استغلت واشنطن موافقة الدول الأعضاء في نادي باريس أول من أمس على شطب 80 في المئة من الديون العراقية، لدعوة الدائنين الآخرين، وغالبيتهم من دول الخليج والاتحاد السوفييتي السابق، الى اتخاذ خطوات مماثلة. وتزامن ذلك مع اعلان موسكو أنها تتوقع حصة في اعادة اعمار العراق بعد موافقتها على الاتفاق. وصرح رئيس نادي باريس جان - بيير جويه بأنه"بات من الضروري الآن للدائنين الآخرين أن يقوموا بالشيء ذاته تجاه العراق"، في اشارة الى دول الخليج والصين وعدد من الجمهوريات السوفياتية السابقة. واعتبر وزير الخزانة الأميركية جون سنو أنه"بهذا الاتفاق، نتطلع الى أن تتخذ الدول الأخرى الدائنة غير الأعضاء في نادي باريس خطوات مماثلة". وأضاف ان"هذا يعطي الأمل والوعد للشعب العراقي بأن في امكانه اعادة بناء اقتصاده". في هذا الاطار، وصف وزير المال العراقي عادل عبدالمهدي الاتفاق بأنه"تاريخي"، واعتبره"ضرورياً للاستقرار"في العراق. وأوضح"انه اتفاق تاريخي حصلنا عليه من الدائنين في نادي باريس. ويدل على أن المجتمع الدولي واع للضرورة الملحة للعراق للسير في شكل جيد في برنامجه المكثف لاعادة الاعمار". وأضاف الوزير العراقي أن"لا بد من شطب غالبية الديون التي تكدست من عهد الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين قبل تنفيذ هذا البرنامج وهو شرط أساسي لاستقرار العراق". وجاء في بيان للنادي أول من أمس أن الاتفاق يهدف الى ضمان أن يُخفض الدين في شكل مستمر على المدى الطويل. وأضاف البيان أنه اذا تم الايفاء بكل الشروط فسينخفض دين العراق للدول الاعضاء في النادي الى حوالي 7.8 بليون دولار في نهاية فترة الثلاثة أعوام. وكان التردد الروسي في شطب ديون العراق أعاق اعلان النادي، لكن وزير المال الروسي اليكسي كودرين أعلن في موسكو أنه سيكون"من المفيد"تمكين العراق من تحقيق الانتعاش حتى يستطيع البدء في اعادة دفع خدمة ديونه. وأكد للصحافيين أنه"لم يقم العراق حتى الآن بسداد خدمة ديونه"، مضيفاً أنه في مقابل تخفيف الديون، تتوقع موسكو منحها دوراً في اعادة اعمار العراق. وأكد أن"روسيا تتوقع المشاركة في العقود لاعادة بناء الاقتصاد العراقي وتطوير موارده الطبيعية". ومن بين الدول الاعضاء في النادي التي وافقت على تخفيض الديون، استراليا والنمسا وبلجيكا وبريطانيا وكندا والدنمارك وفنلندا وفرنسا والمانيا وايطاليا واليابان وهولندا وروسيا وكوريا الجنوبية واسبانيا والسويد وسويسرا والولايات المتحدةد وبموجب التسوية التي تم التوصل اليها سيشطب حوالي 30 في المئة من الديون على الفور. وفي المرحلة الثانية، يشطب حوالي 30 في المئة اضافية من الدين بشرط التزام العراق الشروط التي حددها برنامج صندوق النقد الدولي. أما في المرحلة الثالثة، فيشطب 20 في المئة من الديون اعتماداً على نجاح البرنامج في شكل عام. في هذا السياق، شكك خبير اقتصادي معروف في صدقية مديونية العراق التي تدعي دول نادي باريس أنها تبلغ 42 بليون دولار. وأوضح أستاذ مادة"الاقتصاد والمال"في جامعة بغداد همام الشماع أن العراق كان في نهاية عام 1990 مديناً بمبلغ 22 بليون دولار كديون تعاقدية عبر الجهات الاقتصادية في الدول الأعضاء في نادي باريس وبعض دول أوروبا الشرقية سابقاً، لافتاً الى أن ما يدور الحديث عنه في شأن مديونية مقدارها 42 بليون دولار لدول نادي باريس هي معظمها فوائد وفوائد تأخيرية احتسبها الطرف الدائن. وأكد ضرورة مناقشة مشروعية احتساب هذه الفوائد على دولة كانت ترزح تحت عقوبات دولية. وأشار الشماع الى أنه كان على الأممالمتحدة أن تتيح للعراق تصدير كميات اضافية من النفط بغرض خدمة هذه الديون. وأضاف أن الأرصدة المجمدة للعراق"لم تحتسب عليها فوائد خلال فترة الحصار ولذلك فإن مبلغ ديون نادي باريس التي ستخفض بنسبة 80 في المئة هو غير صحيح لأن ما خفض مبالغ فيه أصلاً ولم تناقش مشروعيته اقتصادياً وقانونياً وسياسياً".