روت مصادر فلسطينية موثوق بها تفاصيل ما جرى الاحد في مدينة غزة من اطلاق نار ومشاهد فوضى عند سرادق العزاء بالرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي اقيم على ارض مهبط مروحيته على بعد نحو مئتي متر من مقره "المنتدى" على شاطىء البحر. وأوجزت المصادر ما حدث بأنه ناجم اساساً عن صراع قوى داخل حركة "فتح" وعدم ثقة بوزير الشؤون الامنية السابق محمد دحلان وصراع بين الاجهزة الامنية، اي بين تلك الموالية لعرفات ونهجه والاخرى المعارضة له. وقالت المصادر ان رئيس منظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس ابو مازن كان وصل الى السرادق يرافقه عدد من حرس الرئيس الراحل، كما كان وصل ناصر القدوة ممثل فلسطين لدى الاممالمتحدة ابن شقيقة عرفات، كذلك اللواء موسى عرفات القدوة قائد جهاز الاستخبارات العسكرية وهو من ابناء عمومة الرئيس عرفات، ورؤساء اجهزة الامن الاخرى، اضافة الى شخصيات وطنية وشعبية بارزة. واضافت المصادر ان دحلان، وهو رئيس سابق لجهاز الامن الوقائي في قطاع غزة، وصل بعد ذلك وترجل من سيارة "مرسيدس" مصفحة وعندما دخل الى السرادق ظهر حوالي ثلاثين مسلحاً كانوا سافري الوجوه ويعتمرون كوفيات مماثلة لكوفية عرفات وهتفوا بشعارات تتهم دحلان و"ابو مازن" بالعمالة للاميركيين "ابو مازن ودحلان عملا للاميركان"، محذرين من الانحراف عن نهج الرئيس الراحل عرفات واخذوا يطلقون النار على نحو لا يعكس نية لاغتيال احد وانما بقصد تسجيل موقف، ولكن النيران والرد عليها أسفرت عن مقتل اثنين من حراس "ابو مازن" حرس عرفات واصابة تسعة اشخاص بجروح. ويبدو ان السجع أوحى لمتظاهرين من طلبة جامعة بير زيت تظاهروا في رام الله الأحد ايضاً بهتافات اخرى موجهة ضد "ابو مازن" ودحلان منها "قل اعوذ برب الناس، من دحلان ومن عبّاس" و"ابو عمّار هو الأساس، لا دحلان ولا عبّاس". وقالت مصادر مطلعة في مدينة غزة تحدثت اليها "الحياة" هاتفياً من لندن ان عباس الذي رشحته اللجنة المركزية لحركة "فتح" للرئاسة في الانتخابات المقبلة، وإن كان يحظى باحترام اعضاء اللجنة، لا يملك قاعدة قوة مسلحة او شعبيةً على مستوى الشارع في الاراضي الفلسطينية وصار كثير الظهور مع دحلان الذي لا يزال له نفوذ واسع على جهاز الامن الوقائي، وبات اسماهما مقترنين في اذهان الناس "الذين لا يكنون محبة لدحلان" حسب المصادر. واوضحت المصادر ان المسلحين الذين هتفوا ضد دحلان وعباس عند سرادق العزاء هم من كوادر كتائب شهداء الاقصى التابعة ل "فتح" من الجناح الذي يقوده احمد حلّس امين سر حركة "فتح" في قطاع غزة ومعه عضو اللجنة الحركية العليا دياب اللوح. وثمة تيار منافس، على صعيد "فتح" في قطاع غزة، له جناح مسلح من "كتائب الاقصى" ايضاً يسيطر عليه سمير مشهراوي "المتحالف مع دحلان، او بالاحرى الموالي له"، على حد قول المصادر. وزادت المصادر ان اطلاق النار عند السرادق أدى الى هرب الموجودين داخل السرادق خوفاً من ان يصيبهم الرصاص وان سيارة دحلان حطمت واحرقت خلال الفوضى التي اعقبت اطلاق النار فدفعه حراسه الى داخل سيارة "جيب" تابعة لوكالة "رويترز" للانباء وانطلقوا به بعيداً عن المكان. وقال دحلان امس في حديث الى قناة "العربية" التلفزيونية رداً على سؤال هل وراء الحادث مجموعة تعارض عباس: "هذا ليس صحيحاً. هذه عصابة مسلحة مرتزقة منتفعة من الفوضى التي كانت على مدى السنوات الماضية". واوضح "ان المؤسسة الامنية تدرك خطورة المرحلة وانا ادرك ان الاخوة في الاجهزة الامنية بلا استثناء يعرفون الاسماء بالتفصيل ويعرفون الاشخاص. ولا يحتاج الامر الى دلائل قاطعة اكثر من الصور". وزاد "ان الاسماء والاشخاص والصور واضحة. فمن افتعلوا هذه الازمة ... ليسوا كتائب شهداء الاقصى وليسوا اي نوع من الكتائب التي شاركت في مقاومة الاحتلال على مدى السنوات الماضية. انهم مجموعة من المنتفعين الذين لا يروق لهم ان تنتقل السلطة بشكل مشرف وهادىء أثار اعجاب المجتمع الدولي وأثار اعجاب جميع المراقبين". لكنه اضاف انه لا يريد استباق التحقيق، مشيراً الى ان "هناك لجنة تحقيق امنية يرأسها الاخ عبد الله الافرنجي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح" تتولى الامر".