زاد الوضع تفاقماً في اوكرانيا أمس، منذراً باندلاع مواجهات مسلحة بين اجهزة الامن وانصار المعارضة الذين بواصلون لليوم الثالث اعتصاماتهم في شوارع كييف والمدن الاوكرانية الرئيسة. في الوقت نفسه، برز انقسام دولي، تجلى بنشاط الوساطة الأوروبية، بعد اعتراف موسكو بفوز مرشح السلطة فيكتور يانوكوفيتش وإرسالها وحدات من القوات الخاصة إلى كييف لحماية المنشآت الحكومية الاوكرانية ومنع سقوطها في ايدي انصار الزعيم المعارض فيكتور يوتشينكو. وبينما أعلنت بكين ومينسك تأييدهما ليانوكوفيتش، سارت كندا وبريطانيا على خطى واشنطن، واعلنتا عدم اعترافهما بشرعية النتائج. قوات روسية خاصة وأكدت المعارضة أن وحدات من القوات الروسية الخاصة وصلت إلى مطار بوريسبيل في كييف. وقال بيان صادر عن مكتب يوتشينكو إن الجنود هم من أعضاء وحدة "فيتياز" القتالية الروسية الخاصة. وأشار التقرير إلى أن مصدر هذه المعلومات ضابط احتياط في سلاح الجو الاوكراني برتبة كولونيل اكتفى بتعريفه باسم لياشكو. وذكر التقرير بأن لياشكو احتج على وصول القوات الروسية برفض خدمة طائرتي الشحن اللتين كانتا تقلان القوات وتقديم استقالته. قمة روسية - اوروبية وعلى رغم الاعلان رسمياً بأن الملف الاوكراني لن يبحث خلال القمة الروسية - الاوروبية التي بدأت اعمالها امس، أعرب سياسيون روس عن ثقتهم بأن الاحداث الساخنة في اوكرانيا ستلقي بظلالها على اعمال القمة، فيما أبدى زعماء المعارضة الاوكرانية املهم في ان يمارس الاوروبيون ضغوطاً على موسكو، لاجبارها على التراجع عن تأييدها ليانوكوفيتش، والزامها بسحب وحدات القوات الخاصة. ووصف السفير الروسي لدى أوكرانيا فيكتور تشرنوميردين التقرير بأنه "سخيف واستفزازي"، كما نفت وزارة الخارجية الاوكرانية مزاعم المعارضة. من جهته، اعلن رئيس الوزراء الهولندي يان بيتر بالكينيندي الذي تترأس بلاده حالياً الاتحاد الاوروبي، على هامش قمة الاتحاد وروسيا في لاهاي، ان "الاتحاد الاوروبي لا يمكن ان يقبل نتيجة" الانتخابات في اوكرانيا. وقال بالكينيندي ان لدى روسيا والاتحاد رؤية مختلفة للازمة، الا انهما "متفقان على القول ان التعاطي السلمي امر ضروري". المعارضة تشتكي في غضون ذلك، صعدت المعارضة الاوكرانية لهجتها وهددت باللجوء الى "وسائل اكثر عنفاً". وقال فريق يوتشينكو انه قدم شكوى للمحكمة العليا في اوكرانيا. إذ أعلنت يوليا تيموشينكو وهي واحدة من ابرز زعماء اليمين، ان قوى المعارضة ستواصل سعيها لالغاء نتائج الانتخابات بالوسائل القانونية عبر اللجوء الى المحكمة العليا، وإن شككت بنزاهتها، مشيرة الى عزم معسكرها الشروع في مفاوضات مع اجهزة الجيش والشرطة لاقناعهما بالانضمام الى المعارضين. وقالت الناطقة ان خطة وضعت لتصعيد اعمال الاحتجاج عبر قطع طرق المواصلات والسكك الحديد وشل حركة المطارات، ودعت المتظاهرين الى مواصلة الاعتصامات وفرض السيطرة على المنشآت الحكومية في الاقاليم، مشيرة إلى ان التحرك المنتظر سيتبلور خلال اليومين المقبلين، في اشارة الى انتظار ما قد تسفر عنه القمة الروسية الاوروبية. واعتبرت الحكومة الاوكرانية هذه الدعوات محاولة لجر البلاد الى حرب اهلية وتكريس الانقسام بين المناطق الشرقية والغربية في اوكرانيا. واعتبر الرئيس المنتهية ولايته ليونيد كوتشما ان "خطر تفجر الموقف واقعي جداً". لكنه شدد على ضرورة "عدم الانجرار وراء الاستفزازات"، واكد ان اجهزة الدولة تفرض سيطرتها وتعمل في شكل طبيعي. وساطة بولندية وبدأ الرئيس البولندي السابق ليخ فاوينسا جهود وساطة بين الطرفين بعدما اعلن عن تكليفه من جانب البرلمان الاوروبي بالتدخل لحل الازمة، ولفت ان فاوينسا الذي وصل الى كييف في زيارة رسمية كان تلقى رسالتي دعوة: واحدة من الرئيس كوتشما والثانية من يوتشينكو. ودعا فاوينسا طرفي النزاع الى اجراء مفاوضات علنية للبحث عن تسوية مقبولة للازمة، ووصف الاوضاع في اوكرانيا بأنها اسوأ ازمة تقع في الفضاء السوفياتي السابق منذ تفكك الاتحاد. وفي برلين، دعا وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر إلى مراجعة الانتخابات الاوكرانية، معتبراً أنه إذا كانت هناك "عمليات تزوير، فلا يجب استبعاد خيار إجراء انتخابات أخرى". وأجرى المستشار الالماني غيرهارد شرودر اتصالاً هاتفياً بالرئيس الروسي لابلاغه بمخاوفه في شأن أزمة الانتخابات الاوكرانية. استقالة احتجاجية أمام ذلك، استقال اوليه هايدوك نائب وزير الاقتصاد الاوكراني من منصبه امس، بسبب خلافات مع السلطات، ليكون اول مسؤول حكومي رفيع يترك منصبه بعد الانتخابات المثيرة للجدل. وقال هايدوك: "عندما لا تعترف الاسرة الاوروبية بنتائج الانتخابات فأي نوع من التكامل الاوروبي يمكننا الحديث عنه؟ هذا موقفي كمواطن. كتبت خطاب استقالة امس والآن أنا أؤكده".