اختتمت في الرباط أمس اجتماعات المؤتمر الأول ل"منتدى المستقبل للشرق الاوسط وشمال افريقيا"باصدار توصيات وبيانات تدعو الى تسريع وتيرة التنمية والاصلاحات السياسية والاقتصادية في المنطقة العربية والاسلامية، عبر اشراك القطاع الخاص والمجتمع المدني في تلك المبادرات واحياء معاهدة برشولة لعام 1994 التي كانت تهدف الى بناء شراكة اورومتوسطية في افق سنة 2012. أكدت اجتماعات"منتدى المستقبل للشرق الاوسط وشمال افريقيا"أن المنتدى يطمح الى بناء اقتصادات عصرية منتجة للثروات ومندمجة بشكل جيد في الاقتصاد العالمي، وذلك باشراك القطاع الخاص والمجتمع المدني وعبر شراكة حقيقية بين المنطقة العربية والاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة واليابان. وشارك في الاجتماعات وزراء الشؤون الخارجية ووزراء الاقتصاد والمال لبلدان الشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا ونظرائهم من مجموعة الدول الثماني وشركائهم. ويعد المنتدى ركيزة الشراكة من أجل التقدم ومستقبل مشترك وإطار عمل للحوار والتعاون المبني على المسؤولية المقتسمة والاحترام المتبادل، بهدف التنمية المشتركة والنهوض بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية المناسبة، بكيفية منسجمة مع قيم بلدان المنطقة وخصوصياتها الثقافية والدينية والحضارية ومتطابقة مع إمكانات هذه البلدان ومواردها. وتقديراً للقيمة الحقيقية للدور الذي يضطلع به المجتمع المدني في التنمية وكمساهم في مسلسل الإصلاحات، ركز المشاركون على أهمية مساهمات مكونات المجتمع المدني، بما فيها المنظمات غير الحكومية وممثلو قطاع الأعمال، كأرضية خصبة لمواطنة نشيطة ومسؤولة تكون أفضل ضمان لانتقال ديموقراطي لا حياد عنه. واعترافاً بالمساهمة الأساسية للمرأة في التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، اتفق المشاركون على أهمية تكثيف تشجيعها. وأكد المشاركون كذلك وعيهم بأن التطور والنمو يتطلبان التزاماً قوياً من أجل بناء مجتمع المعرفة، تعمل فيه الحكومات مع شركائها للقضاء على الأمية وتدعيم ولوج تعليم ذي جودة على جميع المستويات، خاصة لصالح الفتيات والنساء والفئات الفاجتماعية الهشة الأخرى، ولتطوير كفاءات تستجيب للمتطلبات. وجدد المشاركون التزامهم مواصلة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية اللازمة، خصوصاً في مجالات الاستثمار والمال والتجارة وحماية حقوق الملكية ومحاربة الرشوة، بهدف تشجيع المناخ الاقتصادي الأكثر استقراراً وأماناً ملاءمة للاستثمار ولإنعاش قطاع مقاولاتي منتج للثروات ولمناصب العمل، وكفيل بالرفع من القدرة التنافسية لاقتصادات بلدان المنطقة وتشجيع الرخاء الاقتصادي والاجتماعي في هذه البلدان. وأعرب المشاركون عن دعمهم للجهود المبذولة من بلدان المنطقة التي تسعى إلى الانضمام إلى منظمة التجارة الدولية، ورحبوا بالمساعدة المقدمة لهذه البلدان من طرف مجموعة الثمانية. وأكدت الدول العربية أمس التزامها اجراء الاصلاحات التي تنبثق من خيارات كل دولة على حدة، شريطة التزام الاطراف الاخرى المانحة مواكبة عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية عبر انشاء آليات مالية وتقنية ودعم برامج التنمية والاستثمار. واعلنت الولاياتالمتحدة انشاء صندوق للتنمية الاقليمية في المنطقة موجه الى برامج الشباب والقروض الصغيرة في المنطقة، وخصصت له مبلغاً اولياً مقداره 100 مليون دولار ودعت الاطراف الاخرى للاكتتاب فيه وصولاً الى مبلغ بليون دولار. وقال وليام بيرنز، مساعد وزير الخارجية الاميركي كولن باول الذي راس المؤتمر الى جانب نظيره المغربي محمد بنعيسى، ل"الحياة"ان تنمية المنطقة وتوفير ظروف استثمارية مناسبة لتحسين مستويات معيشة السكان يشكلان ارضية لمستقبل واعد في المنطقة. ودعا الى تسريع الاصلاحات الاخرى الموازية، لافتاً الى انها يجب ان تكون ارادية ونابعة من خيارات كل دولة او مجموعة اقليمية حسب حاجاتها وتصوراتها للاصلاح، الذي يجب ان يشارك فيه المجتمع المدني الذي يحظى بالاولية في المرحلة المقبلة. وقال وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر ان دول الاتحاد الاوروبي مهتمة بتطوير وتنمية المنطقة العربية، شريكها الاقتصادي، مشيراً الى أنها تعتبر اسراع وتيرة الاصلاح ضرورياً لمواجهة التحديات التي تواجه الاتحاد الاوروبي ومنها قضية الارهاب. وقال بنعيسى ان تحقيق تنمية مشتركة وتشجيع الاصلاحات الملائمة، وخصوصاً في المجالات الاقتصادية والسياسية، يجب ان يتما في انسجام كامل مع قيم بلدان المنطقة وخصوصياتها، داعياً الى احياء مسار برشلونة باعتباره من آليات مواكبة الدعم الذي تحتاجه المنطقة. وطالب الجانب العربي في الاجتماعات ان تكون آليات الدعم الاقتصادي والتقني مواكبة للاصلاحات. وقال المشاركون ان الآليات المالية التي اقرتها قمة سي ايلاند لا تزال تفتقر الى التمويل الضروري لبدء اعمالها. وعرض المغرب اقتراحاً بإنشاء مركز للامتياز المقاولاتي، يهدف إلى تشجيع المقاولات باعتبارها قاطرة للتنمية المستدامة في منطقة الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا، ويستخدم الخبرة والموهبة المحلية المتوافرة موازاة للدعم التقني والمادي المقدم من طرف بلدان مجموعة الثمانية لإنشاء مركز للتكوين في المغرب. ويطمح هذا المركز إلى الاستجابة لحاجة المنطقة إلى مهنيين أكفاء في مجال الأعمال من خلال توفير تكوين ذي جودة عالية في هذا المجال وكذلك الوثائق والاستشارات والبحوث، علاوة على توفير فرص للتعاون موجهة كلها للاستجابة إلى خصوصيات المنطقة وواقعها. واتفق المشاركون على الاجتماع في البحرين سنة 2005 لتقويم مدى التقدم المحقق في هذا المسار ولمواصلة تبادل الأفكار بغية التقدم نحو مستقبل سالم ومذدهر، ورحبوا بعرض الأردن استضافة اجتماع منتدى المستقبل سنة 2006.