سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الرجل الذي قاد البعث العراقي الى السلطة في 1963 يكسر عقوداً من الصمت ويفتح ل"الحياة" خزنة أسراره . حازم جواد : قصف الونداوي القصر ورفضت الخوض في حمام دم وغادرنا الى بيروت أمر عارف بسحق "الحرس اللاقومي" وتفرد بالسلطة منهياً 8 شباط وحكم البعث الحلقة العاشرة
تلك كانت قوانين اللعبة في تلك الايام. الانتصار لا يكفي. لا بد من شطب الخاسر او على الاقل دفعه الى خارج الحلبة وخارج البلاد. ولانقلابات العالم الثالث التي كانت تغويها تسمية الثورات تقاليدها. هذا للقصر وذاك للقبر والثالث لعتمة السجن او مرارات المنفى. كانت المحاكم مجرد صدى لارادة الحاكم. وكان العدل حبالاً تتلوى اشتياقاً الى الأعناق. وكان ثمة من يطرب لأنين السجناء الذين كان التعذيب "يقنعهم" بالاعتراف بما ارتكبوه وبما لم يقترفوه ايضاً، علّ الجلاد يشفق. السلطة كارثة للخاسر وكمين للرابح. بعد البيان الرقم واحد تبدأ حروب الصلاحيات والتنازع على الأرائك ومواقع الصور في صفحات الصحف. يبدأ موسم الكمائن والمكائد والسكاكين التي لا تنام. انها قصة بلدان كثيرة. لنعد الى العراق. لم ينه حاكم في العهد الجمهوري ولايته ويغادر الى منزله متقاعداً. عبدالكريم قاسم غادر الى التراب بجسد مثقوب. عبدالسلام عارف قتل في حادث الطوافة. شقيقه عبدالرحمن لم يكن من قماشة القساة. انحنى ل"ثورة" 17 تموز يوليو 1968 وغادر الى المنفى. احمد حسن البكر استقال من الرئاسة كي لا يستقيل من العمر. وصدام حسين غادر القصر الى حفرة ومنها الى السجن. لم يولد صدام فجأة. جاء من نهر القسوة المبقّع بدم الاسماك المتصارعة. كان الغرض من هذه الحلقات تسليط الضوء على هذا الهدير الكامن في التاريخ العراقي الحديث الموصول بأيامنا. فمن الانشقاقات التي ضربت البعث العراقي في 1963 سيطلّ صدام لاحقاً لخطف الحزب والجيش والدولة. فجر 12 تشرين الثاني نوفمبر دفع علي صالح السعدي الى المنفى. في اليوم التالي سيسلك حازم جواد طريق المنفى ايضاً. وبعد خمسة ايام سينفرد عبدالسلام عارف بالسلطة منهياً حكم البعث وحركة 8 شباط فبراير 1963 التي اصر على تسميتها ثورة 14 رمضان. في هذه الحلقة يروي جواد قصة خروجه ثم محاولته العودة وارغامه على المغادرة فوراً ليعيش في الإقامة الجبرية في مصر. وهنا نص الحلقة العاشرة: فجر 12 تشرين الثاني نوفمبر 1963 غادر علي صالح السعدي ورفاقه، فماذا جرى؟ - هنا بدأت المناورات، وبعض الانتهازيين بدأ يخاف، حصلت فرحة في الشارع، حتى منذر الونداوي قائد الحرس القومي اتصل بي وقال: "اخشى ان تكونوا حسبتموني عليهم"، فقلت: "لا أحد حسبك عليهم، ولو كنا كذلك لكنا وافقنا على مغادرتك في الصيف حين اقترحت لكنني رفضت وأبقيتك". وظهر بعدئذ انه يريد خداعي وطمأنتي. في حدود الرابعة او الخامسة صباح 13 بقيت في القصر الجمهوري ومعي طالب شبيب. جاء احد الضباط وقال: "هناك مدنيان اثنان ينتظران خارج بوابة القصر ويلحان على مقابلتك"، سألت: من هما؟ فقال: "الاستاذ دحام الالوسي والاستاذ شكري صبري الحديثي" وثالث معهما لا اتذكر اسمه، فطلبت ادخالهم فوراً وكان الوقت فجراً. قالوا: "نحن هنا منذ الثانية عشرة او قبلها بقليل نلح على الاتصال بك ولم يتجاوب احد معنا الا الآن". يبدو ان احداً كان متواطئاً من داخل القصر الجمهوري، فسألت عن الامر، فأجابوا: "هناك مؤامرة سيبدأ تنفيذها في السابعة صباحاً، تقوم طائرة او طائرتان من قاعدة الحبانية، واحدة يقودها منذر الونداوي وتبدأ بقصف بغداد، وينزل الحرس القومي الى شوارع العاصمة لاحتلال بعض الاماكن اي انها عملية انقلابية"، سألت: "كيف عرفتم؟"