أثارت ناحية اللطيفية التي تقع على بعد 40 كيلومتراً جنوببغداد وتتبع ادارياً محافظة بابل الاثرية، اهتمام وسائل الاعلام في الاونة الاخيرة بسبب ما تشكله من خطورة على سالكي الطريق من والى العاصمة العراقية باعتبارها نقطة العبور الرئيسية الى محافظاتالجنوب. وكانت هذه المنطقة الشهيرة ببساتين النخيل والحمضيات وتمتهن غالبية سكانها الزراعة، احدى المناطق التي تعيش فيها غالبية سنية مع وجود اعداد قليلة من الشيعة، وتشكل عشيرة الجنابات السواد الاعظم من سكانها. وترتبط اللطيفية بطريق خلفي مع مدينة الفلوجة حيث يتنقل المسلحون بين المدينتين مستغلين غياب القوات الحكومية على هذا الطريق. وبعد سقوط النظام السابق في 9 نيسان ابريل 2003، لم يبد سكان المدينة مقاومة أو تمرداً الا ان تغلغل التيارات السلفية في هذه المنطقة شكل انعطافاً في وضعها، اذ تم تشكيل خلايا مسلحة متعددة تمكنت من فرض سطوتها على اجزاء مهمة من المدينة الصغيرة، وباتت البساتين المحاذية لطريق الفلوجة مقراً لعناصرها الذين انضم اليهم الكثير من ضباط الجيش والاستخبارات السابقين. ويقول أحمد العبيدي أحد سكان المنطقة: "يأتي المسلحون بسرعة وهم يستقلون سيارات حديثة ويعمدون إلى قطع الطريق الرئيسي والاعتداء على اصحاب السيارات وركابها موجهين لهم تهديدات ومتوعدين بالعودة الى السلطة". وتجتهد الحكومة العراقية الموقتة في إيقاف تجاوزات هذه الجماعة المسلحة في منطقة شهدت عمليات خطف وقتل للصحافيين والمسؤولين الحكوميين، وكان موكب رئيس المؤتمر الوطني العراقي احمد الجلبي العائد من النجف تعرض الى هجوم مسلح استهدف تصفيته، واختطف الصحافيان الفرنسيان من قبل "الجيش الإسلامي" الذي يتخذ من هذه المنطقة معقلاً له، كما اغتيل اخيراً احد رجال الدين الشيعة وهو السيد بشير الجزائري مع اثنين من مرافقيه وحرقت سيارته. وقال اهالي المنطقة ان المجموعات المسلحة تحاول عبر استخدامها القوة الى تهجير السكان الشيعة من اللطيفية وجوارها، ويقول السيد محمد تقي الطالقاني عالم الذرة العراقي الذي قام مسلحون بقتل شقيقه حسين في هذه المنطقة: "ان الجماعات المسلحة قامت بتهديدنا لترك المنطقة واخلاء الجامع الذي بناه والدي وهو احد رجال الدين الشيعة، وعندما نقلنا أثاث البيت تابعتنا سيارة تضم مسلحين معروفين بأسمائهم وانتمائهم الى الحركة السلفية، وقاموا باطلاق النار على شقيقي وقتلوه"، واضاف: "نحن مهددون باستمرار من قبل هذه الجماعات على رغم تركنا المنطقة". ويبدو واضحاً ان الهاجس الطائفي هو عنوان اساسي في عمل هذه الجماعات المسلحة، والتي تنعكس في الشعارات والعبارات التي خُطت على جدران ابنية اللطيفية وتشكل مضامينها اثارة للفتنة، على شاكلة: "لا سيستاني ولا علاوي نعم نعم زرقاوي"، وتواجه الحكومة في هذه المنطقة مهمة صعبة قد لا تقل عن مشكلة الفلوجة.