المؤلف هو الإمام احمد بن الحسين بن هارون، ينتهي نسبه الى الإمام الحسن بن علي بن ابي طالب عليهم السلام. ولد بطبرستان وتعرف اليوم بمازندران على بحر قزوين من شمال ايران عام 333م. ونشأ نشأة علمية متلقياً عن ابرز علماء عصره نحو الإمام ابي العباس الحسني، والشيخ ابي الحسين البصري، والقاضي عبدالجبار الهمداني وغيرهم حتى اصبح من اعلام عصره. كما اخذ عنه الكثير من الأعلام نحو الإمام الحسين بن اسماعيل الجرجاني، والإمام احمد بن ابي هاشم الملقب بمانكديم. تولى امر الإمامة على طريقة الزيدية عام 380ه، وتلقب بالمؤيد بالله، حتى توفاه الله عام 411ه. اشتهرت سيرته بالعدل وحياته بالزهد، وعُد من ابرز ائمة اهل البيت وأعلامهم. له مؤلفات عدة منها "شرح التجريد" في الفقه، و"سياسة المريدين" في الزهد، وهذا الكتاب "إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم". طبع الكتاب مرتين، في عام 1979، وفي 2003م. والطبعة الأخيرة لم تعتمد إلا على نسخة واحدة تعود الى عام 551 ه. وهي في نحو 270 صفحة. عمد الكتاب الى إثبات وقوع مجموعة من الأمور: ان النبي ادعى انه نبي مرسل من الله تعالى، وأن الله اظهر على يديه اموراً لا يقدر عليها إلا هو وذلك ليثبت للناس انه صادق، وأن النبي تحداهم بأن يعارضوه بأن يأتوا بمثل تلك الأمور، وأن هذا التحدي قد بلغ الناس عموماً، وأن العجز عن معارضته يدل على ان تلك الأمور خارجة عن مقدور البشر، وأن الناس قد عجزت منذ ذلك اليوم وإلى اليوم عن المعارضة. وقد اكد الإمام ان المعجزة لا معنى لها ما لم نؤمن بأن الله تعالى عدل حكيم، فلا يسمح لما هو خارج عن قدرة الناس ان يظهر على يد مدع، وبالتالي مهما وجدت المعجزة عُلم انها إنما وقعت من الله تعالى على يد من اظهرها إثباتاً لنبوته. وقد تناول الإمام المعجزات من خلال محورين اساسيين: المحور الأول تناول فيه القرآن الكريم باعتباره المعجزة الباقية بين ايدينا والخالدة بإعجازها لكل من يأتي من البشر. وقد استغرق ثلثي الكتاب فيه. وفي سياق بحثه عن القرآن بين الإمام ان المعجزات نوعان: منها ما كان جنسها مستحيلاً على البشر نحو إحياء الموتى، وقلب العصا الى حية. ومنها ما كان جنسها ممكناً للبشر نحو القرآن الكريم. فالقرآن من الكلام، والكلام مقدور للبشر، ولكن المستحيل عليهم هو الإتيان بكلام من نوع أو صفة الكلام القرآني. وبسبب الفرق بين النوعين لم يكن كافياً في إثبات نبوة النبي إثبات انه اتى بالقرآن وأنه تحدى العرب الى ما هنالك فقط، بل كان لا بد من إثبات ان الصفة التي وقع عليها القرآن الكريم معجزة للبشر، وأيضاً بيان وجه الإعجاز القرآني. وقد أطال الإمام في هذه الأمور مشيراً الى مسائل ذات اهمية اذكر منها مثل: لا يشترط في كلام الله ان يكون معجزاً مثل التوراة والإنجيل، وإنما القرآن بخاصة كان كلام الله تعالى، وكان معجزاً. هناك امور قد يتعذر الإتيان بمثلها ولكنها ليست معجزات. ان عامة الناس يمكن ان تعرف ان القرآن معجز مع جهلها بطرائق العرب، وبوجوه إعجاز القرآن، فيكفيها ان تعرف ان الأعلم لغة، والأفصح بياناً كان وما زال عاجزاً عن الإتيان بمثله. ذكر بعض ما ينسب لابن المقفع من محاولته معارضة القرآن الكريم، وناقش تلك النصوص بلاغياً، مقارناً بينها وبين الآيات القرآنية التي اقتبسها ابن المقفع. كما ذكر ما ينسب لمسيلمة الكذاب مبيناً أنها لم تأت على سبيل معارضة فصاحة القرآن، فهي من الركة بحيث لا يمكن أحداً ان يدعي ذلك، وإنما أتت من مسيلمة على سبيل ادعاء الوحي. ومن اهم ما بحثه هو موضوع الصرفة وموضوع النظم. فقد اشار الى خلاف اهل العلم حول ماهية الإعجاز في القرآن، فلخصها في ثلاثة آراء: 1- الصرفة: وهي ان الله صرف البشر عن الإتيان بمثل هذا القرآن مع قدرتهم عليه. 2- الفصاحة: وهي بلوغ القرآن اعلى مراتب الفصاحة والتي لا يمكن البشر الوصول إليها. 3- الفصاحة والنظم: وهي ان القرآن مع فصاحته إلا ان طريقة نظم كلماته وترتيب آياته ايضاً معجزة، فلا يستطيع البشر ذلك.