... فقال لحود: "ربما غيرك قد يتكلّم عن شركة معينة". - نائب رئيس الحكومة عصام فارس شكّك في إمكان نجاح المناقصة لكنه أكد أنه لن يعرقل الآن ويحتفظ بحقّه في الإدلاء بدلوه بعد المناقصة ليحكم على النتائج، مشيراً الى ان الوزير قرداحي كان استبعد إمكان اجراء المناقصة قبل 31 آذار مارس المقبل لكنه عاد فالتزم ذلك وربما نتيجة إصرارنا. وسأل فارس: "هل ان ما نقوم به قانوني؟ فنحن ذاهبون الى جلسة استجواب نيابية للحكومة حول الخلوي فماذا نجيبهم؟" وهنا قال له لحود: "المعروف ان الكلام سياسي في المجلس النيابي والقصة معروفة". وأيد وزراء حركة أمل الذين تحدث باسمهم الوزير علي حسن خليل موقف فارس بكل جوانبه وأكد انهم لن "يتدخلوا" في هذا الملف. أما الوزير قرداحي فأجاب عن الاسئلة القانونية لفارس وغيره من الوزراء بالقول: "أنا أضمن آلية قانونية للمناقصة، لا النتائج، حتى أكون واضحاً أمام الرئيس ومجلس الوزراء". - ان وزيري "اللقاء الديموقراطي" مروان حمادة وغازي العريضي كررا رفض مبدأ الخصخصة من جهة واعترضا على إدارة الملف منذ البداية، وأكدا ان كتلتهما خارج أي قرار يتخذ في مجلس الوزراء نتيجة اللغط الذي أحاط بالملف منذ البداية لأنهما ضد طريقة الوزير قرداحي وضد الشركات منذ البداية لأن ذلك يضعنا بين خيار ان نكون مع الشركات وبين ان نقوم باجراءات غير قانونية. وسألا عما اذا كان صحيحاً قول الوزير ان استبعاد شركة أو شركتين يسمح لهما بأن تقاضي أو تقاضيا الدولة. واعتبرا أنه يجب حسم الموقف من مسألة إعلان رمي الوزير قرداحي المسؤولية على مجلس الوزراء. فهو تارة يقول ذلك وأخرى يعتبر ان القرار أعيد اليه في الملف وهذا انتصار له يجب الانتهاء من هذه اللعبة. ونحن لسنا في حلف مع أحد في هذا الملف... - ولم يقتصر تحميل مسؤولية الملف لقرداحي على مواقف حمادة والعريضي وفارس بل ان وزير الداخلية الياس المر الذي هو مثل وزير الاتصالات من فريق الرئيس لحود قال: "ليتحمل الوزير المسؤولية ونتمنى يا فخامة الرئيس ان يكون على مستوى طموحاتك أنت الذي خضت معركة استرداد هذا القطاع من الشركات للدولة". لكن وزير التنمية الادارية كريم بقرادوني أكد ان مجلس الوزراء يتحمل القرار ما دام هو الذي اتّخذه. - ان اعتراض لحود على عمليات التوظيف في المؤسسات المستقلة أو الشركات التابعة للدولة فتح نقاشاً في فائض الموظفين والهدر في الدولة مجدداً، فاعترض بداية على عقود تمّت بموافقة وزير العمل أسعد حردان في الضمان الاجتماعي مراقبون أطباء صحة عامة... فدعا الى وقف التوظيف في الدولة ليتم بقرار من مجلس الوزراء. فرد حردان قائلاً: "لم أقم بشيء مخالف للقانون فالتعيينات تمت لمن أجريت لهم امتحانات". لكن لحود أكد ان هذه الامتحانات أجريت عام 2001 وحصلت إشكالات حول قانونيتها فضلاً عن ان القانون يبطلها بعد مرور سنتين عليها. واعتبر حردان انه يمثل تياراً سياسياً هو الأقل تمثيلاً في الادارات وليس له هدف فئوي في العقود التي هي لتسعة أشهر "وأنا لست فاتحاً على حسابي". وأصر لحود على إعادة الامتحانات قبل التعاقد. وقال لحود: "مضت سنوات وأنا أعمل لإصلاح الادارة والانتهاء من الفائض الذي يقال انه يبلغ 20 ألف موظف في الدولة ولا أحد يساعدني". وعدّد لحود عمليات التعاقد في المؤسسات التي يجري فيها التوظيف والانفاق خلافاً لقرار الحكومة وهي: التعاقد مع أساتذة المدارس، مستشفى بيروت الحكومي، مجلس الجنوب، مصلحة نهر الليطاني، صندوق المهجرين والضمان الاجتماعي وكازينو لبنان. وهنا قال له العريضي ان الكازينو يوزّع أموالاً. فقال لحود: "فليتم فتح ملفه واذا صحّ ان هناك صندوقاً أسود فلا مانع عندي من وضع الذين يقومون بذلك في صندوق أسود"... ودعا وزراء الى فتح كل الملفات حتى نهايتها وليتحمل التفتيش المركزي مسؤوليته من دون مداخلات سياسية...