لم تنتظر شركات السياحة ووكلاء السفر في السعودية مفاجأة أي عميل بطلب برنامج أو عرض لقضاء إجازة عيد الفطر. وبدأ عدد منها الإعلان مبكراً عن برامجه وعروضه. وتبلغ إجازة عيد الفطر الرسمية، لغالبية السعوديين من موظفي القطاع الحكومي والطلاب والطالبات، نحو إسبوعين تقريباً. ويُستثنى من هذه الإجازة الطويلة نسبياً موظفو شركات القطاع الخاص والمصارف الذين يتمتعون بإجازة قصيرة عادة. والواقع أن قضاء إجازة عيد الفطر بالسفر إلى الخارج"ظاهرة جديدة"اجتاحت السوق، وحتى أعوام عدة ماضية لم يكن السفر في اجازة العيد منتشراً بين السعوديين إلى حد كبير سوى لدى شريحة ضئيلة من بين ذوي الدخل المرتفع. لكن ثمة تغيرات عدة منها إقتصادية وإجتماعية شهدها المجتمع السعودي في الفترة الماضية جعلت من السفر في الإجازات خياراً إن لم يكن مطلباً حتمياً، وافرزت تطورات وخبرات غير تقليدية رغبة جامحة في الخروج عن انماط العيش التقليدية أو الرتيبة. وتتمثل هذه التطورات بشكل كبير في الجيل الثاني من الإسر والعائلات والأفراد من ذوي الدخل المتوسط نسبياً التي تلقت مثلاً بعض تعليمها في الخارج أو أخرى تلقت خبرات من السفر والعمل الخاص. ونتيجة لذلك لم تعد مسألة قضاء الإجازات قراراً عشوائياً قابلاً للاجتهاد الشخصي بل أصبح ضرورة لإشباع بعض الحاجات الإنسانية أبرزها: الإبتعاد عن ضغوط العمل وتغير نمط الحياة، والراحة والإسترخاء وتحقيق أعلى درجات من الصحة النفسية، وتطوير مهارات الفرد وإدراك مهارات جانبية، وتوسيع آفاق الإدراك والمعارف، وزيادة درجة المشاركة الإجتماعية، وتجديد النشاط الحيوي والنفسي والفكري. وثمة أمر آخر، لعب دوراً كبيراً في إيجاد عمق في سوق سفر السعوديين في إجازة عيد الفطر، وهو التغير في مواعيد الإجازات الرسمية للأعياد والمناسبات الرسمية مثل الأعياد وعطلات المدارس وعيد الأضحى ونصف العام وغيرها، وأصبح بإمكان السعوديين معرفة هذه المواعيد للسنوات الخمس المقبلة، وبالتالي اصبح بالإمكان التخطيط مبكراً للإجازة وهو الأمر الذي لم يكن متاحاً من قبل. ونتيجة لذلك اصبح ايضاً بإمكان شركات التخطيط المبكر وتنفيذ البرامج أو المعروفة بإسم"حزمة السفر"الإعلان عنهاً ايضاً قبل فترة الاجازة بوقت طويل وتسويقها بين الراغبين في السفر. وساهم الإعلان المبكر عن هذه البرامج والعروض في ايجاد ما يشبه إثارة الاهتمام. ومن لم يكن يفكر بالسفر تصبح الفكرة أمامه حين يقرأ الإعلانات والعروض في الصحف والمجلات. وعند الحديث عن العروض والبرامج واسعارها يصبح القاسم المشترك بينها تذكرة السفر على الدرجة السياحية والاقامة في فنادق من فئة خمسة او اربعة نجوم او شقق مفروشة والافطار والتنقل في رحلتي الوصول والمغادرة. وعلى سبيل المثال فان كلفة برنامج قضاء اسبوع للشخص الواحد في القاهرة او بعض مدن الساحل تراوح بين 25 و30 الف ريال ويكلف السفر الى محطتي دبي وبيروت بين 3500 و4500 ريال، وتقدم الشركات اسعاراً خاصة للعائلات التي يرافقها الاطفال الذين تقل اعمارهم عن 12 عاماً. ويقول الخبير السياحي السعودي ياسين السرور ان"السعوديين يبحثون عن المحطات التي تشبع حاجتهم في الاجازة القصيرة بقضاء اوقات ممتعة وبأسعار جيدة. وتبدأ عملية البحث عن المكان المناسب لقضاء الاجازة من اختيار المحطة والطقس واسعار الفنادق او الشقق السكنية. ووجود مهرجانات تسوق يحفز في تفضيل محطة عن غيرها كما ان اسعار التذاكر وساعات السفر لها اعتبارها"، ويضيف ان"هذه العوامل ساعدت شركات السياحة في تحديد وجهات السفر، وأصبحت كل العروض تقريباً تنصب في ثلاث محطات رئيسية هي: القاهرة، وبيروت، ودبي وان شهدت في الآونة الاخيرة دخول محطة ماليزيا كمنافس جديد". واكتشفت شركات الطيران انه يمكنها الدخول في سوق الاعياد واقتطاع حصة منه، ومن هنا جاءت عروض"مصر للطيران"و"طيران الشرق الاوسط"و"المغربية"و"الخطوط التونسية"وتبعتها ايضاً"القبرصية"و"البريطانية". واشار محمود طهيو مدير"مصر للطيران"في جدة، الى ان تعاون شركات الطيران مع وكلاء السياحة في السعودية في الآونة الاخيرة، ساهم في تقليص بعض الخسائر، اذا صح التعبير، التي كان يتكبدها بعض شركات الطيران بسبب ضعف الطلب على بعض المحطات، وتم لهذا الغرض تصميم"برامج سفر"كثيرة بالتنسيق مع الفنادق ومراكز الشقق المفروشة في المحطات العربية والدولية تتناسب مع ضيق وقت الاجازة وحاجة السوق وشركات الطيران لدعم مركزها في السوق. واوضح إن"مصر للطيران"قررت أن تكون صاحبة التسويق في بعض العروض، ومنها عروض عيد الفطر، ويمكن للوكالات السياحية في السعودية الحصول عليها بالتنسيق معها، رغبة منها في ضبط السوق مبكراً وعدم السماح بقيام منافسة سعرية تنعكس سلباً على البرنامج اخيراً.