كثفت اسرائيل حملتها الاعلامية ضد وكالة الاممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين اونروا ومفوضها العام بيتر هانسن من خلال المطالبة العلنية بإقصائه عن منصبه، في ما اعتبره مراقبون "سابقة خطيرة" تحاول اسرائيل من خلالها فرض املاءاتها لتحديد موظفي الاممالمتحدة العاملين في الاراضي الفلسطينية المحتلة. ويأتي ذلك غداة طلب "اونروا" اعتذارا رسميا من اسرائيل عن "الاتهامات الكاذبة" باستخدام مسلحين فلسطينيين سيارات اسعاف تابعة ل "اونروا" لنقل صواريخ "القسام" في مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين. وقالت مصادر ديبلوماسية ل"الحياة" ان الهجوم الشرس الذي تشنه اسرائيل على "اونروا" يأتي في اطار حملة اعلامية منظمة ل"الانتقام" من المفوض العام للمنظمة الذي عرف بصراحته خلال نقل مشاهداته للواقع الفلسطيني رغم الاحتجاجات الاسرائيلية التي بلغت حد "التهديد" بالعمل على إقالته من منصبه. وقدم ممثل اسرائيل لدى الاممالمتحدة دان غيلرمان مساء امس "الطلب" الى الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان. واشارت مصادر اسرائيلية الى مقابلة صحافية اجراها المسؤول الأممي مع صحيفة "هيراليد ترابيون" اخيرا استنكر فيها الاعتداءات الاسرائيلية على الفلسطينيين، والى تقرير رفعه الى الاممالمتحدة عن عمليات هدم المنازل المنظمة الذي تقوم بها اسرائيل في رفح ومخيمها جنوب قطاع غزة وتداعياتها على المدنيين. وكان هانسن وطاقم من موظفي "اونروا" اوضحوا في مؤتمر صحافي عقدوه في غزة الصورة الجوية التي التقطتها طائرة اسرائيلية من دون طيار لسيارة اسعاف تابعة ل"اونروا" تشير الى كذب الرواية الاسرائيلية بأن احد المسلحين الفلسطينيين أدخل صاروخاً في السيارة. وتظهر الصورة التي بثها التلفزيون الاسرائيلي بالاسود والابيض رجلاً يحث السير ويرمي ب"شيء" بخفة الى داخل السيارة. واوضح هانسن في مقابلة خاصة مع "الحياة" من القدس انه لا يوجد مجال للشك بأن ما رمي داخل سيارة الاسعاف ليس سوى "حمالة" لاسعاف الجرحى لا يتجاوز قطرها خمسة سنتمترات بينما يترواح قطر صاروخ "القسام" 17 سنتمترا. الصورة تظهر قطعة قماش. واضاف انه "وفقا لمعلوماته التي استقاها من موقع الكتروني فإن وزن الصاروخ يصل الى نحو 50 كلغ لا يستطيع أحد ان يحملها بيد واحدة ويمشي بهذه السرعة حتى لو كان العملاق جالوت". وفي رده على سؤال عن "الدوافع الاسرائيلية" لشن هجوم على المنظمة، قال هانسن ل"الحياة": "لا أعرف ما هي دوافعهم ولكن الواضح ان اتهاماتهم غير صحيحة. ومن المحظور اطلاق اتهامات لا يوجد اي اثبات لصحتها". وعما اذا كانت اسرائيل تستهدفه شخصياً منذ تصريحاته الشهيرة بعد مجزرة مخيم جنين في العام 2002، قال هانسن: "يبدو لي ذلك، وان كنت لم أتحدث مع غيلرمان والمسؤولين الاسرائيليين الآخرين شخصياً، خصوصاً ان الحملة هذه بدأت بعد الانتقادات التي وجهتها للجيش الاسرائيلي على قتل الاطفال، لا سيما الطفلة الفلسطينية من خان يونس التي قتلت وهي على مقعد الدراسة". وحول المضايقات التي يتعرض لها موظفو "اونروا" خلال أداء مهامهم، قال هانس ان "العراقيل التي تضعها السلطات الاسرائيلية امام طاقم العاملين تمنع تقديم المساعدة لمئات الاف اللاجئين الفلسطينيين. نعاني من صعوبات جمة، اذ لا يسمح لنا بالتحرك بحرية كما تنص على ذلك مواثيق الاممالمتحدة والتي تفرض على اسرائيل بصفتها الدولة المحتلة تسهيل مهمتنا الانسانية". واورد مثالا على ذلك انه "منذ ايام لا يستطيع 700 من موظفي اونروا في مدينة غزةوجنوب القطاع التحرك والتنقل وهذا يعني نقصاً هائلاً في العيادات والمدارس التي تديرها الوكالة، يضاف الى ذلك الصعوبات في تنقل موظفي اونروا الاجانب بين مقارها في المنطقة خصوصا الى عمانوالقدس. نحن بحاجة الى الحركة لأداء مهمتنا والسلطات الاسرائيلية تضع عراقيل تتجاوز ما هو ضروري وفقا لاعتباراتها العسكرية والامنية". ونفى هانسن بشدة ما نسب اليه بشأن "وجود اعضاء من حركة حماس على لائحة رواتب اونروا" وقال ل"الحياة" ان ما قاله في مقابلة مع تلفزيون "سي بي اس" الكندي ان "الوكالة لا تفتتش عن قناعات موظفيها الشخصية ولا انتماءاتهم السياسية ولا مع من يتعاطفون، ولكنها تطلب منهم وتحاسبهم على الالتزام بقواعد عمل الوكالة وحيادها في عملها الانساني. وتشدد على عدم انخراط اي من موظفيها في حزب سياسي، وترفض تشغيل اي شخص يقوم بأعمال عنف لان ذلك يتعارض ومهمتنا الانسانية".