انني من قراء مقالات الكاتب البريطاني باتريك سيل التي تنشرها"الحياة"في صفحة"الرأي". إذ انني أنسجم مع ما يراه هذا الكاتب البريطاني أكثر بكثير مما يكتبه كثير من الكتّاب العرب في"الحياة". فهو أكثر عُمقاً وفهماً وتفهماً وصراحةً في عرضه لآرائه وأفكاره من كثير من الكتّاب العرب، للأسف الشديد. وكان آخر ما لفت نظري مما ذهب اليه، وذكره، ما قاله في مُستهل مقالته في 5/12/2004 تحت عنوان:"أربع سنوات أخرى من الحروب" وما نصّه:"... فالشعب الأميركي يعرف أنه في حال حرب... حرب في العراق وحرب شاملة ضد الإرهاب، وحرب ضد أسامة بن لادن وضد"البُعبُع"الجديد أبو مصعب الزرقاوي، حرب ضد جميع أولئك الذين يتحدون التفوق الأميركي، وأخيراً حرب ضد الإسلام ذاته". والجملة الأخيرة من كلامه و"أخيراً حربٌ ضد الإسلام ذاته"هي أكثر ما لفت نظري وشدَّ انتباهي في مقالته. وذلك أنني لم أقرأ مثل هذا الكلام الصريح، بل شديد الصراحة جداً، في أي من مقالات وكتابات أي من الكتّاب العرب حتى هذه اللحظة، لا سيما أن هذا الكلام صادر عن كاتب غير عربي بريطاني، غير مسلم، ومتخصص في شؤون الشرق الأوسط. فلا أدري ما السبب في ذلك في إغفال الكتّاب العرب لهذه القضية وهذه الحقيقة في كتاباتهم. فهل السبب يكمن في جهل الكتّاب العرب، أو كثيرٍ منهم، هذه الحقيقة، وعدم ادراكها، والتعرف إليها؟ أم أن السبب هو خشية هؤلاء الكتّاب العرب من أن يُتهموا بإشاعة الكراهية ضد الغرب في شكل عام، وضد الولاياتالمتحدة في شكل خاص؟ أو أن يُتهموا بإثارة أو التحريض على غير المسلمين، ما يسمى بإثارة النزعات الدينية والطائفية؟ أو أنهم فعلاً لا يرون هذه الحقيقة التي يراها ويبصرها هذا الكاتب البريطاني؟ في رأيي أنه لا يجهل هذه الحقيقة إلا جاهل أو مكابر أو ممن طبع الله على قلبه وأعمى بصيرته. فإذا كان غير العرب وغير المسلمين قد فهموا وأدركوا وأبصروا هذه الحقيقة الجلية، فمن باب الأولى أن يدرك ويبصر هذه الحقيقة الكتّاب العرب والمسلمون. وذلك لأنهم هم مَن يعاني من هذه الحروب، وهم أول ضحاياها. فمن الأجدر بهم إعلانها صراحة أمام أمتهم بدلاً من التستر عليها، أو محاولة ايجاد الأعذار لها، وهذا هو الأسوأ. فالساكت عن الحق شيطان أخرس. بل انه من الشجاعة الأدبية التصريح بذلك مهما كلف الأمر. وفي النهاية انما يقولونه هو الحقيقة وتأدية للأمانة. كولورادو - محمد أمين سلامة سجن إيه دي إكس الفيديرالي الانفرادي بفلورنس