، فقالوا: "من ضباط بعثيين داخل القاعدة". يبدو ان الحزبيين في القاعدة شعروا بالحركة وعلموا بالتفاصيل وابلغوا عنها. أبلغت احمد حسن البكر الذي كان نائماً ايضاً في القصر الجمهوري، وأبلغت عبدالسلام عارف، فقال "اعطني وقتاً كي أبدل ملابسي"، اتصلت بقائد سلاح الجو حردان التكريتي وايقظته، وابلغته المعلومات وطلبت منه ان يسأل عن قصة منذر الونداوي وكيف ذهب الى الحبانية، وطلبت منه ان يحضر طائرات وينتظر مكالمتي بعد ربع ساعة. شكرت الجماعة الذين اخبروني وودعتهم. وشرحت الموقف لعبدالسلام والبكر عندما جاءا، وكلمت حردان مرة ثانية، وقلت له "الرجاء التحليق بطائرات فوق بغداد واغلاق مطار الحبانية بتحليق طائرة فوقه للاحتياط"، فقال: "لا تعتقد انني استطيع تنفيذ ذلك فوراً لأن هذا يحتاج الى نصف ساعة او اكثر بسبب عدم وجود طيارين"، فقلت له: "كونك آمر السلاح الجوي حاول الاتصال بالحبانية وامنع اقلاع اي طائرة"، وكان يفترض به ان ينفذ ذلك على الهاتف تلقائياً كونه قائد سلاح الجو، ولكن هؤلاء اصحاب النجوم والنياشين يتصرفون على مزاجهم، طلبت منه اغلاق الحبانية وغيرها من الامور، علماً انها مسؤوليته. على كل، عاد واتصل بي وقال "الحبانية لا تجاوبني واذا نجحوا بقطع الاتصال فهذا يعني انهم مسيطرون، والطيارون في طريقهم الآن والطيارات تهيأت وأنا سأعلّم منذر سأعطيه درساً". بعد عشر دقائق اتصل حردان وقال: "مع الاسف لن نلحق"، ويبدو ان هؤلاء عندهم رادار، لاحظ وجود طائرتين في الجو. واول صاروخ ضربته احدى الطائرات كان على نافذة غرفتي في القصر الجمهوري، وصدفة كنت غادرتها انا وطالب قبل اقل من دقيقة الى غرفة عبدالسلام عارف... ... دارت الطائرة مرة اخرى حول القصر وأطلقت صاروخاً آخر على النافذة المقابلة مباشرة لطاولة الرئيس عبدالسلام عارف في غرفته. في هذه الاثناء كان عبدالسلام ينزل من الطابق الاول ليلتحق بنا، وكان معنا البكر ومجموعة من المرافقين نستعد للذهاب الى الخارج، كي يرانا الجيش والحرس. انزعج عبدالسلام، وتفوّه بألفاظ بذيئة ضد منذر الونداوي الذي عرفنا انه قائد الطائرة التي تطلق الصواريخ، علماً ان لا شيء يبرر ذلك، وهو خدعني في مكالمته الهاتفية في اليوم السابق. الطائرة الثانية ضربت معسكر الرشيد والمدرج كالعادة، وأحرقت طائرة او اثنتين كانتا موجودتين وتتهيآن للطيران، بعد ذلك علمنا ان قائد هذه الطائرة هو الرائد يونس محمد صالح، الذي قصف مقر عبدالوهاب الشواف فقتله عام 1959، وكان صاروخه هو الذي أصاب غرفة الشواف، ويبدو ان منذر الونداوي لم يجد طياراً يتعاون معه الا الطيار الذي قتل قائد القوميين عام 1959. وكانت هناك مدفعية قرب القصر، قال البكر: "خلّه يولي هذا ... لا تطلقوا الرصاص عليه"، وشاركه عبدالسلام الرأي وقال: "لا تطلقوا عليه اي طلقة فهي صاروخان او اربعة فدعه يرميها، فهو لا يسوى"، وفي الحقيقة، بقينا واقفين خارج بناية القصر، على المدرج، نشاهد الطائرة التي ولت، وجاءت الاخبار ان الونداوي اصطحب يونس محمد صالح معه في سيارة وهربا من القاعدة، لأنه في هذه الاثناء تمكن قائد القوة الجوية من الاتصال واطلق عدداً من الطائرات، ويبدو انه كان لدى منذر عدد من الاصدقاء في القاعدة قالوا له ان يهرب، فلاذ بالفرار، وهؤلاء الضباط اشتركوا معه بعدما قال لهم ان "الحزب أرسلني وان هناك مؤامرة للحزب الشيوعي ستتم في بغداد او تمت، ونحن ذاهبون لمساندة الجماعة". قصف وهرب الى سورية. أما في بغداد فنزل الحرس القومي وذهبوا الى بدالات التليفون واحتلوها وقطعوا الخطوط كما قطعوا الكهرباء. وذهبت مجموعة منهم الى ابو غريب في محاولة لتقليد 8 شباط، فجوبهوا بضربات من الجيش واعتقلوا. ماذا كان موقف عماش؟ - عماش لم نره في ذلك الوقت. طبعاً اتصلنا برئيس اركان الجيش طاهر يحيى عندما جاءت الاخبار كي يستعد. اما الاذاعة في المرسلات فبقيت تذيع بشكل خفيف، لأن التيار الكهربائي انقطع عن محطة استديو الصالحية، وبدأت البرقيات تنهال ويذيعونها من ابو غريب، تأييداً وولاء لعبدالسلام عارف. شعرت ان القصة ستصبح قصة لعبدالسلام، فكلمت معاون رئيس اركان الجيش وقلت له ان يتصل بالضباط في ابو غريب ويطلب منهم عدم اذاعة برقيات فليست هناك حاجة، لانها كانت توجه فقط الى عبدالسلام عارف. اما عبدالسلام فنزل الى الملجأ، وبدأ يتصل بوحدات بغداد ومعه احمد حسن البكر، ويقول: "يا اولادي لا تهتمون، فهذا شخص ... ضرب صاروخين، وما في شيء، ولكن ابقوا يقظين". وجاء عماش في الساعة العاشرة صباحاً، ويبدو انه وجد لنفسه دوراً يؤديه. وقال ان "الحرس القومي احتل الشوارع كلها، فإما ان ننزل الجيش لنقضي عليهم ويسفك الدم، واما ان نجد حلاً آخر او حلاً وسطاً"، فهو كان مثل هؤلاء الذين يتدخلون بانتهازية في مثل هكذا ظرف، عندها قال البكر: "لماذا لا نذهب انا وانت ونتجول في المنطقة لنرى..."، فقلنا لهما حسناً اذهبا واستطلعا الامر. غاب الرجلان بضع ساعات. وفي هذه الاثناء بقيت انا اتلقى اتصالات من قادة الوحدات ومن معاون رئيس اركان الجيش تطلب السماح للقطعات بالنزول الى بغداد، فتذكرت قصة الشيوعيين في 8 شباط عندما ارادوا افتعال التظاهرات حتى نصطدم بها، وتصبح حرباً، فقلت لهم: "لا ابقوها، فليس عند هؤلاء شيء، لقد احتلوا كم ساحة، ومحطة الكهرباء، وبدأوا يتصرفون كالاطفال وقاموا بعمل فاشل وهم يعلمون ذلك، دعونا نرى ماذا سنفعل نحن في القيادة". فجأة جاءنا خبر ان هناك طائرة تطلب الإذن، فيها ميشال عفلق ومعه وفد، فمن هذا الوفد؟ اعتقد انهم ذكروا اسم جبران مجدلاني من بيروت، وصلاح جديد الضابط، والفريق امين الحافظ رئيس الدولة السورية رئيس المجلس الوطني لقيادة الثورة، ومعهم شخص خامس، وصلوا للتفاوض او لتفقد الوضع، فمن الذي ارسلهم او من الذي استدعاهم؟ لا احد. نحن توقعنا قبل ان يعود عماش، ان مجيء هؤلاء امر جيد، واعتقدنا انهم سينتقلون الى القصر الجمهوري، فرئيس الجمهورية موجود والحكومة موجودة، فكنا ننتظر ونقول الآن يصلون، والآن يصلون، ولكن لم يصل احد. اتصلنا فقيل لنا انهم موجودون في مقر قيادة الحرس القومي. رئيس دولة ورئيس الحزب يذهبان الى العصاة والقائمين على عملية انقلابية حدثت ضد الجمهورية العراقية، ولا يأتيان الى مقر القيادة والدولة! هذه الخطوة أنهت حكم الحزب، واغاظت عبدالسلام الذي بقي قصره الجمهوري مظلماً، على رغم وجود بعض البطاريات الخاصة والمولدات لبعض الخدمات. شعرت به وكأنه أسد مكبّل، ليس بسببه ولكن بسببي، فهو كان من الممكن ان ينطلق ويصفيهم خلال ساعة او ساعتين بقوة الحرس الموجودة في القصر الجمهوري، فهناك كتيبة دبابات وفوج، الا انني منعته ومنعت تحرك اي قطعة، اذ كنت اعلم ان دماً سيُهدر. ما الذي حصل مع عفلق والبقية؟ - لم نرهم خلال تلك الساعات، بقوا خمسة ايام الى ان قام عبدالسلام بالانقلاب، ولم يحلوا اي اشكال، ولم يرهم أحد، لذلك قال لحردان "ألا تقتل هؤلاء الخونة وتخلصني منهم"، وصلاح البيطار قال لي بعدئذ انه "كان لكم الحق بحسب القانون الدولي ان تعلنوا الحرب على الدولة السورية". هل حاول امين الحافظ وميشال عفلق الاتصال بكم؟ - لا ابداً. لا بعبدالسلام ولا بأحد. اذاً مع من كانوا جالسين؟ - مع الحرس القومي والعصاة، مع نجاد الصافي، والدكتور فائق البزاز، وقسم من قيادة بغداد. فهم اتجهوا من المطار الى مقر قيادة الحرس القومي واتخذوه مقراً لهم ولمفاوضاتهم. هل تعتقد ان هذه الحادثة أدت الى إسقاط الحزب؟ - نعم. فصلاح البيطار رجل سياسي ورجل دولة، وهو اعطانا الحق بإعلان الحرب، بقوله "ان امين الحافظ رئيس دولة، فكيف يذهب رئيس الدولة السورية الى دولة اخرى، مهما كانت العلاقة، ويذهب الى العصاة ولا يذهب الى رئيس الجمهورية". ماذا حدث بعد ذلك؟ - حدث الكثير من الامور لكن ليس عنفاً بمعنى الكلمة وانما عنف بسيط، كاطلاق رشقات من الرصاص، فالجيش استنفر كله في معسكر الرشيد وفي ابو غريب وفي وزارة الدفاع. أذكر اتصالاً اخيراً من العقيد خالد مكي الهاشمي معاون رئيس اركان الجيش بحدود الساعة الخامسة او السادسة مساءً في تاريخ 13، قال فيه: "استاذ حازم ارجوك، اذا كانت هناك نية لإنزال الجيش افضل ان تكون الآن، فبعد غياب الشمس تكون الدبابات عمياء لم تكن هناك اجهزة متطورة، فاذا عندك نية، قل لي الان او خلال نصف ساعة، لأن الجيش مهيأ لكنس هؤلاء"، فقلت له لا، يمكن ان نتحمل يوماً آخر. عاد البكر وعماش وقالا ان هناك مطلباً قدمه قادة الحرس القومي سمعاه في الاذاعة، وظهر بعد ذلك انه كذب، ويقولون فيه "نحن حاضرون ان ننسحب اذا ترك حازم جواد ومجموعته بغداد وعينت جماعة جديدة"، انه اسلوب عماش ويبدو انه اقنع البكر بأن ذلك يشكل مخرجاً. أنت تحمل عفلق المسؤولية كذلك؟ - طبعاً. هؤلاء الخمسة الذين جاؤوا هم الذين سببوا اسقاط حكم الحزب والذي اعتقد انه كان هدف اللجنة العسكرية السورية منذ زمن طويل، لأن في خطتهم السرية والتي تكشفت في ما بعد، هم كانوا يسعون الى الانفراد بحكم سورية، وكان البعث في العراق عقبة امامهم، لأنه يريد اعادة الوحدة الثلاثية مع جمال عبدالناصر، وهم لديهم أجندة سرية اخرى. جاء البكر وعماش بهذا الاقتراح، وانا استنكرته، ولم اتوقع من البكر ان يأتيني بمثل هذا الاقتراح، لأن قصة 11 تشرين الاول وما جرى هي من تدبيره هو، واراد اعتقال عماش. وقال عبدالسلام عارف كلمة خشنة ايضاً واحمر وجهه، وهي "نذل الذي يقبل بمثل هذا الخيار"، او جبان او سافل. واضاف: "غبتم لخمس ساعات ولم نراكم، والآن جايين بهذا الاقتراح السخيف"... انا صرت التن في موقف حرج، فاما انحاز مع المجموعة التي تطالب، وعلى رأسها الجيش، بالنزول الى بغداد وتصفية العصيان، او الخروج من بغداد وعدم سفك الدماء، وجماعة القيادة القومية حضروا، فدعونا نرى شطارة الاخوان السوريين وكيف سيخرجون من هذه الازمة. في هذه الاثناء قال طالب شبيب: "اذا يسمح لي الاستاذ حازم بالحديث على انفراد"، استغربت الامر وقلت هل هناك سر، فأخذني الى الممر، وقال "قل لي ماذا لنا في العراق، ثورة 14 رمضان انت عملتها وانا ساهمت فيها وقدناها والخ، وهؤلاء الاوغاد، الحرس القومي الذي انت شكلته وعملته، قاموا عليك بعصيان، الآن جاءنا احمد حسن البكر مع صالح عماش بهذا الاقتراح السخيف، انا رأيي اغاظة لهم ان نخرج، ما الذي ستحصله؟ خليهم هم يبتلوا فيها، فهم الذين اقترحوا عليك اخراج علي بهذا الشكل وانت عدلتها، وميشال عفلق وصلاح جديد قاعدين عند الحرس القومي، وهم جماعتنا واصدقاؤنا، وقاعدين عند شباب لا يعرفونهم ولا يعرفون حتى اسماءهم"، عدت وقلت لهم انا لا مانع لدي اذا اعتقدتم أن هذا الحل سيخلص الوضع. قال عارف: "لا اوافق على هذا الحل، وهذا تسليم وغلط"، فأجبته: "يا ابو احمد انتهت". وهذا ايضاً سبب ثالث او رابع او خامس أغاظ عبدالسلام عارف، لأنه عندما عاتبه الرئيس عبدالناصر بعد اشهر