سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الحياة" تنشر تفاصيل السجال في مجلس الوزراء حول خصخصة الهاتف الخلوي وتأجيل بتها . لبنان:لحود ينفي موافقته على التسريبات الاعلامية والحريري يتهم بعضهم ب"العيش على الخلافات"
ترك مجلس الوزراء اللبناني الباب مفتوحاً أمام متابعة مناقشة ملف الهاتف الخلوي عندما قرّر تأجيل البحث اسبوعين أو ثلاثة ريثما ينجز مصرف H.S.B.C. تقريره بناء لتكليف المجلس وضع دفتر شروط لبيع رخصة خدمة الهاتف النقال وتقديم المقترحات في صدده، بعد ان كان تسبّب تباين الآراء في موضوع خصخصة هذا القطاع بسجال سياسي واسع وخلافات، انعكست على العلاقات الرئاسية. وتنشر "الحياة" جانباً من المناقشات التي سادت مجلس الوزراء في هذا الشأن أول من أمس. تجاوز أركان السلطة التنفيذية العودة الى السجال السياسي - الإعلامي حول ملف الهاتف الخلوي، بقرار مجلس الوزراء انتظار تقرير يعدّه مصرف H.S.B.C.. وربح مجلس الوزراء بذلك فرصة لتبريد لأجواء، من أجل صيغة لاخراج الخصخصة من دائرة التجاذب على خلفية سياسية تتغذّى من تبادل التهم وتعيق إنجاز التدابير لوضع هذا الاستحقاق الاقتصادي على طريق التنفيذ كي تتمكن الحكومة من طلب مساعدة الهيئات الدولية، وخلافاً للتوقعات لم تكن الجلسة ساخنة قياساً الى ما سبقها من حملات منظّمة. وغلبت عليها الصراحة ولم يبق شيئ طي الكتمان. ولم تقلل المكاشفة التي جرت في الجلسة من المخاوف لدى البعض من احتمال العودة عن مشروع الخصخصة، لمصلحة ادارة ملف الخلوي من القطاع العام، كأمر واقع لأن ضيق الوقت قد يحول دون تكليف شركة تدير أعمال شركتي الخلوي اللتين كانت الحكومة فسخت عقد الB.O.T. معهما ليبانسيل وسيليس، ريثما يتمّ اجراء مزايدة دولية لخصخصة الخلوي خصوصاً ان فريقاً في الحكم يرى ان تدير مؤسسة "أوجيرو" التابعة لوزارة الاتصالات هذا القطاع طوال المدة الفاصلة عن بيع الرخصة. وكانت الجلسة وفق معلومات "الحياة" بدأت بكلام لرئيس الجمهورية اميل لحود بعد خلوة لدقائق مع رئيس الحكومة رفيق الحريري، وقال لحود: "كل يوم نسمع بموضوع يتعلق بخلاف بين الرؤساء والوزراء، واحياناً بين الجميع، ونرى ان كل واحد يفسّر الأمور كما يريد. لماذا؟ لأن الصحف ترغب في ان تبيع، ولا تستطيع ذلك ما لم تكن هناك فضيحة، انني أتحدث عن نفسي، وأنا أؤكد لكم، انني لست حاقداً على أحد، وكنت ضبطت محاولة لاغتيالي أثناء وجودي على رأس قيادة الجيش حاول القيام بها احد الضباط، فلم اسمح بأن يتعرّض للملاحقة ولا يزال في موقعه في المؤسسة، ولا يعرف أنني كنت أعلم بما كان سيفعل". وتابع: "الموضوع ليس موضوع مزاج، والدولة لا تدار بالمزاج بل بالقوانين والمؤسسات، وأنا لست من يوزّع شيئاً على الصحف، وقد يكون البعض من المحبين يتبرّع ويحكي عني للاعلام، لكن أنا لا أطلب ذلك من أحد نشر، ولو كنت أود ان ألعب هذه اللعبة لكنت قبلت حين جاءني صحافي مشهور وقال لي هذه خمسة ملايين دولار لدعمكم في الاعلام فرفضت". ودعا لحود الى عدم استعمال وسائل الاعلام "لنختلف مع بعضنا بعضاً. وأنا من جهتي لا أقول ان المسؤولية تقع على احد ما، أو ان لا مسؤولية على غيره، كلنا مسؤولون. ولا أحد يقوم بوساطة ليجد حلاً أو لا يجد حلاً. قضايانا نحلها بالديموقراطية وبالنقاش، ولا يجوز لأحد ان يقول ان المعركة تدور بين الرئاسة الاولى والرئاسة الثالثة وان الرئاسة الثانية تلعب دور الكونت برنادوت... فليسمحوا لنا بذلك". وقال لحود: "هناك قوانين ولا يجوز ان يشتغل فينا احد، ان الوضع الاقليمي والاقتصادي صعب وعلينا ان نعي ذلك، كي لا ندفع ثمناً أغلى". وتحدث الحريري فقال: "من دون شك ان الوضع الاقليمي والخارجي والداخلي لا يسمح بتجاذبات، لكن هذه التجاذبات تحصل، و كما ذكرت يا