خلافا لإعتقادات وتمنيات شاعت اخيراً بأن أحلام المحافظين الجدد غرقت في المستنقع العراقي، تسود في اوساط اليمين المتشدد اجواء احتفالية وسط توقعات بإستكمال الانقلاب على آخر معاقل البراغماتية والاعتدال في كل من وزارة الخارجية ووكالة الاستخبارات المركزية بعدما "استقيل" كولن باول وجورج تينيت. ومن المتوقع ان تشهد وزارة الخارجية 47 ألف موظف، في غضون الاسابيع والاشهر المقبلة، عملية "تطهير" مؤسسي بعد خروج باول ونائبه ريتشارد ارميتاج وتعيين مستشارة الامن القومي كوندوليزا رايس على رأس هرم الديبلوماسية الاميركية. وبدأت في "سي آي اي" عملية التطهير مبكراً بإستقالة - اقالة المسؤولين من الصف الثاني، بمن فيهم معظم فريق العمليات الخارجية، انسجاماً مع قاعدة "الولاء" للإدارة التي ارساها عضو مجلس النواب بورتر غوس، الذي عينه بوش إثر مغادرة تينيت. وقالت مصادر موثوق بها ان مساعد وزير الخارجية لشؤون التسلح والامن، جون بولتون، المحسوب على المحافظين الجدد، سيتسلم منصب نائب وزير الخارجية، فيما رشحت لمنصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى الباحثة دانييل بليتكا، نائبة رئيس مؤسسة "اميركان انتربرايز"، معقل المحافظين الجدد المؤيدين لإسرائيل. وقالت مصادر وزارة الخارجية ل "الحياة" ان نائب الرئيس ريتشارد تشيني "يعمل بنشاط لضمان تقدم المحافظين الجدد في مختلف دوائر الادارة، فيما يتم استبعاد او تهميش المسؤولين المخضرمين الذين يمثلون التيار المعتدل". ووصفت ما جرى ويجري في وزارة الخارجية بأنه "انقلاب حقيقي وشامل" في المواقع العليا للوزارة، ما ينذر ب "سلسلة تغييرات في السياسة الخارجية حول العالم". واشارت المصادر الى ان التغيير "لن يطاول وزارة الدفاع التي يسيطر عليها المحافظون الجدد اصلاً، بإستثناء احتمال ترفيع نائب وزير الدفاع بول ولفوفيتز ليحل محل رئيسه الوزير دونالد رامسفيلد الذي قد يغادر العام المقبل". ويتوقع في ظل التغييرات الجارية ان يواجه بوش تحديات من داخل حزبه من جانب المحافظين القدامى مثل مستشار الامن القومي الاسبق برنت سكوكروفت ووزير الخارجية الاسبق جيمس بيكر، اذ يعتبران ان نهج المحافظين الجدد يمثل "كارثة" لمصالح اميركا حول العالم. ويستبعد ان يتمكن الديموقراطيون من التأثير في السياسة الاميركية الخارجية في ضوء سيطرة الجمهوريين على مجلسي الكونغرس فضلاً عن البيت الابيض.