مع بدء العد التنازلي للمهلة الممنوحة لرئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس ابو مازن من اجل عرض تشكيلته الحكومية على المجلس التشريعي لنيل الثقة بحلول الاربعاء المقبل، تفجرت الخلافات مجدداً بين "ابو مازن" والرئيس ياسر عرفات في شأن دور الرئيس السابق لجهاز الامن الوقائي في قطاع غزة العقيد محمد دحلان في التشكيلة الجديدة. جاء ذلك في وقت نفت مصادر امنية فلسطينية رفيعة المستوى ان تكون السلطة انشأت "جهازاً امنياً جديداً" مهمته محاربة الاجنحة المسلحة للمعارضة الفلسطينية، وقالت ل"الحياة" ان هذه تسريبات تهدف الى العبث في الساحة الفلسطينية. راجع ص 8 وكانت مصادر اسرائيلية ذكرت ان ضابطين فلسطينيين برتبة عقيد، يساعدهم اربعة ضباط مصريين، يعملون على تأسيس "جهاز امني جديد لمحاربة الفصائل الفلسطينية التي لا تخضع لسيطرة السلطة". واشارت صحيفة "يديعوت احرونوت" ان هذا الجهاز "خطوة تمهيدية" لحكومة ابو مازن "التي من المفترض ان تحارب الفوضى الامنية في السلطة"، موضحة ان الحديث يجري عن "حركة المقاومة الاسلامية" حماس و"الجهاد الاسلامي" و"الجبهة الشعبية"، اضافة الى "كتائب شهداء الاقصى" التابعة لحركة "فتح" اذا رفض اعضاءها السياسة الرسمية للحركة. وتابعت أن جزءاً من هذه التدريبات يجري في محيط "المقاطعة"، مقر الرئيس ياسر عرفات. وتزامن الحديث عن هذا الجهاز الامني مع استمرار المشاورات من أجل تجاوز الخلافات التي تعوق تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة. فبعدما توصل ابو مازن وعرفات واعضاء في اللجنة المركزية لحركة "فتح" وممثلون عن المجلس التشريعي الى حل معظم الخلافات في شأن شخوص هذه الحكومة، باستثناء المنصب الذي سيتولاه دحلان، تفجرت الخلافات مجدداً وأُلغي اجتماع كان مقرراً مساء الجمعة بين عرفات و"ابو مازن" وأطراف لجنة الوساطة التي تضم أعضاء في مركزية "فتح"، فيما ترددت أنباء عن عقد اجتماع للمجلس المركزي الفلسطيني مساء أمس لاقرار التشكيلة قبل عرضها على التشريعي خلال الايام الثلاثة المقبلة. ويواجه الرئيس الفلسطيني ضغوطاً هائلة من اكثر من طرف من اجل تمرير حكومة "ابو مازن" الذي استجاب عدداً من مطالب الرئيس، واجرى تعديلات على اللائحة الاولية لاعضاء حكومته، فأسند حقائب وزارية محددة لبعض الوزراء المقربين من عرفات من امثال صائب عريقات وياسر عبد ربه والسيدة انتصار الوزير، فيما اعاد حقيبة التجارة والاقتصاد الى الوزير الحالي فيها ماهر المصري بناء على طلب عرفات. ولا يزال الرئيس يعترض على تعيين دحلان في اي منصب امني رفيع، علماً بأن "ابو مازن" عين في الصيغة الاولية لحكومته دحلان وزير دولة للشؤون الداخلية، غير ان عرفات، يسانده عدد من اعضاء مركزية "فتح"، يعارض هذا التعيين الذي يعتبره التفافا على قرار اللجنة ذاتها باقصاء دحلان عن منصب امني رفيع. وعلى رغم ذلك، تبقى المسؤولية الامنية في الحكومة الجديدة محورية، اذ تنتظر الاطراف الدولية عموماً واسرائيل خصوصاً ان تعمل حكومة "ابو مازن"، الذي احتفظ لنفسه بحقيبة الداخلية، على وقف المقاومة المسلحة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي كأحد طرفي خيط المعادلة الفلسطينية مستقبلاً، فيما الطرف الثاني يمسكه وزير المال سلام فياض الذي يحظى، كما "ابو مازن"، بدعم دولي بسبب اجراءات الاصلاح التي ادخلها على النظام المالي منذ توليه مهمات منصبه في الحكومة الاصلاحية السابقة. وذكرت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية ان الادارة الاميركية نقلت رسائل الى "ابو مازن" تطلب منه فيها "عدم الرضوخ لضغوط عرفات" في شأن التشكيلة الحكومية و"استغلال المساندة الدولية الواسعة التي يحظى بها".