فخامة الرئيس ان كل واحد منا وضعه واضح في الدستور والقوانين واضحة، وكما قلت انت لم توزع كلاماً في الاعلام وان هناك اناساً يحبونك ويتبرعون بهذا الكلام ونحن من جانبنا نحبك لكن على طريقتنا وليس على طريقتهم، لكن هناك اناساً يعبّرون بطريقة مفيدة واناساً يفعلون ذلك بطريقة مضرّة". وتابع: "أنت تقول انك لا تقرأ الصحف الا في المساء، ويصادف انني اقرأ صباحاً وظهراً ومساء، اننا نتعرّض لحملات من جهات معروفة ومعروف من يغذيها وهي لا توزع في الغرف المغلقة بل بواسطة وسائل اعلام معروف من يموّنها بالمواد، أوافقك مئة في المئة على ان هذا مضر بالبلد وبالاشخاص ولديك تجربة في الجيش وفي الحكم وانت تعرف مدى ما تلحقه من ضرر. ولا مصلحة لأي انسان بالاستمرار هكذا، لكن يبدو ان هناك اناساً يرغبون في العيش على الخلافات. ان التعاون ضروري وكنت قلت في العلن ان التعاون بين الرئيسين اساس الاستقرار السياسي في البلد وان عدم التعاون مضر لرئيس مجلس الوزراء لأنه مسؤول امام المجلس النيابي والناس". وتابع: "تحدثت عن ضابط في المخابرات، لا داعي لأذكر حكايات كثيرة، ولم يبق في نفسي اي مجال للخلافات على الاطلاق جميعنا سمع كلاماً مركباً يمكن ان يكون منسوباً لمحيطين بك أو بي. لكن الذي قلته انا قلته في العلن في اشارة الى حديثه الاذاعي، وآخر ما قيل عني اني اتدخل في الانتخابات الفرعية في المتن الشمالي، لا علاقة لي بهذا الامر، وآخر خبرية حدثني فيها الآن الوزير الياس المر وقلت له اني لست في وارد التدخل". وتطرق الحريري الى قضية الخلوي وقال: "لقد سمعت ما قاله الوزير بيار حلو من ان احد القريبين مني نزار دلول اشترى حصة من شركائه في "ليبانسل"، اعتقد بأنني املك من الخبرة والدراية ما يكفي حتى لا ادخل في امر كهذا، انا لا أتابع اعمال اولادي، وكل ما في الامر ان نزار دلول اشترى حصة شركة المباني في ليبانسيل بعد حصول خلاف بين ورثة احد الشركاء وهو المرحوم كمال ادهم، وكان شقيقه زياد دلول استحصل على موافقة من الوزير جان لوي قرداحي لشراء هذه الحصة. وصحيح، انه دفع مبلغ 105 ملايين دولار، بكفالة مالية لكنه عاد وسدد هذا المبلغ من موجودات الشركة". وهنا تحدث الوزير قرداحي، وتلا فقرات من التقرير الذي اعدته شركة K.P.M.G. والمتعلق بتقدير التعويضات التي يفترض بالدولة دفعها لشركتي الخلوي في مقابل فسخها العقد، بما فيها المستحقات المتوجبة عليها، بناء لطلب وزارة الاتصالات في حكومة الرئيس سليم الحص بذريعة انها ناجمة عن تجاوزات لاحكام عقد التلزيم ادت الى زيادة ارباحها. ثم تكلم لحود وقال: "لا أريد ان ألبس كفوفاً. سأحكي الامور كما هي وليس عندي شيء على احد وانما اود التحدث عما اشعر به، علكم تعرفون ان لا غاية لدي ولا اريد ان اكسب شيئاً من ورائه، ولا أريد ايضاً اعطاء أحد شيئاً انني احكي من وحي ضميري، فلا تدخلوا السياسة في هذا الموضوع، ولا اريد ان يسجل علي انه اعطى هذه القضية لفلان، ان ما ربحوه كافٍ ولتربح الدولة، لقد مضت ثلاث سنوات من دون الوصول معهم الى نتيجة واذا تطلب الامر فلنذهب الى التحكيم بعد ان قمت بما يتوجب علي، واني انبهكم. المهم بعد الآن المردود والصدقية وليست هناك من دولة يحصل فيها ما يحصل عندنا". وعاد قرداحي الى الحديث فطرح "ان تبدأ من الآن مهلة الانذار للشركتين لفسخ العقد، والمهلة محددة ب60 يوماً وعلينا ان نبحث عن شركة تدير الخلوي ريثما يتم التلزيم ولدينا عروض من شركة اريكسون لكن قيل لي ان العقد يعتبر مفسوخاً فور بدء العمل من الشركات التي ستقع عليها نتيجة المزايدة. ولا يجوز ان يبدأ الفسخ من اليوم". وسأله الحريري كيف سيتم استدراج العروض لتلزيم شركة جديدة لادارة الخلوي، فالحكومة تجبي الآن من الشركتين ما قيمته سنوياً 300 مليون دولار