من هذا الحادث، قال له "بمجرد ان سمع حازم جواد بوصول ميشال عفلق والسوريين تركني وحدي في القصر الجمهوري وذهب الى بيروت"، ولم تكن هذه هي الحقيقة، فلم اتركه وحده، تركته رئيس جمهورية والجيش موجود واحمد حسن البكر، وايضاً القيادة القومية بقيادة ميشال عفلق وامين الحافظ. فحاول عبدالسلام بعد ذلك اقناعي بكل جهد وانتقلنا من غرفة البكر الى مكتبه، وقال: "طيب، انت ألا تريد كسب وقت وتبريد حرارة الحرس القومي"، قلت: "نعم"، فقال: "اذهب الى كركوك او الموصل، فالقواعد الجوية والجيش تحت تصرفنا، ونحن نقول طار، لكن انت انزل في كركوك او في الموصل، والجيش هناك ايضاً مستنفر"، فقلت له: "لا، لا افعل مثل هذه الخدع، على ماذا، فإما أقرر البقاء هنا ونستمر، او اذا كان هناك حل سلمي..."، فقال: "على كيفك"، واظن انه قال في هذه المناسبة "اذا الشياطين قلت، كثرت الملائكة"، واقترح ايضاً ان نأخذ مالاً معنا، وقال: "انت اعطيت علي السعدي وجماعته كل واحد الف دينار"، في ذلك الوقت كانت الألف دينار تعد مبلغاً كبيراً يكفي لشهرين او ثلاثة، "فأنت على الأقل خذ الف دينار"، قلت "لا، أبداً"، ورفضت، وهذه كانت امام عشرة او 15 شاهداً، وقلت "في جيبي خمسون ديناراً، تكفي، وانا سأذهب الى بيروت عند ناظم جواد، السفير، اخي"، فجاء معي طالب ومحمد المهداوي الذي ايضاً اشترطوا ان يترك العراق، لأنه هو قاد الضباط، ويبدو انهم وصلتهم الأنباء عن وشايته لهم وإفشاء أسرارهم، وتركنا من القاعدة. والتحق بنا من دون سبب طارق عزيز وآخرون من قادة الحزب، وقلت لهم: "ما في داعي"، فقالوا: "نحن لا نية لدينا للاستمرار في العمل في دولة انت لست فيها"، وكان هذا في طائرة عسكرية من قاعدة جوية في معسكر الرشيد، حيث استقبلنا جميع ضباط الجيش، فهم جماعتنا وكلهم في ايدينا، وقلنا لهم "هذه موقتة، كلها يومين او ثلاثة وراجعين"، ونزلنا في بيروت وكان ناظم في استقبالنا، ولا اذكر العدد الذي كان معنا، فربما ثمانية او تسعة، وضد رغبتي، وكان هذا في ليلة 13 او يوم 14. ونحن في الطائرة، رددت بيت شعر منسوب الى عبدالله بن عباس المسمى "حبر الامة"، وامام جميع الحضور: "يا لها من قمبرة بمعمري خلا لك الجو فبيضي واصفري ونقري ما شئت ان تنقري" وكنت اقصد فيه عبدالسلام عارف، فراحت المسألة وسُلّمت ثورة 14 رمضان ودولة العراق لقمة سائغة في يد عبدالسلام عارف، وهو سينتظر بضعة ايام ويستخدم قوات بغداد البعثية للسيطرة على العراق بشكل كامل واقصاء حزب البعث وحرسه... قبل مغادرتنا، اتفقنا معهم على تشكيل قيادة مشتركة لحل الازمة، تتكون من ثلاثة من العراق وثلاثة من الاخوة السوريين، من العراق اختير عبدالستار عبداللطيف وطاهر يحيى واعتقد احمد حسن البكر، ومن الجانب السوري اخترنا ميشال عفلق والفريق امين الحافظ ولا اتذكر الشخص الثالث، فإما جبران مجدلاني او صلاح جديد او شخص آخر، فوافق الجميع على هذه اللجنة، ثم ذهبنا الى بيروت... هل رأيت عفلق قبل المغادرة؟ - لا أبداً، ولكنني سمعت لاحقاً انه طلب مقابلتي، اي بعد مغادرتي. صرت الآن في بيروت فماذا حدث في بغداد؟ عاث الحرس القومي فساداً. تفتيش الضباط وسيارات الجيش واحتلال الساحات والاماكن العامة. ورابط عفلق ومن معه في مقر قيادة الحرس. واستيقظ الجميع في 18 تشرين الثاني على اذاعة بغداد تبث بيانات باسم عبدالسلام عارف وبصوته يعلن حل الحرس القومي فوراً، وهو سماه "الحرس اللاقومي، الذي عاث فساداً"، وتلا آية قرآنية. ثم قال: "ظنوا ان منعتهم حصونهم واننا لهم بالمرصاد... لذلك، طلب الشعب من جيشه التدخل وانقاذ البلاد من الفوضى..." وأذاع سلسلة بيانات اخرى، و"كل من آوى حارساً قومياً يعاقب بالاعدام وكل من يقاوم يطلق عليه الرصاص". كانت عملية تطهير، نزل الجيش الى شوارع بغداد، اما احمد حسن البكر فعندما أيقن ان العملية ستحدث، قال لهم "على بركة الله انا موافق"، وذهب الى بيته، ومع ذلك عينه عبدالسلام عارف، نائباً لرئيس الجمهورية لفترة بسيطة. وشارك سكرتير عماش في التنفيذ وهو علي عريم وقال له "ابو هدى عماش ناولني مسدسك، انت معتقل"، فناوله اياه وذهب الى غرفة ملحقة بمكتبه للنوم على سرير عسكري، وبقي في هذا الوضع الى ان سفروه الى القاهرة بحجة تعيينه سفيراً هناك لكن اوراق اعتمادة لم تصل. في بيروت عرفت بأحداث 18 تشرين الثاني وشعرت بأن عبدالسلام عارف قرر الانفراد بالسلطة. ابلغت مع طالب شبيب الملحق العسكري العراقي في بيروت برغبتنا في العودة فجوبهنا بمنع قاطع. وكنت اتصلت بمحمد عمران طالباً ان تخفف سورية لهجتها ضد عارف كي لا يستغل اعداء البعث الفرصة لكنهم لم يتجاوبوا. بعد فترة لاحطت ان احدا لم يتحد عارف فقررت وطالب ان نتحداه. كلفنا شقيق عبدالكريم الشيخلي الذي كان في الملحقية العسكرية في بيروت ويرتدد على بغداد ابلاغ شقيقي ناظم جواد الذي كان على علاقة وثيقة مع عبدالسلام عارف. كان ترك سفارة بيروت وقدم استقالته، واعتذر لعبدالسلام وقال له: "انا اسف لان الذي عينني سفيراً كان حزب البعث وارجو ان تبقى صداقتنا ولكنني انا مستقيل"، فقال له عبدالسلام: "هل تريدني ان ارسلك الى نيويورك؟"، فرفض. قلنا لناظم اننا نترك له حرية التصرف لابلاغ عبدالسلام، وثانياً نحن قادمون على الطائرة الفلانية. فوصلت انا وطالب شبيب الى بغداد على الخطوط الجوية العراقية، وعندما نبه قائد الطائرة لشد الاحزمة استعداداً للهبوط، قفز طالب واقفاً، وقال: "هناك احتمال رابع لم نبحثه يا حازم، فقد بحثنا الاعدام او السماح لنا او الاعتقال، الا هذا الجانب"، سألته "ما هو؟"، قال: "الاحتمال الرابع هو ان يصعدنا عبداالسلام الى طائرة لسجننا في القاهرة"، وعلى رغم تجربتنا لم يخطر هذا الخيار في بالنا. وقال: "لا تتجاهل هذا الاحتمال، ولو بقينا في بيروت كان احسن، على الاقل كانت عندنا حرية"، أجبته: "هذا غير معقول، فليرسلنا الى القاهرة وسنطلع منها، عبدالناصر ليس سجاناً". نزلنا من الطائرة، وأخذنا امتعتنا، وشعر الضباط بأن حازم جواد آتٍ، ويبدو ان احدهم اتصل بالتليفون اثناء اخراجي الامتعة، فوصلت كوكبة من الضباط بقيادة الصديق المقدم الضابط القومي هادي خماس الذي قال: "عفواً استاذ حازم، تفضل معي الى الاستخبارات"، سألته عن السبب فاجأب: "اتصال تليفوني جاءنا"، قلت: "من اين جاء الاتصال"، فقال: "من رئيس الجمهورية... فلنقعد قليلاً في الاستخبارات"، ذهبنا معه وجلسنا في غرفته في الاستخبارات العسكرية في وزارة الدفاع، والتي كنا نحن فتحناها لهم، فرجعنا اليها معتقلين، ودار حوار معه، غير أنه كان في اثناء ذلك الوقت يتلقى اتصالات هاتفية كل خمس دقائق لا اعرف ممن، لكنه كان يطمئنهم، وبعد ذلك تناولنا الغداء معاً ثم شربنا الشاي، واقسم اليمين هو ومساعده، وقالا: "لا تعتقدا بأننا تآمرنا عليكما نهائياً، فقد رأيتما ما الذي فعله الحرس القومي، ولو لم تحصل 18 تشرين لكان البلد احترق، ومع الاسف..."، وفي الساعة الرابعة او الخامسة عصراً خرجنا، فلاحظت اننا في الطريق الخارجي، فقلت لهم: "اين نحن؟"، قالوا: "في معسكر الرشيد"، فتصورت اننا معتقلون في السجن الرقم واحد، ولكنه كان حديثاً عادياً وصريحاً، وليست مسألة سجان وسجين او معتقل، بل كرفاق. واتجهت السيارة الى القاعدة الجوية، فسألته: "ما الامر يا استاذ هادي؟"