قرر مجلس الوزراء في جلسته امس تشكيل لجنة وزارية برئاسة نائب رئىس الحكومة عصام فارس، لتضع تقريراً مفصلاً يشرح اسباب اقتصار عملية اجراء المزايدة او المناقصة لتلزيم الهاتف الخلوي على شركتين محليتين تتوليان ادارته وتشغيله، والملابسات التي ادت الى إحجام شركات اجنبية عن المشاركة في مزايدة الشراء بعدما ابدت في السابق استعدادها لذلك. وجاء تشكيل اللجنة الوزارية بعدما طغت نتائج فض العروض مساء الأربعاء المقدمة للمشاركة في عمليتي المزايدة والمناقصة في القطاع الخلوي ،على جلسة مجلس الوزراء امس، خصوصاً انها بقيت محصورة في ادارة وتشغيل الخلوي من جانب شركتي انفست كوم لبنانية مملوكة من مجموعة ميقاتي وليبانسل لبنانية مملوكة من آل دلول ولم تتجاوزها الى خصخصة الهاتف الخلوي بسبب انكفاء الشركات عن التقدم بعروض لشراء رخص القطاع. وانحصرت العروض بشركتين لادارة وتشغيل الخلوي، بعدما تبين للجنة الادارية الفنية ان ملف الشركة الفرنسية "اورانج" لم يكن مكتملاً علماً انه تردد بأنها تقدمت بأدنى سعر لتشغيل الخلوي. وأحدث هذا مفاجأة لدى رئيس الجمهورية اميل لحود والوزراء الذين تساءلوا عن الاسباب التي ادت الى اقتصار الامر على شركتين للتشغيل وتراجع الشركات الاخرى. وحاول وزير الاتصالات جان لوي قرداحي - بحسب بعض الوزراء - تبرير الاسباب بقوله ان الشركات التي كانت ابدت استعداداً لشراء رخصة الخلوي أظهرت عدم رغبة في ادارته وتشغيله عادت وتراجعت عن موقفها نظراً الى الموقف الملتبس للدولة التي لم تحسم ما اذا كانت راغبة في بيعه ام لا. ولفت قرداحي الى ان الشركات تعاملت مع موقف الدولة على انها ليست مهتمة، ما دفعها الى الإحجام عن الاشتراك في المزايدة المتعلقة ببيع الخلوي، رافضاً تحديد الجهة المسؤولة على رغم إلحاح عدد من الوزراء وبينهم من كان تساءل عن المسؤول ازاء تحديد قيمة عقدي التشغيل المعقودين مع "ليبانسل" و"سيليس" الذي تتوليانه منذ اشهر في انتظار المناقصة وبمبلغ يفوق المبلغ الذي تقدمت به شركة اورانج. واعتبر قرداحي ان إحجام الشركات لا يعود فقط الى الملاحظات التي وضعتها على بنود في مسودة العقد وانما الى ملاحظاتها على دفتر الشروط الذي تمسك مجلس الوزراء بعدم تعديله. لكن رئىس الجمهورية اميل لحود اقترح تشكيل لجنة وزارية تحدد الاسباب التي ادت الى انكفاء الشركات الأخرى. ونقل وزراء عن لحود قوله ان لا بد من معرفة الاسباب التي اوصلتنا الى هذا الخيار، بينما كرر فارس موقفه السابق الرافض تشغيل وادارة الخلوي من جانب الشركتين، لافتاً الى ان لا يجوز ان تكون الشركات اقوى من الدولة ومن الحكومة. وقال: "لا نريد ان نحاسب احداً لكن من حقنا ان نسأل لماذا وصلنا الى طريق مسدود وكنت حذرت من ان سلوكنا في ملف الخلوي سيوصلنا الى هنا". وتساءل فارس عن دور اللجنة وطبيعة المهمة الموكلة اليها؟ وأيده الوزير غازي العريضي، مضيفاً: "نحن بالكاد نأكل عنباً وغيرنا أكل العنب وقتل الناطور، وعلينا تحديد الاخطاء بعدما وصلنا الى نتيجة كنا جميعاً نحذر منها، اضافة الى ان وزير الاتصالات تولى المفاوضات وان مجلس الوزراء لم يتدخل وكان يقول لنا باستمرار بأننا سنصل الى افضل الشروط لمصلحة الدولة والخزينة وبالتالي مجلس الوزراء الذي يتحمل كامل المسؤولية مع اننا كنا آخر من يعلم". ودعا الى ان تضع الحكومة يدها بالكامل على الملف. وتحدث رئىس الحكومة رفيق الحريري وقال: "في الاساس انا مع مصلحة الدولة وعندما قررنا فسخ العقد مع الشركتين كان هدفنا مصلحة الخزينة، في وقت كان يفلت علينا بعض الاعلام ويكيل لنا الاتهامات بأننا مع الشركات" وذكّر الحريري بما كان قاله في آخر جلسة في شأن الخلوي "من ان الطريقة التي تدار فيها الامور ستبقي القطاع في يد الشركتين، "وقد رفضنا الملاحظات التي تقدم بها بعض الشركات الراغب في المناقصة والمزايدة بعدما قيل له ان هذه الملاحظات تتجاوز بعض بنود مسودة العقد الى دفتر الشروط" وقد حذرت في السابق من ان ادارة الامور بهذا الشكل ستدفع عدداً من الشركات الى الانسحاب. وتمنى الحريري على اللجنة الوزارية ان تقوم بعرض تفصيلي لكل ما حصل على صعيد ملف الخلوي من دون ان تخفي اي شيء، وتحديداً منذ ان اتخذ مجلس الوزراء قراره بفسخ العقد مع الشركتين حتى اليوم، مشيراً الى انه تحمل طوال هذه الفترة كل حملات الاتهام والتجني. يذكر ان الحريري نفى في نهاية الجلسة وجود خلافات في شأن الخلوي، مؤكداً ان اللجنة سترفع تقريرها الى مجلس الوزراء لمعرفة الاسباب التي ادت الى انسحاب الشركات وللتحقيق في الأمر، وان تقريراً سيصدر عن وزارة الاتصالات سيرفع اليها. واعتبر الحريري ان بقاء عرضين فقط امر مفاجئ بلا شك، داعياً الى التروي وعدم استباق تقرير اللجنة الوزارية. قضية الطائرة على صعيد قضية الطائرة المنكوبة في كوتونو، علمت "الحياة" ان لحود استهل الجلسة بالكلام عن الحادث وذيوله وتداعياته التي تشغل اللبنانيين، مشدداً على ان تأخذ التحقيقات مجرياتها حتى النهاية منعاً لاستمرار البلبلة والتساؤلات وان تعلن كل الحقائق الى الرأي العام وطلب من وزير العدل بهيج طبارة متابعتها. وأكد الحريري بدوره ما قاله لحود، مشدداً على ان تأخذ القضية حجمها القانوني في منأى عن الزواريب السياسية والحرتقات التي يراد منها استغلال الكارثة لأهداف خاصة. ولفت الحريري الى ان التحقيقات تجرى في مكان الحادث ويشارك فيها الفرنسيون والاميركيون والسلطات المحلية في كوتونو وشركة "بوينغ" وممثل عن لبنان، معتبراً ان المشكلة ليست من مسؤولية لبنان وانما من مسؤولية الدولة التي وقعت فيها الحادثة، وأصحاب الطائرة والمديرين والطاقم، مشيراً الى ان النيابة العامة التمييزية تتقدم بالتحقيق لمعرفة ما اذا كانت هناك حاجة الى ضوابط اضافية في عمل الطيران المدني. وقال ان التعويضات لا تقدمها الدولة اللبنانية بل هي من مسؤولية من تسبب في الحادث. وتحدث الوزيران ايوب حميد وعلي حسن خليل حركة أمل وشددا على ضرورة الاسراع في التحقيقات وعدم دفن القضية والالتفات الى اللبنانيين في الاغتراب الافريقي من خلال تعزيز السفارات وحضورها، اضافة الى تشديد الاجراءات الداخلية في مطار بيروت للحؤول دون الوقوع في اخطاء جديدة. وعرض وزير النقل نجيب ميقاتي الاتصالات الجارية مع منظمة الطيران المدني في العالم، مؤكداً انه يتابع التحقيقات في لبنان وانه يسهل كل ما تطلبه النيابة العامة التمييزية.