والمبلغ سيرتفع الى 400 مليون دولار بدءاً من 1-7-2002. ونبه الحريري من ان يكون الهدف صرف النظر عن الخصخصة لتشغيل الخلوي من القطاع العام. وقال: "نحن مع الحفاظ على مال الخزينة ولا مانع من فسخ العقد واللجوء الى التحكيم، لكن علينا التنبه الى ان تشغيل كازينو لبنان من شركة بريطانية على رغم وجود ادارة لبنانية لم يُدخل الى الخزينة اي مبلغ". وسأل الوزير محمد عبد الحميد بيضون كيف ستلزم ادارة الخلوي موقتاً وهل يمكن ضمان ان تكون فقط لشهرين يتم خلالهما وضع دفتر الشروط واستدراج العروض ومن ثم نعود الى مزايدة بيع رخصة الخلوي؟ ورأى الوزير طلال ارسلان ان لا حاجة الى شركة موقتة اذا كان التلزيم سيتم في غضون اشهر، الا اذا استغرق الامر اكثر من شهرين. وتحدث قرداحي عن عدم تجاوب الشركتين مع الشركة المكلفة وضع دفتر شروط المزايدة، فأقترح الحريري تشكيل لجنة برئاسته وتضم نائب رئيس الحكومة عصام فارس والوزيرين قرداحي والمر وغيرهم، لتساهم في الضغط على الشركتين لتقديم كل المعلومات. ورفض فارس الدخول في اللجنة بحجة عدم التعرّض لصلاحيات الوزير المختص، مشدداً على ضرورة حسم الموضوع في مجلس الوزراء. وطالب الوزير جورج افرام بتسريع انجاز التقرير المتعلق بالكهرباء، مؤكداً انه لم يعد مسموحاً الاستقواء على الدولة. وإذ لمح الوزيران مروان حمادة وباسل فليحان الى ان كلام قرداحي يوحي "بأننا سنقوم بتأميم الخلوي وهذا يضر بسمعة البلد"، دافع الوزير الياس المر عن وزير الاتصالات نافياً نية التأميم، معتبراً ان اشاعة اجواء كهذه مضرّة. وعبّر الحريري عن خشيته من ان يأخذ النقاش اتجاهات "كأن هناك جهة تضعف الدولة وأخرى تقويها". ثم حصل نقاش في الترجمة العربية لما اقتطعه قرداحي من تقرير شركة KPMG الموضوع بالانكليزية. وقال الحريري ان التقرير لا يقول ما يقترحه الوزير عن تسلم الدولة الخلوي تمهيداً لخصخصته. واعتبر الوزير سليمان فرنجية "ان القضية قصة قلوب ملآنة لا رمانة كأننا امام ثلاثة مجالس وزراء: واحد متهم بأنه صاحب صفقة في الموضوع وآخر يتهم ويبدي حرصه على الدولة ويحاول ان يوقف الصفقة، وعندها اما ان تمشوا مع الدولة او انتم حرامية لصوص ومجلس ثالث لا يعرف اي موقف يتخذ". وتوجه الى لحود قائلاً: "فخامة الرئىس، الامور لا يمكن ان تستمر بهذه الطريقة، منذ عشر سنوات وأنا وزير ولم اشهد ما يحصل الآن، كأن هناك فريق لصوص وفريقاً آخر نصاباً وفريقاً ثالثاً يغطي اللصوص. ورئىس الحكومة متهم بطريقة غير مباشرة، ليس بيننا من غريب عما يجري، ولا احد في الحكومات السابقة اعطى الخلوي على اساس انه يريد ان يحقق صفقات، المشكلة ليست في الشركات انما في الخلفية السياسية". وأضاف فرنجية: "اتمنى الاقلاع عن هذه الطريقة في النقاش ولا اظن ان البلاد تدار هكذا واذا صفت القلوب تحل المشكلة". وتحدث الوزير غازي العريضي معتبراً الجلسة مهمة "لأن كل شيء قيل فيها". ودعا الى "وقف التخاطب عبر الصحف، وكل ما نسمعه منتشر في البلد وليس هناك من احد مستثنى، وهناك كلام عن وزراء اختلفوا على الخلوي وعن وزراء يريدون الدخول فيه، والروائح منتشرة ولا اظن ان احداً هنا يقدم نفسه على انه مع سرقة المال العام، العناوين متفق عليها والآلية موجودة وعندما تصفى النوايا نتفق، اننا نضيع الآن وقتاً على ترجمة كلمة وأخشى ان يصيبنا ما اصابنا لدى ترجمة القرار 242 الى العربية". وتابع: "في النهاية لن يكون تقرير HSBC مقدساً فنحن نقرر ما نريد". واقترح العريضي تأجيل البت بما اقترحه قرداحي 15 يوماً ريثما يصدر التقرير. ولفتت الوزراء المداخلة القانونية للوزير بهيج طبارة الذي اشار الى قضايا قانونية اساسية في تفنيده ما طرحه قرداحي، مؤكداً ان قرار مجلس الوزراء بفسخ العقد مع الشركتين الحاليتين نافذ.