، فقال: "لقد صدر أمر من رئاسة الجمهورية بتسفيركم الى القاهرة". وصلنا الى القاعدة ووجدنا ناظم جواد معتقلاً ايضاً، مع بهاء شبيب شقيق طالب. وكان ناظم رتب موعداً مع عبدالسلام في الساعة الثانية عشرة ليزوره، على ان يبقيا معاً للغداء، فنكون نحن وصلنا، وحتى يكون ناظم صمام امان اذا حدث شيء. لكن عندما وصلنا، ناظم اعتقل من المطار ومعه بهاء شبيب ولم يذهب حتى لموعده مع عبدالسلام، وفُتشت غرفة ناظم التي نزل فيها، وفقد رسائل ثمينة كان عبدالسلام ارسلها اليه واحتفظ بها، فأخذوها لعبدالسلام. وهي رسائل تاريخية عن مدى علاقة عبدالسلام بالبعثيين وبعائلة آل جواد، نساءً ورجالاً، فكلها كانت تحتوي على مشاعر عاطفية وعرفان بالجميل لا استطيع ان انساها كقوله: "لا انسى افضالكم"، حتى انه ارسل زوجته لتسكن في بيت ناظم لمدة شهر في بيروت وكان ناظم عازباً وهذا يدل على مدى الثقة والمحبة، فهي كانت ضيفة عليه في البيت، وهذه لا يعملها إلا الأخ مع اخيه. فكانت خمس او ست رسائل، ندم ناظم على فقدانها، ومنها رسالة ارسلها له في السجن عن تدبير خطط الهروب وغيرها كان يحتفظ بها، حتى أنا لم أرها. لم نستسلم، وبقينا نصرخ بشتائم ضد عبدالسلام والحركة، "هذا النذل... كيف يتجرأ على البعث"، وكان الصوت أشبه بصوت الخطيب، فتجمع الضباط والجيش، وسط شعور بالصدمة. كيف، يسفر عبدالسلام حازم جواد، واصبح كل واحد منهم يلقي كلمة، فهاجموا عبدالسلام عارف والحركة واتهموه بخيانة العهد والوعد، وقالوا: "نحن بالقوة لن نصعدكم الى الطائرة، ونحن حاضرون لمحاكمة او لمحاججة في التلفزيون"، الى ان تعب هؤلاء الضباط، كهادي خماس وضباط الاستخبارات، وحضر ايضاً آمر القاعدة العقيد عزيز امين وهو قومي وصديق ناظم، حتى انه قام بتقبيل ايدينا، قائلاً "أنا أرافقكم"، لم أرد التسبب في ايذاء هؤلاء فقلت عندما تهدأ الخواطر نصعد الى الطائرة، اما الضباط فكانوا يتسلمون المكالمات كل عشر دقائق للاستفسار "هل سافروا؟"، طبعاً نحن لم نكن نعلم حينها بذلك، اصعدونا الى طائرة من الطراز الذي كان يستخدم في الحرب العالمية الثانية، وبعد ذلك فهمنا القصة، فلقد طارت باتجاه كربلاء نحو الصحراء، واتصل الطيار بالقاعدة طالباً الاذن بالعودة الى بغداد، بعدما اكتشف ان فيها عطلاً او خللاً فنياً ويخشى من السقوط، فجاءته برقية او اشارة، لا ادري ان كانت من عارف عبدالرزاق قائد السلاح الجوي الذي عينه عبدالسلام عارف او من جهة اخرى، فقالوا له تابع الطيران بأي ثمنٍ كان. لم تكن الطائرة مكيفة، واصبنا ببرد، وكان الضباط المرافقون لنا يسكبون الشاي الحار في الكوب، فيتجمد من شدة البرودة، واصيب ناظم بمرض استمر معه منذ ذلك الوقت الى الآن. تابعت الطائرة رحلتها، وظل آمر القاعدة عزيز امين يذهب كل نصف ساعة الى كابينة القيادة. نسأله عن موعد الهبوط فيقول قريباً انشاء الله، الى ان طالت نحو 10 ساعات قبل ان نصل. واكتشفنا ان البوصلة لم تكن تعمل، وجهاز اتصال اللاسلكي ايضاً لا يعمل، وايضاً انوار الطائرة كانت شبه عاطلة، واكتشفنا اننا عبرنا لفترة فوق اسرائيل، ولا ادري كيف لم يسقط الاسرائيليون، الطائرة التي فوق صحراء النقب. وعندما وصلنا الحدود المصرية كانت الطائرة في وضع النزول، تحاول النزول ثم تصعد لأن القائد لم يكن متأكداً أن المطار هو مطار القاهرة، فقد يكون مطاراً اسرائيلياً او اردنياً، لا ندري، الى ان وصلنا بشق الانفس الى مطار "الماظة" العسكري شمال القاهرة. كان في انتظارنا مندوب رئاسة الجمهورية عبدالمجيد فريد، ومندوب من السفارة العراقية في مصر وآخرون، وهؤلاء يئسوا لان موعد الوصول كان مفترضاً قبل اربع او خمس ساعات، فطالت الرحلة عشر ساعات. وعندما هبطت الطائرة، هرعت سيارات الاطفاء اليها، فقد حدث شيء لجهاز التوقف واشتعلت فيه النار. والسبب في اختيار هذه الطائرة لنا بعد معرفة عيوبها، ظهر ان ذلك اليوم كان 8 شباط 1964، الذي انا اخترته موعداً لوصولنا الى بغداد، فكان تحدياً لعبدالسلام عارف، ولرفع معنويات البعثيين في هذه المناسبة، فتصادف عدم وجود طيارين، كونها عطلة رسمية، على الطائرات الاخرى، ويبدو ان عبدالسلام والاخرين مستعجلون على تسفيرنا. واعترف لنا الطيارون في النهاية انهم طاروا فوق اسرائيل، وطلبوا عودتهم الى بغداد فرفضت قاعدة بغداد استقبال الطائرة. قيل لنا ان عبدالمجيد فريد انتظر طويلاً قبل ان يترك، وانزلونا في فندق "شابرد" لمدة اسبوع، وانتقلنا بعدها الى شقق، واستمرت اقامتنا الاجبارية الى ان توفي عبدالسلام عارف وجاء شقيقه عبدالرحمن عارف الذي سمح لنا بالعودة. طبعاً اقامتنا في القاهرة لم تكن سهلة. هل التقيتم عبدالناصر؟ لا، لم نره، بعث برسالة مع المهدي بن بركة الذي وصل بعدنا بشهرين او ثلاثة، والرجل تفقدنا ولم يتنكر، واحتججنا له، فقال انه سيرى الرئيس عبدالناصر بخصوصنا، فقلت له ابلغه هذه الرسالة نيابة عني وعن طالب وناظم وبهاء شبيب وحتى عن صالح عماش: "ان العراقيين كانوا يُنفون الى خارج العراق من قبل الدولة العثمانية، ونحن لا نقبل الان ان يُنفى زعماء العراق الى الجمهورية العربية المتحدة التي لا تزال جمهوريتنا ودولتنا والرئيس عبدالناصر صديقنا ونعتبره قائد الامة، فبقاؤنا هنا غير لائق"، فأبلغه الرسالة وعاد بالجواب، وقال: "أخبرته بالرسالة كاملة فقال لي سلم لي على الاخ حازم والجماعة، وانا عندما قابلت الرئيس عبدالسلام عارف لحضور مؤتمر القمة الاول عقد في كانون الثاني 1964 وقبل حادثة الطائرة بشهر سألته عن هذا الموقف من الاخوان وانه يتوجب عليه التعاون مع حزب البعث والجناح القومي والجناح الجيد، ثم لماذا هذا الموقف من الاخ حازم جواد والآخرين"، واضاف: "اخبرني عبدالسلام انه كان يحب حازم جواد ومدحه وقال كنت معه طيلة فترة النظام واسمع كلامه وأؤيد اقتراحاته وصار هذا الحدث الذي كنا متفقين عليه الى جانب احمد حسن البكر وعبدالستار عبداللطيف عندما أبلغنا بالمؤامرة فمشيت معهم على رغم انني لست حزبياً، وحدث هذا التمرد الصغير الذي كان يمكن قمعه في ساعة او ساعتين لكن عندما سمع حازم ان ميشال عفلق موجود لم يقل الآخرين فمن هو ميشال عفلق، المسيح؟ قال انا سأترك واذهب الى بيروت لأنني لا أعصي ميشال عفلق، فتركني وحدي في القصر الجمهوري والذئاب تتربص من حولي وحتى الكهرباء كانت مقطوعة عني، فماذا تتوقع ان اصنع به"، واضاف الرئيس عبدالناصر ان "الجماعة مبسوطين واستقبلناهم لمدة اسبوع في فندق شابرد وهم الآن يسكنون في شقق على حسابهم وحسب الاخبار التي تأتيني فهم مرتاحون ويخرجون". هل أخذت الحكومة المصرية جوازات سفركم؟ في مطار بغداد صادروا منا الجوازات التي استخدمناها في مغادرة بيروت، وزودونا عندما صعدنا الى الطائرة المتجهة الى مصر بجوازات اخرى، وعندما فتحناها ونحن في الجو، وجدنا بها "يسمح لحامله بالسفر الى الجمهورية العربية فقط"، وفيها بيان في صفحة كاملة "الى جميع السفارات والقنصليات العراقية في العالم كافة: يمنع تجديد الجواز او اضافة اي دولة او التمديد إلا بإذن خاص من بغداد"، وما زال الجواز موجوداً عندي الى الآن. واكمل بن بركة ان عبدالناصر قال: "لماذا يعتبرون انفسهم منفيين، فحتى انا لا أقبل رسالة حازم". * غداً حلقة اخيرة.